تأتي الزيارة التي قام بها أحمد أبوالغيط وزير الخارجية ووزيرة التعاون الدولي فايزة أبوالنجا للعاصمة الاثيوبية أديس أبابا ولقاؤهما برئيس الوزراء ميليس زيناوي ووزير الخارجية سيوم سفن بالإضافة إلي وزير التجارة والصناعة الاثيوبي، في خضم حلقات متتابعة لتحركات مصرية مدروسة داخل دول حوض النيل وفي طليعتها أثيوبيا باعتبارها الدولة الأهم في دول منابع النيل. زيارة أبوالغيط حددت لها ملامح رئيسية تكشف الاستراتيجية المصرية في معالجة حالة التشنج لدي الأشقاء في منابع النيل والتعامل معها بما يحفظ حقوق مصر التاريخية في مياه النيل ويحول دون صدام لم يعرفه التاريخ من قبل بين مصر وهذه الدول، وعناصر هذه الاستراتيجية أوضحها أبوالغيط في حواره التليفزيوني مع قناة روسيا اليوم حينما أكد علي النقاط الأتية: أولا: أن القاهرة والشعب المصري لن يدخلا في حرب مع طرف شقيق في القارة الافريقية وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلا، ثانيا: إن مصر تسعي في الإطار نفسه للحفاظ علي مصالحها وحقوقها فيما يتعلق بمياه النيل، ثالثا: إن الجهد الدبلوماسي المصري الراهن مفاده هو دعونا نفتح الملفات ونتحدث معاً لنبني علاقات ثنائية ونترابط اقتصاديا بما يؤدي إلي تكوين مصالح مشتركة حقيقية وليس فقط انسياب النهر من الهضبة الاستوائية إلي مصر، خامسا: وأن هذا العمل والتعامل يتم بشكل هادئ حكيم ليؤتي ثماره ويؤدي إلي الفهم المشترك بيننا. وانطلاقا من هذه الاستراتيجية التي تحدث بها الوزير أبوالغيط تكفل لغة الأرقام عناصر أخري لابعاد الوجود المصري في اثيوبيا وذلك علي الرغم من أن ملف المياه كان حاضرا بقوة في مباحثات الوفد المصري خصوصا أن الزيارة تأتي في أعقاب اجتماعات وزراء الري لمبادرة دول حوض النيل إلا أنه يكفي أن نشير إلي أن أن الاستثمارات المصرية في اثيوبيا وصلت لنحو مليار ونصف مليار دولار أمريكي وهو الرقم الذي تعد به مصر أكبر مستثمر إفريقي وعربي داخل إثيوبيا. وتوجد مصر داخل السوق الإثيوبي بمجالات عدة وبخاصة قطاعات الزراعة والإنتاج الحيواني والمقاولات والسياحة والأدوية والصناعات الهندسية والصناعات الكيماوية فضلا عن الوجود القوي لكل من شركات المقاولون العرب والسويدي للكابلات وأوراسكوم بالإضافة إلي النشاط الذي تمارسه أفرع بنوك الأهلي ومصر والقاهرة في تمويل الاستثمارات المصرية بإثيوبيا من خلال صندوق خصص لهذا الغرض. وفيما يخص الدعم المصري لاثيوبيا في مجالات التعاون الفني أوضحت السفيرة فاطمة جلال أمين عام الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا في تصريحات خاصة ل«روزاليوسف» أن دول حوض النيل تحتل أولوية في الدعم الفني الذي يقدمه الصندوق سواء بإرسال خبراء مصريين من مختلف المجالات أو بتأهيل كوادر هذه الدول من خلال دورات متخصصة يتم تنظيمها في مصر وكذلك في تقديم المنح والمساعدات لمواجهة الحالات الطارئة التي قد يواجهها الأشقاء في دول حوض النيل. وأضافت أنه بالنسبة لإثيوبيا فيوجد بها حاليا ثمانية خبراء مصريين من مختلف التخصصات علاوة علي تقديم مصر دورات للكوادر الإثيوبية يستفيد منها ثلاثين متدرباً سنويا في مجالات الدبلوماسية والطب والهندسة والقضاء ومكافحة الجريمة والكهرباء والإعلام فضلا عن المنح التي يقدمها الأزهر الشريف. وقالت إنه خلال الفترة القليلة الماضية تم تنظيم ثماني دورات متخصصة لكوادر إثيوبية شملت مجالات الجوازات والهجرة والجنسية والأمن العام وتأمين الانتخابات ومكافحة غسل الأموال ومكافحة الجرائم المعلوماتية ومكافحة الإجرام المنظم ومكافحة الممخدرات. وأشارت إلي أنه يجري الآن العمل علي إنشاء مراكز صحية متخصصة داخل إثيوبيا بالتعاون مع مركز سوزان مبارك، كما يضطلع الآن الصندوق بتنفيذ مشروع لمكافحة الملاريا هناك بالتعاون مع الحكومة الإيطالية جاء نتيجة لمذكرة تفاهم بين الجانبين المصري والإيطالي في إطار برامج التعاون الثلاثي مع افريقيا والتي تسعي من خلالها مصر لحشد الإمكانيات المتوافرة لدي الدول الأوروبية والصين والمؤسسات المالية العالمية والإقليمية من أجل خدمة أهداف التنمية داخل الدول الإفريقية. ولفتت إلي أن تدريب الكوادر الاثيوبية امتد إلي مجال البنوك إذ قام الصندوق بتحمل نفقات تدريب أربعين كادرا إثيوبيا بالتعاون مع بنك القاهرة. جدير بالذكر أن زيارة وزير الخارجية ووزيرة التعاون الدولي للعاصمة الإثيوبية هي الثانية من نوعها خلال ثلاثة أشهر بعد زيارتهما لأديس أبابا نهاية مارس الماضي التي انعقدت خلالها اجتماعات الدورة الثالثة للجنة المصرية الإثيوبية المشتركة برئاسة وزيرا خارجية البلدين وأسفرت عن التوقيع علي ثماني مذكرات تفاهم في مجالات الصحة والزراعة واستيراد اللحوم الحية والمذبوحة والبيئة والإعلام والثقافة.