قطع المياه لمدة 6 ساعات عن بعض مناطق الجيزة، الجمعة    غارة إسرائيلية تستهدف أطراف بلدة "البازورية" جنوبي لبنان    الدوري المصري، بتروجت يتقدم على دجلة بهدف في الشوط الأول    ذا أثليتك: الدوري الأمريكي يوافق على رفع علم فلسطين في مدرجات كولومبوس بسبب وسام    مصرع عامل إثر سقوط عمود إنارة أثناء نقله في قنا    Just you، طرح البوستر الرسمي للحكاية الثالثة من مسلسل ما تراه ليس كما يبدو    شروط الالتحاق بأقسام آداب القاهرة للطلاب المستجدين 2025 (انتساب موجه)    إنريكي يضع شرطا لتعاقد باريس سان جيرمان مع صفقات جديدة    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    "بيقارنوا بلاعيبة الدوري المصري".. تعليق ناري من خالد الغندور على جائزة صلاح الجديدة    تنسيق الشهادات المعادلة 2025.. خطوات تسجيل الطالب بياناته ورغباته    قبل نهاية فترة الانتقالات.. مانشستر يونايتد يخطط لبيع خمسة لاعبين    عانى من كسرين في القدم.. تفاصيل جراحة مروان حمدي وموعد عودته للمباريات    نقيب الأشراف يلتقي رئيس مجلس القضاء الأعلى لتقديم التهنئة بتوليه منصبه    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سيدة تلقي بنفسها أمام السيارات في الشرقية    غدر الذكاء الاصطناعى    المنشاوي يهنئ طلاب جامعة أسيوط بحصد 9 جوائز في مهرجان الطرب للموسيقى والغناء    تعرف على آخر مستجدات الحالة الصحية للفنانة أنغام    وفاة ابن شقيقة المطرب السعودي رابح صقر    صورة- عمرو دياب مع منة القيعي وزوجها على البحر    محافظ الغربية: ملف المخلفات على رأس أولويات تحسين جودة الحياة للمواطنين    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة قناة السويس تطلق قافلة شاملة لقرية التقدم بالقنطرة شرق    في يومه العالمي- متى تسبب لدغات البعوض الوفاة؟    النائب محمد أبو النصر: رفض إسرائيل مبادرة وقف إطلاق النار يكشف نواياها الخبيثة    إيران تدرس إرسال وفد إلى فيينا لاستئناف المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    وزير الصحة يتفقد مستشفى الشروق ويوجه بدعم الكوادر الطبية وتطوير الخدمات    الأوقاف تعقد 681 ندوة بعنوان "حفظ الجوارح عن المعاصى والمخالفات"    بيع مؤسسي يضغط سوق المال.. والصفقات تنقذ السيولة    وكيل تعليم الغربية: خطة لنشر الوعي بنظام البكالوريا المصرية ومقارنته بالثانوية العامة    مدرسة روزاليوسف المشتركة - لغات صحفية - مستوى رفيع    البيئة تناقش آليات تعزيز صمود المجتمعات الريفية أمام التغيرات المناخية بقنا    مدحت العدل ينعى يحيى عزمي: "واحد من حراس الفن الحقيقي"    البرديسي: السياسة الإسرائيلية تتعمد المماطلة في الرد على مقترح هدنة غزة    النائب علاء عابد: المقترح «المصري–القطري» يتضمن بنود إنسانية    مدبولي لقادة الدول: حان الوقت لاتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة لردع العدوان الإسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    محافظ الإسماعيلية يتفقد عددا من القطاعات الخدمية ويستمع للمواطنين بمركز أمراض الكلى    تعرف على مواجهات الزمالك في دوري الكرة النسائية للموسم الجديد    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    الليلة.. إيهاب توفيق يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان القلعة    بيع 11 محلًا تجاريًا ومخبز بلدي في مزاد علني بمدينة بدر    حالة الطقس في الإمارات.. تقلبات جوية وسحب ركامية وأمطار رعدية    ضبط المتهمين بالتنقيب عن الآثار داخل عقار بالخليفة    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الأربعاء 20 اغسطس 2025 بمحافظة بورسعيد    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    نيوكاسل ردا على إيزاك: لم يتم إبلاغه أن بإمكانه الرحيل.. ونرحب بعودته    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    انطلاق القطار السادس للعودة الطوعية للسودانيين من محطة مصر (صور)    تحرك شاحنات القافلة ال19 من المساعدات الإنسانية من مصر إلى غزة    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خاتمة أخناتون

شنصيبي اليوم من الكتابة رسالتان، إحداهما سوف أبدأ بها لأنها تتمة لما كتبته من قبل، والثانية سوف أختتم بها، احتراما لحق صاحبها في أن تكون كلماته بلا تعقيب من كلماتي، خاصة أنه كاتب وقاص وصاحب رأي لا يكتمه خشية خلاف، ولا يعلنه رجاء ضجة، ولا يتستر عليه تواطؤا مع أحدهم أو آحادهم، ولا يبوح ازدراءً لأحد، يؤمن عميقاً أن شبابه فيما يصرح به، وأن شيخوخته فيما يسكت عنه، وكلنا نشهد له بالشباب.
1- رسالة الشاعر إلي الكاتب
من الشاعر عبد المنعم رمضان إلي الكاتب عبد المنعم رمضان.
أرهقتني، وحرفت مزاجي، وجعلت أرضي بوراً، ورجالي جوفاً، ونسائي منحرفات، كأنك تعاقبني، ليتني أستطيع أن أنكر وجودك، ولكنك الوجه الذي أعرفه، الوجه الذي لا أستطيع أن أبرأ منه، أنا أبني السفن الغارقة وأنت تحرقها قبل أن تغرق، أرفع راياتي الخجول وأنت تطيح بها، كأنك النار، كأنك الريح، ومع ذلك أعترف أنني أحب أن أتذكر معك سعدي يوسف 1972، وأن أتفتت مثله:
نبي يقاسمني شقتي، يسكن الغرفة المستطيلة، وكل صباح يشاركني قهوتي والحليب، وسر الليالي الطويلة، أري حول عينيه دائرتين من الزرقة الكامده، وكانت ملابسنا في الخزانة واحدة، كان يلبس يوماً قميصي، وألبس يوما قميصه، أحب أيضا أن أتذكر معك أمل دنقل 1983 وأن أتفتت:
كان يسكن قلبي، وأسكن غرفته، نتقاسم نصف السرير ونصف الرغيف ونصف اللفافة والكتب المستعارة، كلاهما سعدي وأمل أخذني من يدي، كانت يد سعدي أقدم وأكثر بللاً، وأرضه مألوفة عنده وعندي، وكانت يد أمل منهكة ومريضة، وأرضه جديدة عنده وعندي، في أوراقه، أوراق الغرفة رقم 8، يتخلي أمل عن حنجرته الجماعيةفي سبيل حنجرة خاصة، يتخلي عن معبد اللغة في سبيل صحراء اللغة، قد يكون الشعر أشياء كثيرة لا حصر لها، أعتقد أن أحد هذه الأشياء غير إقامة الشاعر علي الأرض، هو إقامة الخاص في قلب العام، أو علي حافته، أو خارجه، أمل في أوراقه، لم يحاول أن يضع قدمه أعلي من رأس العالم، لم يحاول أن يضع رأسه أدني من قدم العالم، لم يقبل أن يكون امبراطورا ولا خادما، فضل أن يكون الشاعربعذاباته، حيرته حيرة شاعر، انقساماته انقسامات شاعر، يأسه يأس شاعر، كان يمكن لولا الموت الغادر، أن يمر أمل من غرفته، رقم 8، إلي بقية الغرف، ويكتب ما يليق بضياعه، يكتب الطيور والخيول ومحمود حسن إسماعيل وصقر قريش وصلاح الدين وابن نوح والزهور، لغة الغرفة رقم 8 لا تنبئ ولا تتنبأ، لا تخبر، ولا تدعي الاخفاء، لا توحي ولا تهدد، إنها فقط لغة عالية علي لسان طفل، واحد من جنودك يا سيدي، خبزه خبز ضيق، ماؤه بلّ ريق، والممات بعينيه كالمولد، واحد من جنودك يا سيدي.
2- رسالة طلعت رضوان
لا تصالح ودوائر الثأر الجهنمية
عندما قرأت قصيدة (مقتل كليب) التي أخذت اسم (لا تصالح) من مقطعها الأول تساءلت كيف لشاعر أن يتبني العنف، بينما الإبداع يسعي لترسيخ التحضر؟، وتضخم التساؤل مع ولع الثقافة السائدة بهذه القصيدة، كستار من الدخان يعمي عن حقيقة أن مأساة الشعب الفلسطيني لن تنهيها قصائد التحريض في طوباوية مريضة تنص علي (إما نحن أو هم) فإذا كانت مرجعية الشاعر مستمدة من التراث العربي (مقتل كليب) وأن الصلح لم يتم إلا بعودة القتيل إلي الحياة (طلب المستحيل) فإن الإسقاط علي قضية الفلسطينيين يعني عودة عقارب الزمن إلي عام تقسيم فلسطين، أي إجراء عملية جراحية (إن جاز التعبير) في جسد الماضي، فتتنازل إسرائيل عن كل انتصارتها الساحقة، ويعود الوضع كما كان قبل عام التقسيم (عودة القتيل إلي الحياة) هنا يتبين أن الثقافة السائدة المولعة بالشعارات لم تدرك التناقض الذي وقع فيه الشاعر عندما قال (إنها الحرب / قد تثقل القلب/ لكن خلفك عار العرب/ لا تصالح/ ولا تتوخي الهرب) صحيح أن الهرب مرفوض، ولكن إذا كان الفلسطينوين خلفهم (عار العرب) فكيف يمكن أن يتخلصوا من هذا (العار العربي) وهم ملتصقون بعضهم ببعض التصاق الجنين بالمشيمة؟، هذا السؤال واحد من أسئلة كثيرة مسكوت عنها في قصيدة الشاعر. كما أن القصيدة تمتليء بالصياغات التقريرية والبديهيات الطبيعية مثل قوله (أتري حين أفقأ عينيك/ ثم أثبت جوهرتين مكانهما/ هل تري؟) فما الجديد الذي أضافه الشاعر لوعي القاريء؟، فأي انسان يعلم هذه البديهية. كما أن الشاعر انزلق وراء الصياغة الشاعرية متجاهلا أن الإنسان الحريري ويدرك ببصيرته أكثر مما يري ويدرك ببصره.
وإذا كان الشاعر كتب ومضي (فهذه رؤيته وهذا حقه) فإن الكارثة تكمن في الثقافة السائدة المولعة بالإبداع أحادي النظر والذي يجتر تراث العنف دون أفق إنساني يبتكر التصورات لمجتمع بشري أقل تعاسة وأكثر سعادة. وكما احتفت الثقافة السائدة بقصيدة (لا تصالح) فعلت نفس الشيء مع قصيدة (إما أن تكون أو لا تكون) ل علي أحمد باكثير وفيها قال (لا صلح ياقومي وإن طال المدي/ وإن أغار خصمنا وأنجدا/ وإن بغي وإن طغي وإن عدي) إلخ. الفساد الشعري هنا يكمن في توظيف جملة شكسبير الفلسفية (أكون أو لا أكون) لأغراض السياسة، مثلها مثل فساد طلب عودة القتيل إلي الحياة. وفي كل الحالات يجد العقل الحر أنه أمام دوائر عبثية من اجترار الذهنية العربية التي تري (إما الكل أو لا شيء) وهي ذهنية عبر عنها شاعر عربي قديم في قوله (وإنا أناس لا توسط بيننا/ لنا الصدر دون العالمين أو القبر) أليست هي دعوة للانتحار الجماعي، كما تفعل حماس التي تري أن بقاءها وحصولها علي أموال الشعوب العربية والاتحاد الأوربي مرهون باستمرار شقاء الشعب الفلسطيني حتي ولو أدي الأمر إلي فنائه، وكان أ. عبد الرحمن الراشد علي حق عندما ذكر أن الرافضين لإطلاق (شليط) لا يهمهم مأساة مليون فلسطيني، لأن ذلك لو تم فلن يكون هناك حصار ومواجهات وقضية يرفعون قميصها كل يوم لأغراضهم الأخري (صحيفة الشرق الأوسط/ 1/ 6/ 2010 ص13) ولعل عمرو ابن كلثوم الذي قال (لنا الدنيا ومن أمسي عليها/ ونبطش حين نبطش قادرينا / طغاة ظالمون وما ظلمنا/ ونظلم حين نظلم بادئينا/ إذا بلغ الرضيع لنا فطاما/ تخر له الجبابر ساجدينا) ولعل نظرة إلي دواوين محمود درويش الأولي الخطابية ، ووقوعه في التناقض بين تحرير فلسطين وإدانته للشعب الأسباني الذي تحرر من مستعمريه ، كما قال في قصيدته، (الكمنجات) التي يقول فيها (الكمنجات تبكي مع الغجر الذاهبين إلي الأندلس/ الكمنجات تبكي علي العرب الخارجين من الأندلس) إلخ بينما في ديوانيه الأخيرين تتسع نظرته إلي الكون والوجود والإنسان فيقول (كنت أحسب أن المكان يعرف/ بالأمهات ورائحة المريمية/ لا أحد/ قال لي أن هذا يسمي بلادا/ وأن وراء البلاد حدودا، وأن وراء الحدود مكانا يسمي شتاتاً ومنفي/ لنا، لم أكن بعد في حاجه للهوية/ .. والهوية؟ قلت/ فقال دفاع عن الذات/ أن الهوية بنت الولادة، لكنها في النهاية إبداع صاحبها، لا وراثة ماض. أنا المتعدد/ في داخلي خارجي المتجدد/ يحب بلادا، ويرحل عنها (هل المستحيل بعيد؟ يحب الرحيل الي أي شيء/ ففي السفر الحر بين الثقافات/ قد يجد الباحثون عن الجوهر البشري مقاعد كافية للجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.