رفض دبلوماسيون مصريون من أعضاء المجلس المصري للشئون الخارجية الانسياق وراء التحليلات السياسية التي تحاول إبراز الدور التركي المفاجئ وتزعم نموه علي حساب الأدوار التاريخية العريقة للدول الكبري بالمنطقة مثل مصر والسعودية، خصوصاً في القضايا ذات التأثير الأكبر مثل القضية الفلسطينية. وفي استطلاع روزاليوسف لآرائهم أكدوا أن لعب تركيا فجأة دور المهتم بالشرق الأوسط مربوط بالمصالح التي تبغيها من وراء هذه اللعبة خصوصاً المصلحة الكبري التي تجري وراءها من فترة طويلة وهي الانضمام إلي الاتحاد الأوروبي حيث إن ظهورها في قضايا المنطقة يعزز من ثقلها لدي الاتحاد ويضغط علي الأعضاء الرافضين لها. السفير حسن عيسي مدير إدارة إسرائيل الأسبق بوزارة الخارجية قال إن تركيا كان ولايزال هدفها الرئيسي هو الانضمام للاتحاد الأوروبي الذي لن يسمح لها يوماً بذلك لأسباب دينية وثقافية واجتماعية وأيضاً تاريخية، غير أن الحكومة التركية الحالية لم تفقد الأمل فولت وجهها للحلول العربية للمرة الأولي منذ قرابة القرن بعد أن عدلت كثيراً من أوضاعها الداخلية بخصوص حقوق المرأة وسيطرة الجيش علي مقاليد الحكم وغيرها من الأمور التي رفضها الاتحاد الأوروبي. وأشار إلي أن السياسة الخارجية لتركيا توجهت إلي المنطقة العربية بتوجه محسوس ومحسوب تماماً حتي ظهرت كأنها تبحث عن «شو» إعلامي فقط وذلك عندما اعترضت إسرائيل قافلة الحرية المتوجهة إلي غزة وقتلت تسعة ناشطين من تركيا والدليل علي ذلك أن رد الفعل لم يكن علي مستوي الجرم الإسرائيلي وذلك لأن هدفها الرئيسي هو كيفية الدخول إلي المنطقة العربية والتمكن منها للاستفادة منها اقتصادياً وتجارياً. وأضاف عيسي أن تركيا لن تقطع علاقاتها مع إسرائيل فهناك خلفيات تاريخية بينهما تعود إلي فترات هجرة اليهود إلي الإمبراطورية العثمانية كما أن هناك بتركيا يهوداً يعرفون باسم «الدونمة» وهم من يظهرون الإسلام ويعتنقون اليهودية ويسيطرون علي مناصب عليا في تركيا ويستطيعون بسهولة التأثير علي صانعي القرار هناك فضلاً عن وجود علاقات عسكرية وثيقة الصلة بين الدولتين كما أن الجيش التركي أعلن صراحة منذ أيام أنه لن يتنازل عن علاقته بإسرائيل. ورفض مدير إدارة إسرائيل الأسبق بوزارة الخارجية المزاعم التي تتردد بشأن تأثير الظهور التركي علي الأدوار المصرية في الشرق الأوسط قائلاً إن مصر تفرض نفسها علي المنطقة بحكم جغرافيتها وقدرتها العسكرية والبشرية والثقافية ولا يمكن لأي دولة القيام بدورها وذلك بفضل قدرها الذي وضعها في قلب الدول العربية لدرجة أنه لو حاولت مصر أن تهمش دورها لما استطاعت فعل ذلك. يأتي هذا فيما قال السفير محمود شكري إنه لا أحد ينكر أن تركيا كانت علي علاقة وطيدة بإسرائيل جعلتها تتوسط صراحة بين تل أبيب ودمشق لفض النزاع القديم بينهما في غيبة القومية العربية والتفككات التي تنتشر بين الدول وهو ما سمح لتركيا بأن تنظر إلي المنطقة العربية علي أنها منطقة من الممكن أن تحمل نفوذا لها في المستقبل. وأشار إلي أن جريمة إسرائيل الأخيرة التي جاءت من نصيب الأتراك لم تكن عملية قرصنة كما وصفتها إسطنبول بل كانت عملية سياسية قذرة حققت تركيا من ورائها الكثير من الأهداف التي كانت تسعي إليها وهو ما يعزز من فرص عدم سعيها إلي قطع كامل للعلاقات مع تل أبيب. من جانبه قال السفير سيد شلبي المدير التنفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية إن تركيا تذكرت المنطقة العربية بعد 90 عاماً من تناسيها وتحاول العودة مرة أخري إليها بقوة بحكم ارتباطها الجغرافي والثقافي والتاريخي وهو ما جعلها تستغل الحادثة الأخيرة جيداً للوصول إلي هذا الهدف وهو ما يفسر عدم سعيها إلي ردود فعل قوية أو عنيفة مع إسرائيل التي اعتدت علي سيادتها بالاعتداء علي سفنها. فيما قال السفير فاروق رياض مبروك إن تركيا وإيران تظنان أن هناك فراغاً في المنطقة العربية وذلك بسبب التشرذم الواضح بين البلدان العربية وتحاولان الدخول من هذا الفراغ وهو ما جعلهما تحسنان من علاقتهما ببعض الدول العربية واستغلال جماعات بها ساعدها في ذلك قيام الولاياتالمتحدةالأمريكية بمخطط مدروس لإخراج العراق من القوي العربية الفاعلة. واتفق رياض مع سابقيه بشأن استحالة إقدام تركيا علي قطع علاقاتها مع إسرائيل وذلك بسبب ارتباطهما الوثيق مشيراً إلي أن تركيا وإيران تستخدمان الإسلام كغطاء آيديولوجي للتحرك في المنطقة العربية والتأثير علي الشعوب العربية وتستفيدان من الخلافات العربية - العربية كثيراً.