حملة (القراءة للجميع) لم تنل إعجابي وحدي، بل شاركني في هذا الإعجاب كثيرون من الصغار والكبار لأن فكرة الإعلان ذكية، ومدلوله واقعي، ومحتواه هادف.. يعتمد الإعلان علي عرض صور حية لأناس يقرأون في أماكن مختلفة وهم يؤدون أنشطة متنوعة بينما يؤكد الإعلان أن القراءة لا تتعارض مع تلك الأنشطة.. وهناك بعض الملاحظات الإيجابية علي هذا الإعلان: أذكي ما في الإعلان علي الإطلاق هو أنه يقدم (القراءة وأشياء أخري).. بمعني أنه يقدم القراءة لا علي أنها نشاط أوحد بل علي أنها من الممكن جدا جدا أن تصاحب أنشطة وهوايات أخري.. فالذي يحب الإنترنت يقرأ، والذي يهوي التواجد مع أصدقائه يقرأ، ومحبو الرياضة أو الموسيقي أو حتي التحدث في التليفون يمكن أن يحبوا القراءة أيضا.. وهي إشارة ذكية للآباء والمعلمين حتي يبتعدوا عن مقارنة القراءة بهوايات أخري وكأنها في حالة تنافس معها.. من التلميحات الذكية أيضا في الإعلان رسم صورة القارئ في حالات مختلفة، محاطًا بالناس في معظم الأحيان ووحيدًا في حالة أو اثنتين.. والإشارة هنا إلي أن محبي القراءة ليسوا منعزلين عن العالم، وأنها ليست هواية غير الاجتماعيين، أو المبتعدين عن المجتمع.. لأن من يحبون القراءة يظهرون كأناس لهم أصدقاء ويتشاركون أحيانا في قراءة كتاب واحد سويا.. بالإضافة لهذا يظهر القارئ وحده في مشهد أو اثنين كدليل علي أن القراءة من الهوايات التي تستطيع أن تمارسها وأنت بمفردك أو مع أصدقائك.. أما القراء مختلفوا الأعمار، ومنهم الرجال والسيدات والشباب من الجنسين والصغار أيضا فهو ما يعني أن القراءة بالفعل للجميع وليست موجهة للأطفال فقط أو لكبار السن فقط.. بل إن معظم أبطال الإعلان من الشباب.. كما أن جميع القراء تبدو عليهم السعادة وهم جميعا مبتسمون مما يعطي انطباعا دون حاجة إلي التعليق أن القراءة نشاط إيجابي يرضي، بل يسعد من يهواه.. وهو لا يرتبط بالمذاكرة أو التحصيل الدراسي أو ضرورة ما، بل هو متعة الثقافة.. الأماكن المختلفة التي يتواجد فيها القراء في الإعلان توحي بصلاحية القراءة لأي مكان.. فأنت لا تحتاج إلا إلي الكتاب والإضاءة المناسبة لتقرأ، مما يجعلها هواية وثقافة دائمة، وغير مكلفة، ولا تستلزم استعدادات تقنية أو فنية.. أخيرا التعليق المصاحب لمشاهد القراءة ليس إرشاديا ولا تعليميا ولا يوجد فيه توجيه مباشر أو نصائح تفيد بمنافع القراءة وأهميتها ولا أي شيء من قبيل هذا الكلام المحفوظ الذي فقد معانيه بالرغم من أنها حقيقية بسبب كثرة تكراره.. بل تعتمد لغة التعليق البسيطة علي المنحي الوصفي لقراء سعداء يحبون الكتاب.. وكأنه يعلق علي أحداث سعيدة يعرضها للمشاهد علّه يكون بين هؤلاء الهواة أو يحب أن يكون مثلهم.. نعم أعجبني الإعلان كثيرا وأعجبتني فكرة (القراءة وأشياء أخري) لا لأنها جديدة بل لأنها واقع نعيشه فالقراء يعرفون الكثير والكثير عن مجالات عديدة ولا يستهان بخبراتهم التي اكتسبوها من القراءة..