في حوارها الأخير مع قداسة البابا شنودة الثالث استطاعت لميس الحديدي أن تتطرق إلي موضوع القانون الموحد للأحوال الشخصية للمسيحيين، وتوضح جيدا موقف قداسة البابا من هذا القانون وكيف ينظر البابا إلي النص الكتابي المقدس وتفسيره الحرفي للنص، بل رؤيته التاريخية وموقفه السياسي وعلاقة كل ذلك بالشريعة الإسلامية ومدي إيمانه بالمجتمع المدني أو الدولة المدنية وكيف يري عقيدة الزواج والطلاق والزواج الثاني في درجة اهميتها مع العقائد المسيحية الأخري، وقد فكرت كثيرا في هذا البرنامج من قلب مصر ووجدت أن هذا الاسم يعبر تماما عن مضمونه فهي تغوص في موضوع النقاش الذي يوجع قلب مصر وتصل إلي كيفية معالجته ليكون هذا القلب صحيحا معافي ولقد وضح من ذلك الحوار عدة نقاط مهمة تحتاج إلي تأمل. أولا: نفي البابا لدوره السياسي: لقد نفي البابا أن يكون له أي دور سياسي وقال إنهم يسألونه عن رأيه في القضايا السياسية وعندما يجيب يقولون عنه أنه يتحدث في السياسة بينما هو غير راغب في الحديث عن الأمور السياسية وتمسك بقراره بعدم زيارة المسيحيين إلي القدس ووعده ألا يذهب إلي القدس إلا ويده في يد شيخ الأزهر السابق وهو لا يعلم رأي شيخ الأزهر الحالي هذا في الوقت الذي يشجع فيه الدكتور محمود حمدي زقزوق زيارة القدس للوقوف بجانب الفلسطينيين بل أن محمود عباس رئيس منظمة التحرير الفلسطينية أعلن أكثر من مرة أن عدم زيارة القدس أو اقامة مشاريع عربية مع الفلسطينيين الذين يعيشون هناك هو في صالح إسرائيل علي كل الأصعدة فرفض الزيارة هو ترك الفلسطينيين فريسة لإسرائيل المتوحشة والتي تبتلع القدس قطعة قطعة وكان لموقف نجيب ساويرس في استعداده اقامة مشاريع مصرية عربية في القدس الوقع الطيب في نفوس قادة منظمة التحرير الفلسطينية. ثانيا: الزواج والطلاق والتبني: كان لسؤال لميس الحديدي عن مدي أهمية الزواج والطلاق وهل هو أهم من التبني ولماذا تنازل البابا عن التبني وكانت إجابة قداسة البابا أنه لا يرفض التبني وقد كان موجودا في القانون عام 1980 لكن البعض همس في أذنه أن تأخير صدور القانون كان بسبب وجود مادة عن التبني لذلك في قانون 1998 رفع هذه المادة حتي يتيسر للقانون الخروج إلي النور ومع ذلك لم يخرج القانون إلي النور والسبب هو أن التبني لا يتوافق مع الشريعة الإسلامية التي ترفضه وعندما سألته المذيعة هل الزواج والطلاق أهم من التبني؟ لم تجد اجابة، ذلك لأن من الواضح أن الأهم في القضية هو الزواج والطلاق وليس التبني مع أنه بحسب الكتاب المقدس فإن المسيحية كلها قائمة علي فكرة التبني فالمسيحية هي الديانة الوحيدة التي تعلم بأن الله قد تبني كل من يؤمن به ودعاه ابنا له ويقول النص المقدس أن كل من يؤمن به «يقصد المسيح» صار ابنا لله ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله وقد علم السيد المسيح التلاميذ أن يصلوا قائلين يا أبانا ويقول بوليس الرسول إن السيد المسيح هو البكر بين إخوة كثيرين وفي عظة للسيد المسيح قال: «كنت جوعانا فأطعمتموني عطشانا فسقيتموني كنت غريبا فأويتموني عريانا فكسوتموني مريضا فزرتموني محبوسا فآتيتم إلي فيجيبه الابرار قائلين يا رب متي رأيناك جائعا فأطعمناك.. الخ فيجيب قائلا الحق أقول لكم بما أنكم فعلتم بأحد إخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم «من هنا كان التبني فنحن جميعا أبناء الله بالتبني وعلي الاخوة القادرين أن يتبنوا غير القادرين لأننا جسد واحد أما الحديث عن الميراث والشريعة الإسلامية والمسيحية فله حديث آخر».