سار علي درب والده وأجداده في أقدم صناعة عرفها المصريون، إلا أنهم لم يطوروا تلك الصناعة لتتماشي مع عصرنا الحديث مما أدي إلي استحواذ بلدان أقل حضارة ورقيا منا علي سوقها العالمية.. هذا هو ما جاء علي لسان «عصام محمد» -28 عاما- الذي نشأ في أسرة أغلب أفرادها من العاملين بصناعة الأواني الفخارية ويعمل حاليا مشرف علي العمال بأحد مصانع الفخار، والذي يؤكد أن الفخار يمكن ان يكون كنزاً إذا أحسن استخدامه. ويشير «عصام» إلي أن صعوبات المهنة متمثلة في الوقوف لساعات طويلة أمام الأفران التي تنبعث منها حرارة شديدة، علاوة علي ضيق المصانع بمنطقة الفسطاط، كما أنه ليس لديه دخل ثبت لأنه يعمل حسب الكمية المطلوبة منه، وقد يصل دخله منها إلي ما يكفل له الحياة الكريمة، ويحرص أن يكمل ابنه مسيرة أجداده في امتهان هذه الحرفة. ويستكمل حديثه عن رحلة الفخار الذي يأتي من أقصي الصعيد حيث يتم تحميل الطين الأسواني في صورته الصلبة علي المراكب النيلية في رحيلة طويلة تنتهي بمصانعه في الفسطاط حيث يتم طحنه، ثم يوضع في حوض الماء لمدة يومين ثم يخزن ويخمر، ويأخذها الصنايعي علي الدولاب وتجفف حيث يتولاها النحات ليزخرفها حسب الشكل المطلوب منه أو رؤيته الفنية، ويتم تلوين قطعة الفخار بالألوان البلاستيكية أو بالألوان الطبيعية، يشير إلي حرصه علي حرق الفخار بالسولار طبقا لتعليمات وزارة البيئة، وهذه الصناعة يستفيد منها من 2000 إلي 5000 عامل وحرفي ونحات وتاجر. وهناك العديد من الأشكال التي يصنعونها مثل فازات الزرع الكبيرة التي توجد في الحدائق أو تأخذ شكل وحدات الإضاءة، الحيوانات الصغيرة، أطقم الشاي. ويقول: إنهم يقومون أيضا بعمل ديكورات الأعمال الفنية التي تتطلب أشكالا معينة مثل أشكال الفخار لقرية «سنبل» للفنان محمد صبحي، ومسلسل «الملك فاروق»، كما أن الكثير من الفنانين يحبون اقتناء فازات الزرع مثل الفنان عادل إمام في فيلته بالمنصورية، وحسن حسني، وندي بسيوني، يضيف قائلاً: لكي نحافظ علي الفخار من التلف نقوم بعملية عزلها من الداخل عن طريق مادة البوليستر حتي تكون الفازة عمرها أطول. ويقول عصام: إن أجود أنواع الطمي الموجود بأسوان حيث إنه ذو التركيبة الكيميائية الفريدة التي تتيح إمكانية تشكيله في أشكال ذات صلابة عالية نسبيا مما يمكن من تصنيع أقوي أنواع الفخار الذي يعتبر بشهادة مستهلكيه العالميين من أرقي وأجمل الأنواع العالمية. ويؤكد عصام أن حرفته من الممكن لو أحسن التسويق بها ولاقت الاهتمام اللازم أن تصبح مصدرا للعملة الحرة لفتح العديد من أبواب الرزق، حيث إن حصتنا لا تتعدي 1% من حجم التجارة الخارجية وحجم المبيعات العالمية السنوية لها.