تتسلل إلي أنف كل من لديه الحاسة الشمية العادية أو المتقدمة روائح الشياط النابعة من عدة مصادر في أرجاء هذا الوطن!! بعضها من قريب والآخر من بعيد، في الزمان وفي المكان، منها ما هو مكشوف للناظرين ومنها ما هو بعيد عن العيون. روائح الشياط تنذر دائما بمقدمات أو نهايات الحرائق وهذا من عيوب النقص في إدارة الأمن الداخلي لكل المواقف التي يصدر عنها هذا الشياط، بل وصلت روائح الشياط إلي مجلس الشعب في الداخل والخارج، بين الأعضاء وفي اللجان ثم في الخارج علي رصيف وعرض الشارع، وتداخلت الروائح ما بين مصادر المعارضة، أو أهل العموم الوطني، في القطاع العام المأسوف علي عمره وفي القطاع الخاص من نوعية اخطف واجري. لم يخل قطاع من قطاعات البلد من رائحة الشياط، حتي بين الفلاحين والمزارعين وسكان القري والعشوائيات وعلي الطرق الزراعية أو السريعة، بسبب مياه الري ومياه الشرب وانقطاع التيار الكهربي وانقطاع البدلات والمعاشات والمرتبات بل انقطاع المواصلات. الغريب في القصة أن روائح الشياط تزداد صيفا وتقل في الشتاء - أي والله - والدليل علي ذلك أن شارع مجلس الشعب شهد حالات من خلع الملابس الخارجية خاصة ما فوق الحزام مع التهديد باستكمال الخلع فيما تحت الحزام ومن الخارجية إلي الداخلية طالما أن رجال الأمن المحيطين بهم يتبعون الداخلية!! رائحة الشياط امتدت من القاهرة إلي طنطا والمحلة ووصلت إلي الإسكندرية وظهرت في الصعيد وقليلا ما تبدو للناس في المناطق البعيدة مثل البحر الأحمر ومطروح ولقد تواجدت في أسوان وفي سيناء ولكن بعذر مقبول وهو اجتياح السيول للمساكن العشوائية، روائح الشياط تشمل المحاكم والنيابة وفي أروقة الجامعات والكليات ومراكز البحوث بل حول أقسام الشرطة، وفي بعض المصالح الحكومية وفي الشركات. يقف حول مصادر الشياط أناس من قطاعات كثيرة ومتنوعة، منهم الرجال والنساء ومنهم طوال اللحي والمنقبات ومنهم العلمانيون والفئات بل منهم العمال والفلاحون، كمية ضخمة ورهيبة من الحقد الدفين بين الناس تجعلهم في حالة شياط دائم مستمر. يحقد أهل بولاق علي أهل الزمالك وسكان المرج علي سكان مصر الجديدة وشعب ناهيا علي شعب الدقي والمهندسين، وسكان القصعي وزعربانة وعزبة المكنة علي أهل رشدي وسان ستيفانو وسموحة وكفر عبده. الحقد هو نوع من الحسد الأسود الذي يتمني زوال النعمة ولو بالقوة والعمد وتكسير الكلوب وتحويل الفرح إلي جنازة؟؟، مثلما حدث بين الشرطة والقضاء فيما سبق أو الشرطة والجمهور في المعتاد لهو دليل علي الاحتقان أو الاحتباس الحراري الذي يؤدي إلي الشياط ومنه إلي الحرائق التي لا نتمني حدوثها مطلقا، ولابد من الالتزام بقاعدة تقول اتقوا الشبهات حتي لا تتكرر تلك الأحداث. الذي حدث بين القضاء الواقف والقضاء الجالس رد فعل لما سبق أن كتب عنه شاعر النيل الحزين فاروق جويدة ومن ثم بقي تحت الاستجواب لساعات طويلة ومنه إلي الانعاش ساعات أطول وذلك عندما تناول شكليات التعيين في سلك القضاء والباقي معروف!! ولقد وضحت الصورة خلال فرز الكلمات بين أطراف النزاع عندما قال أحدهم أنا أفضل منك تقديرا وأعز منك تفهما؟! ولقد صرح لي صديق من قدامي المحامين بأن جيل الشباب لا يملك شيئًا ينفعه لا مكتب ولا دخل معقولاً ولا تواصل مع السابقين، معظم حالات الشياط يمكن علاجها بضخ الأموال مثل مياه المطافئ ونيران الحرائق ولكن بعضها يحتاج إلي استخدام المرطبات الحرارية من حسن المعاملة وتقديم العدالة وإشاعة جو من الديمقراطية حتي نعالج أصل الداء ونستبدل ما هو ناتج عن الحقد بما هو ناتج عن العدل.