تحول حفل التوقيع الذي أقامته دار "العين"، لمناقشة كتاب الناقد الدكتور فخري صالح الأخير "في الرواية العربية الجديدة"، إلي نقاش بين فخري صالح والناقد الدكتور محمد بدوي حول مفهوم القيمة في الأعمال الأدبية. تساءل بدوي: في المرحلة الأخيرة في مصر أثير جدال حول مفهوم القيمة، فعلي أي أساس يتم تقييم الروايات، هل علي أساس الاتجاهات التي تمثلها؟ وما الذي يملكه الناقد ليقرر أن هذه الرواية عمل ذو قيمة أم لا؟ وهناك أعمال يختلف حول جودتها النقاد، فما الذي يحدد القيمة ومن الذي يحددها؟. وفي رده علي تساؤل بدوي قال فخري صالح: سألت نفسي ما الذي حققته هذه الأعمال علي صعيد الشكل وعلي صعيد رؤية العالم، وما حركني في هذه الروايات هو بنيتها المتماسكة، ولأنها في معظمها لديها إشكالية مع النص الذي تأسس واستقر في أعمال محفوظ، فجيل الستينيات طوال الوقت يدعي أنه تجاوز محفوظ، لكن في رأيي هو لم يتطور،أما فيما يتعلق بفكرة القيمة في العمل الأدبي فهذه أحددها وفق قدرة النص علي البقاء، فهناك كتاب حققوا رواجا كبيرا أيام ديستويفسكي. وأكد صالح أنه يميل إلي الرواية قراءة وكتابة عنها، وقال: "إن كنت لا أحب أن أحصر نفسي في الكتابة عن نوع أدبي معين، لكني أري أن الكتابة عن الرواية أسهل من الكتابة عن الشعر، لأن طبيعة الكتابة الشعرية مختزلة شديدة الكثافة، لكن الرواية عالم كبير يمكن تناوله من أكثر من وجه، كما أحب الكتابة عن الرواية بوصفها نوعا من التأريخ الآخر للمجتمعات والأشخاص، وهو التاريخ غير الرسمي، فتاريخنا في الوطن العربي مزور وأفضل أن أقرأ تاريخ مصر من خلال أعمال نجيب محفوظ". وأضاف صالح:" مشكلتنا العربية أننا فرديون في أفكارنا نكتب ونحن مغلقون علي أنفسنا في حين أن معظم العمل النقدي في العالم دار في إطار مؤسساتي وبين تلامذة وأساتذة، نحن في حاجة لأن يكون لدينا مجموعات قراءة نقدية". وفي إجابته عن سبب غياب الروائيات العربيات عن كتابه قال صالح: "لا أؤمن بالكتابة النسوية لأن لها نظرة مسبقة للعالم وتتعامل معه بالمسطرة، لكن في النهاية فإن كتابة المرأة مختلفة قليلا عن كتابة الرجل، وأري أن الروائيات العربيات قد حققن شيئا مختلفا في الكتابة العربية تستحق الكتابة عنها في كتاب منفصل". وفي حديثه عن الكتاب قال صالح: "كتبت عن روايات محددة اعتبرتها أساسية بعد كتابات محفوظ، وانطلقت في الكتاب من القول بأن رواية الستينيات وما بعدها تماست مع الرواية الجديدة في فرنسا وفي بلدان أخري لكنها تختلف عن الرواية الفرنسية في أن الهم ليس الشكل ولكن رؤية العالم، وهي الرؤية غير اليقينية التي تقول أن العالم لا يمكن الإمساك به أو تفسيره"، وأوضح صالح أنه يعمل حاليا علي كتاب آخر يتناول الكتابة الروائية العربية ما بعد التسعينيات، وقال أنه يحلل فيه عددا كبيرا من النصوص الروائية ليعرف ما الذي تتميز به الرواية العربية الآن".