"المحطات النووية" تعلن حاجتها لوظائف جديدة - التخصصات والشروط    موقف إنساني مؤثر.. سيدة تناشد محافظ الإسماعيلية في سوق أبو صوير    وزيرة ألمانية: لا يمكن أن يستمر هذا الوضع في غزة    جوتيريش: الوضع في قطاع غزة "كارثة من صنع الإنسان"    المقاومة العراقية تطالب بالانسحاب الحقيقي للقوات الأمريكية من العراق    فلسطين: تصريحات وزير إسرائيلي بخصوص ضفتي نهر الأردن تهديد لأمن المنطقة    كواليس مران الأهلي استعدادا لمواجهة غزل المحلة    أفضل فريق لخاصية "وايلد كارد" في فانتازي الدوري الإنجليزي    قانون الرياضة الجديد ينظم تأسيس شركات الخدمات الرياضية بمشاركة الهيئة بنسبة 51%.. تفاصيل    3 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع ضحايا انهيار منزل الشيخ مسعود بسوهاج    رغم تحذيرات الغرق.. توافد كثيف على شواطئ بورسعيد (فيديو وصور)    الداخلية تكشف كواليس سرقة سيارة مُحملة بحقائب سفر بالسلام    الليلة.. ويجز يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان العلمين    إيرادات الخميس.. "درويش" الأول و"الشاطر" في المركز الثاني    10 لقطات مبهرة تكشف أسرار الكنوز الغارقة بالإسكندرية (صور)    إيقاعات وألوان وحرف.. قصور الثقافة تفتح أبواب الإبداع أمام مواهب بورسعيد في برنامج مصر جميلة    الصحة: تقديم 57 مليون خدمة طبية مجانية ضمن حملة «100 يوم صحة» في 37 يومًا    ترامب يعرب عن غضبه من استهداف أوكرانيا لخط نفط روسي يغذي المجر وسلوفاكيا    تشكيل بايرن ميونيخ ضد لايبزيج في الدوري الألماني    «الاستراتيجي للفكر والحوار»: اللقاء بين الرئيس السيسي وبن سلمان يعكس عمق التنسيق بين البلدين    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سيارة على الطريق الغربي بالفيوم    بالأرقام.. الأمن الاقتصادي يضبط آلاف القضايا خلال 24 ساعة    من واشنطن إلى آسيا| تداعيات الرسوم الأمريكية على الاستثمار العالمي    تسجيل مركز قصر العيني للأبحاث السريرية رسميا بالمجلس الأعلى لمراجعة أخلاقيات البحوث الطبية الإكلينيكية    بنسبة تخفيض تصل 30%.. افتتاح سوق اليوم الواحد فى مدينة دهب    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    نائب محافظ الفيوم يُكرم المشاركين في البرنامج التدريبي "العمليات التصميمية وإعداد مستندات الطرح"    حريق محدود يؤجل امتحانات مركز تقييم القدرات.. و«التنظيم والإدارة» يحدد مواعيد بديلة    تعيش بكلية واحدة منذ 5 سنوات واحتاجت غسيل كلى عاجل.. شجاعة أطباء مستشفى دسوق العام تنقذ حياة صغيرة    من أوائل الثانوية بمحافظة شمال سيناء.. وفاة الطالبة شروق المسلمانى    وزير الري: التكنولوجيا تلعب دورا محوريا في إدارة المياه والتنبؤ بمخاطر المناخ    محافظ مطروح يستقبل رئيس جامعة الازهر لافتتاح مقر لكلية البنات الأزهرية    دعمًا للأجيال الواعدة.. حماة الوطن يكرم أبطال «UC Math» في دمياط    الاقتصاد المصرى يتعافى    القبض على عاطل يدير ورشة لتصنيع الأسلحة البيضاء    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    محمود ناجي يدير مباراة السنغال وأوغندا في ربع نهائي أمم افريقيا للمحليين    ناشئو وناشئات الطائرة يتوجهون إلى تونس بحثًا عن التتويج الإفريقي    ناقد رياضي: بن رمضان اللاعب الأكثر ثباتًا في الأهلي.. ومواجهة المحلة صعبة    مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يعلن لجنة تحكيم الدورة ال32    ثائرٌ يكتُب    وزارة التخطيط ووكالة جايكا تطلقان تقريرا مشتركا حول 70 عاما من الصداقة والثقة المصرية اليابانية    الحبس عامين ل تارك صلاة الجمعة بماليزيا.. أحمد كريمة يوضح الرأي الشرعي    «التسامح والرضا».. وصفة للسعادة تدوم مدى الحياة    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    تحليل: إيران وقوى أوروبية تناقش المحادثات النووية والعقوبات    *لليوم الثاني.. خدمة Premium الجديدة بقطارات السكة الحديد "كاملة العدد"    تهيئة نفسية وروتين منظم.. نصائح هامة للأطفال قبل العودة إلى المدارس    أستاذ بالأزهر: مبدأ "ضل رجل ولا ضل حيطة" ضيّع حياة كثير من البنات    غدًا.. إعلان نتيجة التقديم لرياض أطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر| الرابط هنا    محافظ أسيوط يسلم جهاز عروسة لابنة إحدى المستفيدات من مشروعات تمكين المرأة    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    جولة مفاجئة لوكيل مستشفى الفيوم العام لضمان جودة الخدمات الطبية.. صور    ضبط المتهمين بالتسول واستغلال الأطفال أسفل كوبري بالجيزة    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجمع البحوث يوصى بمصادرة كتاب «التراث والتجديد»
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 04 - 06 - 2010

صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب «التراث والتجديد» للدكتور حسن حنفى عام 1980 عن المركز العربى للبحث والنشر، وطبعته الثانية فى 1981 عن دار التنوير ببيروت، والنسخة التى نقرأ منها الآن هى الطبعة الثالثة من الكتاب، التى صدرت فى 1987 عن مكتبة الأنجلو المصرية، «ومازال الكتاب يثير ردود أفعال عديدة»، هكذا كتب المفكر المثير للجدل فى مقدمة كتابه، وطوال تلك السنوات صدرت عدة مقالات لمراجعة أفكار حنفى الواردة فى كتابه هذا، من قبل علماء ونقاد كبار كان أبرزهم محمود أمين العالم وفؤاد زكريا، فضلا عن دراستين غربيتين، وفى المقابل نال الكتاب كذلك نصيبا وافرا من الاعتراضات التى أخذت شكل المؤلفات. وكان الاعتراض الرئيسى فى أغلب هذه الكتابات يستند إلى ما رآه هؤلاء من تجرؤ حنفى على القرآن والسنة واعتبارهما مجرد وصف للواقع لا يرقى للتقديس، ورفعه لشأن سلطة العقل على سلطة النص، ونقده لفكر الإسلاميين بأنهم إذا أرادو التغيير يبدأون بالمحرمات وقوانين العقوبات، لكن من الواضح هذه الأيام أن الكتاب مايزال يثبت - بصورة أخرى - قدرته على الاحتفاظ بإثارته للأذهان، فثمة وجه آخر للاعتراض هذه المرة على الكتاب.
نقول «إثارة» تعليقا على الخطوة التى انتهجها مؤخرا مجمع البحوث الإسلامية بالتوصية بمصادرة الكتاب بعد مرور ثلاثين عاما على صدوره، وذلك بناء على الدعوى المرفوعة من الشيخ يوسف البدرى والمحامى ثروت الخرباوى ضد وزير الثقافة وشيخ الأزهر للمطالبة بمنع نشر كتب سيد القمنى وحسن حنفى.
وقد جاء فى تقرير المجمع أن كتاب « التراث والتجديد» يهدف إلى الانتصار لليسار الشيوعى والنيل من الإسلام وعدم ملاءمة الدعوة الإسلامية للعصر الحديث، وأن «هدف الكاتب هو مناهضة السلطة السياسية والدعوة لحزبه السياسي»، مسوغ المصادرة غريب ومستفز للبحث، فلأول مرة تقريبا تضطلع جهة تابعة للأزهر بمهام ليست دينية، أو بمعنى أدق يكون حكمها على مصادرة كتاب ما لسبب سياسي.
حاولنا من خلال القراءة التالية للنسخة التى توفرت لنا بالصدفة، تلخيص أبرز ما أتى به الكاتب فى مؤلفه، لكن يبقى السؤال عالقا: لماذا هذا الكتاب الآن؟
يحاول المؤلف إفهامنا بشتى الطرق، ويعود ويكرر ليثبت أن التراث ليس قيمة فى حد ذاته، أو كيانا مستقلا بذاته، بل نظرية للعمل، «مجموعة من التفاسير يعطيها كل جيل بناء على متطلباته»، ومن بين الأمثلة العملية التى يسوقها أن العمل السياسى يتعثر فى البلاد النامية لأنه لم يسبقه ثورة إنسانية هى شرط له، فتفشل الجهود لقيام أحزاب تقدمية وتنظيمات شعبية تملأ الفراغ بين السلطة والجماهير، لأن «النهضة سابقة على التنمية وشرط لها، والإصلاح سابق على النهضة وشرط لها، والقفز إلى التنمية هو تحقيق لمظاهر التقدم دون مضمونه وشرطه».
كما أن التراث ليس مخزونا ماديا له استقلال عن الواقع»، بل هو مخزون نفسى عند الجماهير، إلا أن أغلب الحديث عن إحياء التراث وبعث التراث ونشر التراث وتحقيق التراث، يتم على مستواه الأولى «المادي» فقط، وكأن البعث والإحياء والنشر يعنى فقط إعادة طبع القديم طبعات عدة، فإذا قيل أن السبب فى الهزيمة هو البعد عن الكتاب والسنة، أعيد نشر الكتاب والسنة فى طبعات مذهبة منمقة، و«يتبادلها رؤساء الدول هدايا فيما بينهم، وترسلها المؤتمرات والجمعيات الإسلامية إلى الدول الإسلامية غير الناطقة بالعربية لنشر الوعى الإسلامي، ونكون جميعا كالحمار يحمل أسفارا».
يشرح المؤلف بشيء من التفصيل: «إننا نلحق عقولنا بالنصوص، ونقع فى التأويلات، ونقطع الصلة بين العقل والتحليل المباشر للواقع باعتباره مصدرا للنص، ونقبل الإمام بالتعيين، ضعفاء أو خائفين أو منافقين، وننتقى من التراث ما يدعم هذا الوضع».
من بين أفكار الكتاب كذلك أن الاعتزاز بالماضى انصياع للعواطف والنعرة القومية، واستسلام للنزعة الخطابية الحماسية التى يغيب فيها العقل ويسودها الانفعال، وهى إضافة إلى المزايدة على الدين، تعتبر ملخص المبادئ الهدامة والمتخاذلة التى تقوم عليها المناهج فى الدراسات الإسلامية من وجهة نظر حنفي.
يختم حسن حنفى رؤيته عن توابع وأزمات التغيير فى واقعنا المعاصر، بهجوم حاد على علوم الحكمة وعلم أصول الدين وعلم الفقه وعلم التوحيد وعلوم التشريع، وعلى القيم الصوفية التى يراها حنفى سلبية، لأنها دفاع العاجز الضعيف، الذى لا يرى فضائله إلا فى أنه صاحب الحق الضائع، وأخيرا يفند هجومه على الدولة الإسلامية، حيث يرى أنه إذا ما تم تطبيق الإسلام بإقامة الدولة الإسلامية، فأول ما يتم تطبيقه هو العقوبات، وكأن العقوبة هى الغاية وليست الوسيلة، ويطلب من الرعية تنفيذ واجباتهم قبل منحهم حقوقهم، كما تسود المحرمات، وكأن الإسلام هو أساسا دولة المحرمات، ويصب أولو الأمر جل اهتمامهم على قانون الأحوال الشخصية، ويتركون النظام الاقتصادى السياسى إلى هوى الحاكم، باختصار تتحول الدولة الإسلامية إلى أسرة، والمسلم هو رب الأسرة، وليس المواطن الذى يعيش فى دولة.
نستخلص من هذا الكتاب أن تجديد التراث ضرورة ملحة ومطلب ثورى وقضية وطنية، وأولوية بالنسبة للبلاد النامية، ووسيلة للبحث عن الهوية وليس غاية للدفاع عن عقد قديمة موروثة، «تجديد التراث هو مهمة الثوريين» كما يرى حسن حنفي، أو مهمة سياسية كما يشرح، ويقول فى موضع آخر: «إن تغيير الواقع بالوثوب على السلطة دون انتظار لتجنيد الجماهير - مصدر السلطة - أقرب إلى محاولات الإنقلابات منها إلى تغيير اجتماعى بالفعل»، وتبدو هنا نقطة متناقضة بحسب معارضى حنفى فى هذا الكتاب، وهى أنه رغم استخدامه للفظة «ثورة»، إلا أنه يهادن السلطة القائمة ويطمئنها بأنه لا يقصد الإنقلاب عليها.
أما المثير للسخرية والمفارقة بالفعل فهو أن نفس الكتاب ونفس تلك الأفكار تثير الاعتراض ونقيضه تماما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.