أحيانًا تكون الفكرة المراد نشرها بين الناس كالحجر الثقيل من الصعب تحريكها، ومن الصعب أن يحتضنها الناس أو يتبنوها.. وأحيانًا تكون «لينة» و«طيعة» بحيث يسهل تحريكها، ويسهل دفع الناس إلي الإحساس بها، وإلي تقبلها.. وليس هناك عامل يمكن أن يحدد ما إذا كانت الفكرة ثقيلة كالحجر أم خفيفة كحبات المطر سوي وجود القدوة التي يمكن الاقتداء بها، وسوي الإيمان بأنه لا يوجد تمييز بين الأفراد في التطبيق، وفي الاستفادة منها أو التضرر بسببها. وأحيانًا يكون «الإحساس بالمنصب» الذي يشغله الفرد، و«النفوذ» الذي يتمتع به حائلاً دون الاقتناع بفكرة ما، أو الانصياع لقانون ما، اعتقادًا بأن هذا المنصب وذلك النفوذ من الممكن أن يشفعا له عند تحطيم القوانين أو العمل ضدها.. ولكن عندما يتم الإصرار علي تنفيذ القانون بغض النظر عن «حيثيات» الأشخاص، يكون من السهل علي الآخرين أن يرضخوا لحكم القانون العام، وأن يتسارعوا لتنفيذه، خاصة أن «الانضباط في هذه الحالة يكون بمثابة العدوي» التي تصيب كل الناس بسهولة. وخلال الأسبوع الماضي سمعنا أصداء لقرارات إزالة كل المخالفات التي بلغ عددها في قري الساحل الشمالي نحو 70 ألف مخالفة، تتفاوت من حيث الحجم، والعقوبة، وإن كان يجمع بينها أن المخالفين شخصيات لها نفوذ وقوة.. وعلي حد تعبير الأهرام، فإن «المخالفين شخصيات بارزة منهم رئيس لجنة بمجلس الشعب استولي علي حديقة عامة وضمها إلي فيللته وأقام عليها سورًا عليها.. وطبيب شهير وبعض الشخصيات العربية من السعودية والخليج استولوا علي مواقف السيارات الخاصة بالملاك وضموا الحدائق إلي قصورهم وفيللاتهم». وقد تبين أنه نتيجة لتعدد شكاوي الملاك والمصطافين في مركز مارينا من قيام أصحاب النفوذ بإنشاء مراسي خاصة لليخوت علي البحر وارتكابهم مخالفات أخري، تقررت إزالة هذه المراسي، إضافة إلي إزالة تعديات بعض الأشخاص علي المساحات الخضراء بالمدينة. إن مثل هذه الخطوة يشتم منها وجود قيادة عاشت الانضباط حياة وأسلوبًا، وأشعر أن وراءها أيضًا شخصية تلتزم بالقانون وتؤمن بفكرة الانضباط العام ولا تضع للعلاقات الشخصية والنفوذ اعتبارًا في قراراتها، إن هذه الخطوة الانضباطية تشير إلي اسم الوزير الفريق أحمد شفيق.. نعم إذا ساد القانون مارينا فسوف تنتقل عدوي الانضباط إلي كل مدينة.