هناك في مصر تصور بأن كل رجل أعمال أو مستثمر هو «حرامي» .. و«ناهب» لقوت الشعب.. ويسعي دائماً للتربح علي حساب الناس الغلابة.. ورثنا من خلال المسئولين أو اعلام الستينيات أن تلك الفئة هم «أعداء للشعب» لم لا وأحد أهم أهداف ثورة يوليو كان القضاء علي الإقطاع وأعوانه. والإقطاع المقصود هنا هو رجل الأعمال المستغل المصر علي امتصاص دم المواطن. ورثنا أيضاً مصطلحات ومواقف كلها تصب في صالح زيادة الكراهية ضد رجال الأعمال.. وبمرور الوقت عندما ايقنت الدولة والعالم أنه لا تنمية حقيقية إلا من خلال القطاع الخاص. ورجال الأعمال تحديداً المصريين وغيرهم. من هنا بدأت الحكومات في تطبيق هذا الشعار. ونظراً لأن العقلية المصرية كانت قد تشبعت بما هو ضد رجال الأعمال.. من هنا كان التركيز علي تغيير المفاهيم لدي الناس بتصحيح صورة رجل الأعمال.. وبالفعل بذلت الحكومات المتعاقبة الكثير من الجهود في هذا الشأن بعد الاقتناع التام بأن نجاح أي حكومة مرهون بإيجابية القطاع الخاص ورجال الأعمال ورءوس المال الخارجية والاقتناع بالطرح الحكومي من مشروعات وغيرها.. الحكومة المصرية برئاسة د. أحمد نظيف تعمل بكل الطرق علي جذب رأس المال عن طريق قوانين اقتصادية جاذبة ومنح الضمانات واصطناع حزمة إجراءات تصب في هذا الاتجاه. الواقع أن الحكومة المصرية من خلال رصد التصريحات الصحفية لرموزها تبذل الكثير من الجهد في سبيل هذا الشأن وفي ظل شعار ليس كل رجل أعمال «حرامي».. ولا كل مستثمر مشغول بمص دم الناس. القطاع الخاص في مصر يحتاج المساندة. لأن الملاحظ أنه يتعرض لهجوم شرس من جهات عديدة بعضها يسعي للابتزاز.. وبعضها لمصلحة خاصة وهناك بالفعل عدد قليل يستحق الهجوم.. إذا كان حجم سوق العمل في مصر حاليا 22 مليوناً فالقطاع الخاص حصته 15 مليون عامل.. وإذا كان المستهدف هو توفير 4.5 مليون فرصة عمل. فالقطاع الخاص مطالب بتوفير 90% من هذا العدد وهو ما يتحقق الآن.. من هنا يجب أن نساند القطاع الخاص. ونقف معه. الحكومة تترك رجال الأعمال وحدهم يواجهون طابورا من المبتزين من داخل مصانعهم وشركاتهم أو من خارجها.. خوف الحكومة من الاتهام أنها تدافع عن رجال الأعمال.. أو بأنها حكومة رجال أعمال يمنعها من الدخول في معارك ضد هؤلاء المبتزين. أكثر من رجل أعمال حكي لي أن الحكومة تقدمهم للصحافة ولشريحة من الناس وتضحي بهم، وتتركهم يحاربون ويدافعون عن أنفسهم دون حماية، مع أن الحكومة تعلم جيدًا أن الحق بجانبهم، بالفعل هي لعبة سياسية مضمونها لو أردت أن تحمي حدثاً كبيراً اصنع مشكلة في حدث أقل لجذب العيون بعيدًا عن الحدث الأكبر.. الحكومة ورجال الأعمال أو القطاع الخاص شركاء في التنمية وحل المشاكل الإنمائية وحل مشكلة البطالة وزيادة الرواتب والحصول علي أموال لحل مشاكل أخري في التعليم والصحة.. الشراكة هنا تتطلب من الحكومة ألا تضحي بعدد من المستثمرين لإخفاء كوارث عند غيرهم، ولا توافق علي صفقات مع بعض الصحف أو اصحاب الأقلام للسماح بالهجوم علي بعض المشروعات ورجال الأعمال دون مشروعات أخري. أحد المستثمرين قال لي: لماذا تتركني الحكومة وحدي اواجه الصحافة وبعض المبتزين وهي تعلم كل الحقائق. ويمكنها أن ترد بها علي ما هو مكتوب هنا أو هناك، لكن مع الأسف هي تزيد من اشتعال الحريق بتسريب بعض أوراق الملفات لدي عدد من المسئولين. أنا شخصيا وأثناء متابعتي لما ينشر ضد رجال الأعمال أو معهم استطيع أن أرص اسماء رجال الأعمال أو المستثمرين العرب وغيرهم الذين يتمتعون بحماية ورعاية الحكومة والذين لا يتمتعون وهو أمر يدفعني لأن أقول للحكومة: التنمية الحقيقية ومعدلات النمو الاقتصادي يتحلمها القطاع الخاص أو رجال الأعمال والمستثمرون.. وإذا كان من بين وزراء الحكومة المصرية من له أجندة خاصة إذا من المهم أن يعمل بجانب ذلك علي مساندة المستثمرين ورجال الأعمال بنفس الحماس.. لا يمكن تصنيف رجال الأعمال من خلال شروط لا ترتبط بالعمل أو الإنتاج أو مساهمتهم في الناتج القومي. يجب أن يتمتع كل الاستثمار بالحماية الحكومية، لكن ازدواجية المعايير توضح أن هناك شبهات أري أن لا أحد يتمني أن يشار إليه بأنه مدان. إذا كانت حرية الصحافة عندنا قوية ومُرعبة لمن هم غير معتادين عليها.. الأمر الذي يتيح لها أن تتعرض لما تراه في مصلحة الناس، لكن المشكلة هنا ليست في النشر والاتهامات أو غيرها.. لكن ما أقصده تحديدا أن الحكومة في بعض الأوقات تملك شهادات براءة رجل الأعمال أو المستثمر في تلك القضايا، لكنها تفضل ترك المستثمر يعيش وحده الحرب مع قوي الابتزاز أو الشر دون أن تكشف عما لديها من حقائق قد تبرئ هذا المستثمر أو غيره. الحكومة في مصر تؤمن بأن مجرد الدفاع أو الكتابة عن المستثمرين ورجال الأعمال فيه شبهة لها. وهو أمر أراه يؤدي إلي الارتباك وإلحاق الضرر بهذه الفئة التي أري أنها تحارب وحدها في ساحة الابتزاز.