لم أكن أرغب في العودة لتفاصيل مقال كتبته في يوم ما.. وكنت أعلم أيضا حجم المخاطرة لأنني دخلت بالفعل عش الدبابير.. منذ سنوات وأنا أقتحم مافيا الأراضي.. وفي آخر مقال لي الأسبوع الماضي ناشدت رئيس الحكومة ووزير المالية تحصيل حق الدولة الذي يقدر بالمليارات من الصفوة أو النخبة كما تحصل حقوقها من شرائح المجتمع الأخري دون محاباة أو محسوبية. حتي تنال الحكومة وقراراتها والقوانين احترامها لدي المواطن، وتمنيت من الدولة كنظام ألا تخضع لأي نوع من الابتزاز، حتي لو أخذت أشكالاً عديدة من الضغوط.. أولها نشر صفحات كاملة بالألوان في صحف خاصة تدعي الشفافية والموضوعية ومحاربة الفساد.. وعندما يتعلق الأمر بسيل الأموال تتدفق عليها.. تنسي هذه الصحف القوانين والشفافية وحقوق المواطنين وأموال الدولة التي تبحث عن قروش زهيدة لتمول المشروعات في عشرات القري الفقيرة في البنية التحتية من مياه وصرف صحي وكهرباء ومشروعات بالمليارات لتسكين آلاف الشباب الذين حلموا بشقة بأثمان بسيطة. في الوقت الذي تتهافت فيه الصحف الخاصة علي نشر إعلانات لمنتجعات وأراضٍ يريد أصحابها الهروب من دفع حقوق الدولة التي تقدر بالمليارات مخالفة للقانون، بالإضافة إلي اعتدائها علي مشروعات استصلاح الأراضي، وهي قضايا مصيرية لمصر كلها. ونبهت إلي أن الأخطر في هذه الأمور أن كثيراً من المواطنين وهم ملايين الناس في انتظار قرار الحكومة في هذا الشأن وهذه القضايا تحديداً، لتكون دستوراً لهم ومقياساً لإرادة الحكومة وإرادة الصفوة لاتخاذ إجراءات ضد الاعتداء علي الأراضي الزراعية وتحويلها إلي منتجعات أو شقق فخيمة.. وأطلقت عليهم أن هؤلاء المواطنين هم «الخلايا النائمة». المهم.. جاءني كثير من الانتقادات بل قل «الشتائم» وأخري تؤازرني في حملتي عبر وسائل متعددة بسبب إصراري علي الخوض في هذا المربع الشائك والتصدي للكثيرين من مافيا الأراضي.. وقلت في نفسي إنني أكتب لقارئ ومواطن مصري من حقه أن يشعر بالأمان في قرارات الحكومة وشفافية وموضوعية أهدافها.. ليس من أجل انتخابات قادمة لمجلس الشعب أو انتخابات رئاسية.. بل من أجل أجيال قادمة لو امتلأت قلوبهم وعقولهم بعدم الاطمئنان لنظام الدولة كدستور وكقانون عادل ويطبق علي الجميع دون النظر إلي نوعية هذه الشريحة أو تلك الفئة لن تنفع خزائن الأرض جميعا.. ولا تصريحات أعضاء الحكومة كلها في كسب ثقة هذا المواطن لعقود طويلة. فمن الممكن أن يوعد أب طفلاً صغيراً بأشياء كثيرة وأحاديث عن الأمانة والصدق والموضوعية والعدالة ويجد هذا الطفل أفعال الأب تتنافي كلياً مع هذه الأمور.. ماذا سيكون تفكير وحال هذا الطفل عندما يصبح شاباً ورجلاً يتبوأ أحد المناصب في وطنه؟ أترك الإجابة للقارئ العزيز. وأخيراً: د.نظيف رئيس الحكومة .. هل تسمعني؟!