تشير الأساطير الإغريقية إلي أن أحد القادة الإغريقيين ويدعي تنتالوس Tantalus قد ارتكب خطأ فادحاً غضبت منه الآلهة غضباً شديداً، وكان عقابها له أن جعلته يقف مقيداً في "حوض من الماء العذب" ويصل الماء إلي تحت ذقنه، ولكن هذا الحوض سرعان ما يجف عندما يحاول تنتالوس أو يريد أن يشرب، ووضعت الآلهة فوق رأسه فروع أشجار فاكهة مثمرة من كل شكل ولون، ولكنها تبدو دائماً أعلي من قدرته علي الوصول إليها، ولا يستطيع عنقه أو يداه أن تصل إلي هذه الأغصان.. تتدلي فوقه، فإن أراد أن يقطف منها ابتعدت عنه.. وهكذا يظل جائعاً وظمآناً إلي الأبد.. ويتم استخدام هذه الأسطورة في هذه الأيام للإشارة إلي شهوة الحلم المستحيل، والرغبات المستحيلة، والأماني التي لا تتحقق. لا أدري لماذا تذكرت هذه الأسطورة وأنا أشاهد مباريات كأس العالم المقامة حالياً في جنوب إفريقيا.. في كل مرة، وفي كل تصفيات، نعتقد أن الحلم أصبح قريباً منا، وفي كل مرة نعتقد أن أعناقنا تستطيع أن تصل إلي كأس العالم، وأننا قاب قوسين أو أدني من التأهل لهذه الأدوار، ولكن سرعان ما نجد أن أغصان كأس العالم ترتفع عنا، وأننا لا نستطيع الوصول إليها.. في كل مرة تبتل وجوهنا بالماء، ونشعر بطعم المياه تحت ذقوننا، ولكنها أبداً لا تصل إلي أفواهنا، ولا تستطيع ألسنتنا أن تحركه داخلها.. شيء عجيب أن يبتعد الحلم كلما كان قريباً، وأن يصبح كأس العالم بالنسبة لمحبي كرة القدم المصرية هو الحلم المستحيل، والرغبة غير القابلة للتحقق. وما يجعل "في الحلق غصة" أن تقارن مستوي المنتخب القومي لمصر بمستوي كثير من المنتخبات التي تأهلت بالفعل.. لا تقولوا أن فريق مصر الحالي لم يكن ليستطيع أن يصل إلي دور الثمانية علي الأقل.. الفجوة التي كانت بيننا وبين الفرق الكبري في عالم كرة القدم لم تعد كما كانت.. أصبحت الفجوة محدودة، وقد تميل أحياناً إلي صالحنا.. لقد استوردنا أخيراً "لعبة كرة القدم" بعد أن كنا، حتي سنوات قليلة مضت، نلعب لعبة مشابهة لها.. لقد أصبح لنا طعم ولون ومذاق مميز. في التصفيات القادمة إن شاء الله، يجب أن نجعل شعارنا مقولة هاملت الشهيرة أكون أو لا أكون: تلك هي المشكلة".. لم يعد لدينا بديل.. إما أن نكون مثل هاملت في كبريائه وعظمته، أو أن نبقي دائماً مثل تنتالوس أسري للجوع والظمأ والحلم المستحيل.