بالأمس كنا نناقش نتائج استطلاع الرأي حول مكانة المرأة في مصر والذي أوضح أن 43% من السيدات رفضن أن تعتلي المرأة منصب رئيس الجمهورية.. والمحزن في هذه النتيجة ليس نسبة ال 71% من الرجال الذين رفضوا تولي المرأة الرئاسة ولكن النسبة الكبيرة من السيدات اللواتي لا يثقن بأنفسهن ولا بغيرهن من السيدات القادرات علي الإدارة والحكم.. وتكمن الخطورة في أن عدم إيمان المرأة بنفسها يعطي الحق والمبرر للمجتمع بأسره وبرجاله لرفض المرأة. لماذا انخفضت ثقة المرأة في نفسها إلي هذه الدرجة في مجتمع خاضت سيداته حروب التحرر منذ ما يقرب من قرن من الزمان، وكانت الرائدات منهن قائدات حقيقيات جعلن من سيدات مصر مؤمنات حقيقيات بأنفسهن وبقدراتهن علي خوض الحياة الواقعية بجانب الرجال؟ لماذا صارت الأم تعلم ابنتها الصغيرة أنها خلقت للرجل ولخدمته ولإرضائه وأنها لا تصلح لغير ذلك من الأعمال؟ الفهم الخاطئ لطبيعة المرأة والتفسير غير المقبول للمساواة بين الرجل والمرأة يعد سببا رئيسيا في هذه الردة الحقوقية للمرأة.. إذ بدأ بعض المدافعين عن حقوق المرأة في الهجوم علي الرجال والمطالبة لا بمساواة الحقوق بين الرجل والمرأة فحسب، بل والادعاء بأن الرجل والمرأة متساويان في القدرات والمهارات الجسدية والنفسية والعقلية. هذا التفسير ليس دقيقا لأن معني المساواة لا ينفي التميز الواضح والطبيعي بين الرجل والمرأة.. فهما يتساويان امام القانون وفي الحقوق والواجبات المدنية والقانونية ولكن المساواة لا تعني التشابه!! فهما مختلفان متكاملان.. وقد أظهرت الدراسات النفسية والسلوكية ودراسات خاصة بالمهارات العقلية تميزا واضحا واختلافات عديدة بين الرجل والمرأة.. منها علي سبيل المثال لجوء الرجل للقوة والمنافسة والتميز علي الأقران، ولجوء المرأة للتجربة والتعاون والمشاركة.. ولا يعني هذا بأي حال من الأحوال أن أحدهما أفضل من الآخر، بل هي عملية تكاملية بحتة وضرورة من ضرورات الحياة. هذا التشوش في صورة المرأة وعدم رؤيتها لصورة واضحة تعبر عن حقيقتها جعلها تتساءل: هل هي الإنسان المستقل الذي لا يحتاج للرجل في الحياة؟ أم هي المخلوق الذي وجد من أجل الرجل ومساعدته علي الحياة؟ هل هي الطرف الأقوي، أم الأضعف؟ وإذا كانت الأقوي فكيف تثبت ذلك وتتفوق علي الرجل؟ وإذا كانت الأضعف فلماذا تعمل وتواجه الحياة، فلتدع هذا العمل للرجل؟.. وهي كلها أسئلة تزيد من تشويش الصورة بل وتشويهها.. وإجابات هذه الأسئلة تجعل من المرأة إما معادية للرجال في محاولاتها لإثبات تفوقها، أو خاضعة للرجل مؤمنة بأنها أقل منه وتحتاج إلي حمايته. والحقيقة أن المرأة ليست أقوي ولا أضعف من الرجل.. وكما أن هناك من الأقوياء سيدات ورجال، هناك من الضعفاء رجال وسيدات.. ولكن الحياة لا تسير بدونهما معا: متساويين مختلفين متكاملين متوائمين.. لهما أدوار مختلفة أحيانا ومتشابهة في أحيان أخري.. وإذا كانت هي أما، فهو أب.. ولكن كليهما يستطيع أن يكون مديرا ورئيسا ومعلما وطبيبا ورئيس حزب ونائبا عن الشعب وطباخا وزعيما ودبلوماسيا ورياضيا وعالما وفنانا وغير ذلك.