تثار بين الحين والآخر كثير من الخلافات والصراعات والمعارك القضائية والدينية والإعلامية حول طبيعة عمل المرأة في الفن والإعلام، ويكمن السبب الرئيسي لهذه الخلافات حول استخدام واستغلال جسد المرأة وزينتها وإثارتها الجنسية في الأعمال الفنية والإعلامية، كالمشاهد الساخنة في بعض الأفلام كالقبلات، والأحضان، ومشاهد الاغتصاب، وأوضاع الممارسة الجنسية، ولبس ملابس غرف النوم التي لا تلبسها المرأة سوي لزوجها وغيرها من المشاهد التي تثير الغرائز الجنسية لدي الرجال والنساء، وكذلك في ارتداء بعض الفتيات لملابس شبه عارية أو شفافة من أجل تصوير بعض الأعمال الفنية ككليبات الأغاني، وكالملابس شبه العارية التي ترتديها المغنيات والمطربات في حفلات الأغاني، وكذلك في استخدام واستغلال جمال بعض النساء والفتيات ورشاقتهن وإثارة ملابسهن لتقديمهن للعمل كمذيعات ومقدمات برامج علي شاشات القنوات التليفزيونية المختلفة، وكذلك في استخدام جمال ورشاقة أجساد بعض الفتيات لتصوير بعض الإعلانات التجارية لترويج السلع الاستهلاكية، أو للعمل كمضيفات أو سكرتيرات أو موظفات استقبال أو راقصات في الملاهي الليلية، وغيرها من الأعمال التي يتم فيها استقدام وجلب النساء والفتيات الجميلات ذوات الجمال الأخاذ والملابس اللاصقة والأجساد المثيرة بقصد جذب أكبر عدد ممكن من الجمهور والزبائن اعتمادا علي الإثارة الجنسية لأجسادهن وجمالهن وملابسهن الملتصقة أو شبه العارية في مقابل أجر مادي يدفع للعاملات في هذه الأعمال. فينقسم الناس حول هذه الأعمال إلي فريقين، الأول رأي أن هذه الأعمال خادشة للحياء وعدوها خروجا علي الآداب العامة والقيم والأخلاق الدينية ومتاجرة بأجساد النساء، ومن أجل ذلك يقومون برفع الدعاوي القضائية علي بعض هذه الأعمال وعلي من قاموا بها، هذا وناهيك عن الهجوم الإعلامي الذي تتلقاه مثل هذه الأعمال الفنية بحجة خروجها عن العادات والتقاليد الدينية والاجتماعية مما يقلل من أهمية الفن بل ويؤدي إلي ازدراء دوره العظيم والاستهانة به في قلوب الناس ثم انصرافهم عنه. أما الفريق الثاني فهم أرباب تلك الأعمال الفنية ومناصروهم من الإعلاميين والكتاب، حيث يقومون بصد ذلك الهجوم محاولين تبرير تلك الأعمال والدفاع عنها بحجة أنها أعمال فنية وإبداعية تخدم العمل الفني وتزيده مصداقية، وكذلك بحجة أنه حق من حقوق المرأة في أن تعمل في أي مجال ترغب بالعمل فيه، وأن ارتداء المرأة لأي ملابس هو من الحرية الشخصية التي لا يحق لأحد الاعتراض عليها. وأري أن الحق في هذا الصراع في أن يتم البت في حله وحرمته من الناحية الدينية، ولا يجب أن تقف المؤسسة الدينية الرسمية مكتوفة الأيدي أمام هذه القضية، ومن أجل ذلك نقوم بطرح التساؤل التالي علي المؤسسات الدينية المختصة كالأزهر الشريف فنقول: هل استغلال جسد المرأة وأنوثتها وزينتها لتقديم أي لون من ألوان المتعة أو الإثارة الجنسية لأي غرض تجاري أو مهني في مقابل أجر، سواء سميناه فنا أو إعلاما أو إبداعا أو سميناه حرية شخصية أو سميناه حقا من حقوق المرأة أو سميناه (عجينة الفلاحة) هل هو عمل من أعمال البغاء الحلال؟؟، وهل البغاء بهذه الكيفية وردت فيه أية حرمة أو منع في أي شريعة من الشرائع الدينية الثلاث: (اليهودية -المسيحية -الإسلام)؟؟، فنحن نعلم أن البغاء ليس فقط كما يظن معظم الناس يقتصر وحسب علي تقديم الممارسة الجنسية مقابل أجر، بل البغاء هو كل متعة أو إثارة تقدمها المرأة بجسدها بقصد الكسب المادي سواء قامت بهذا العمل من نفسها أو طلب منها أي شخص آخر القيام بهذا العمل بغية جلب الزبائن واستقطاب الجمهور للحصول علي المال. وهل يشترط لإباحة هذا اللون من البغاء ألا تكون المرأة متزوجة، إذ يحرم علي المرأة المتزوجة تحريما باتا القيام بهذه الأعمال؟؟، وهل تحريم آية النور (33) لإكراه النساء والفتيات وإجبارهن علي هذا العمل دون رغبة منهن يعد إباحة لهذه المهنة لمن لم تكره أو تجبر علي مثل هذا العمل؟؟، وهل هذا ما قررته الشرائع الدينية جميعها؟؟، إذ إن البغاء هو مهنة قديمة قدم التاريخ لم يخل منها مجتمع من مجتمعات البشرية علي الإطلاق حتي مجتمعات الأنبياء والمرسلين، ومازال تجارة رائجة إلي يومنا هذا في كل المجتمعات البشرية حتي العربية منها والإسلامية، رغم تجريم بعض الدول لهذا العمل إلا أنه يتم التغاضي عنه والتحايل علي القوانين المجرمة له. ومن الأسئلة التي يجب أن تطرح علي المؤسسات الدينية هل ما ورد في القرآن الكريم حول العمل في البغاء كان يؤكد علي أن البغاء كان مباحا وموجودا في زمن النبي محمد عليه الصلاة والسلام وكان من أصحابه عليه الصلاة والسلام كما جاء في كتب التفاسير .. وهل كان اعتراض نص سورة النور علي ذلك الشخص لم يكن لمزاولته هذه المهنة إنما كان لقيامه بإكراه وإجبار الفتيات علي ذلك العمل دون رغبة منهن؟؟، وهل يدلل ذلك علي أن التجريم كان لإكراه الفتيات وليس لتحريم المهنة ذاتها بدليل أن الله أنزل آية سورة النور التي تقول: (وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَي البِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الحَياةِ الدُّنْيا وَمَن يكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). (33- النور). وهل يمكننا القول أن هذه الآية تُظْهِر وبكل وضوح لكل من له عينين أن الخطاب موجه وبكل تأكيد إلي المسلمين، لأن غير المسلمين ليسوا مطالبين ولا مكلفين بفروع الشريعة من حلال وحرام؟؟. وهل نفهم من توجيه الخطاب للمسلمين أن البغاء عمل مباح ولكن بضوابطه؟؟، وإذا كان الأمر كذلك هل يمكن القول أنه يمكن تقنين البغاء للقضاء علي كثير من المشاكل والقضايا التي يعاني منها المجتمع أفرادا وجماعات؟؟، وألا يحسم هذا الأمر وهذا النص الكثير من الصراعات التي تثار بين الحين والآخر بين الفريقين حول هذه القضايا؟؟، ويصبح عندئذ لا داعي بعد ذلك من تخفي الفريقين خلف الشعارات واللافتات الدينية أو الإبداعية والفنية؟؟. وفي الختام أري أن الجواب علي كل هذه التساؤلات سهل وبسيط علي المؤسسات الدينية إذا أعملت الفكر ووضعت نصب عينيها مقاصد الشريعة ومراعاة مصالح العباد.