إحتفل مركز الحوار العربي بالعاصمة الأمريكيةواشنطن يوم الأربعاء الماضي، الثاني عشر من شهر مايو 2010، ببلوغ عالم الجيولوجي المصري الدكتور رشدي سعيد عامه التسعين . كانت هذه المناسبة فرصة للاحتفاء بجيل الرواد المصريين والعرب ممن حملوا علي أكتافهم عبء نقل الثقافة والفكر من محيطه الإقليمي إلي العالمية ، حيث شارك في الاحتفال كل من : كلوفيس مقصود، محمد الشناوي ، طارق عمر، جرجس فؤاد جرجس، عمر عطية، فايز إبراهيم، عبد المنعم عبيد، فؤاد طيرة، نعيم شربيني، نادر تادرس، إبراهيم حسين، محمد سعيد الوافي وصبحي غندور مدير مركز الحوار العربي. ولد رشدي سعيد عام 1920 بحي القللي بالقاهرة، من أسرة تنتمي للطبقة المتوسطة تعود أصولها لمحافظة أسيوط، والتحق بكلية العلوم جامعة القاهرة سنة 1937 وتخرج فيها عام 1941 بمرتبة الشرف الأول، ثم عين معيداً بالكلية وبدأ تدريس الجيولوجيا بالكلية بعد عودته من بعثته العلمية بجامعة زيورخ بسويسرا سنة 1951. كان سعيد أول مصري يحصل علي الدكتوراه من جامعة هارفارد بالولاياتالمتحدة، قبل أكثر من 60 عاما. وهو يعيش في واشنطن منذ أوائل الثمانينيات، بعد أن شملته قرارات اعتقال سبتمبر 1981، ليتغرب ويضطر لبيع مكتبته العلمية حتي يستطيع الحياة في الولاياتالمتحدة. تولي سعيد إدارة مؤسسة التعدين والأبحاث الجيولوجية في مصر من 1968 حتي 1977، فكان له دور كبير في تنمية هذه المؤسسة، إلي جانب دوره في الاكتشافات التعدينية التي مكنت مصر من التغلب علي ما فقدته بعد احتلال سيناء عام 1967. وأتيحت له فرصة العمل السياسي في فترة الستينات والسبعينات كعضو في مجلس الشعب وفي الاتحاد البرلماني الدولي. فضلا عن أنه أبرز العارفين بأسرار نهر النيل العظيم ، وقد اقترح تحويل وادي النيل لتعمير الصحراء الشاسعة في مصر، ويعتمد مشروعه علي تعمير جزء من الصحراء يرتبط بوادي النيل بشبكة محكمة من المواصلات والاتصالات. وحدد ذلك في المنطقة الواقعة شمال الصحراء الغربية حيث البحر المتوسط من الشمال ومنخفض القطارة وواحة سيوة من الجنوب، بسبب اعتدال مناخها وانبساط تضاريسها وقربها من مناطق الطاقة حقوق الغاز الطبيعي ومراكز العمران والبحر الذي يمكن استخدام مياهه في التبريد في كثير من الصناعات. في مناسبة بلوغه الثمانين عاما أصدر مذكراته تحت عنوان «رحلة عمر» أما عنوانها الفرعي فكان (ثروات مصر بين عبدالناصر والسادات)، يقول فيها: «ان مصر كانت أغني دولة في العالم قبل الثورة الصناعية، وان قيام اسرائيل عام 1948، بالاضافة إلي البطالة، هما أهم رافدين لبعث التطرف الديني في مصر وبصفة خاصة في الجامعة». ويؤكد سعيد أن التسامح الذي أرسته ثورة 1919 الليبرالية في المجتمع المصري، قد تلقي أولي الطعنات حين مالأ اسماعيل صدقي قوي اليمين الديني لضرب خصومه من الليبراليين واليساريين (وهو ما فعله الرئيس السادات في السبعينيات)، وأن معظم ضباط يوليو كانوا قليلي المعرفة بالآخر الديني، الي حد ان فتحي رضوان هو الذي ذكرهم بفريد أنطون ليكون الوزير الوحيد القبطي (وزير تموين)، في أول وزارة بعد الثورة 1952. ورغم إيمان العلامة رشدي سعيد وأسرته بالليبرالية والدور التاريخي لحزب الوفد، إلا ان ذلك لم يمنعه من انتقاد أوضاع مصر قبل ثورة يوليو، حين كان شعبها «مقهوراً ومحصوراً في واديه الضيق». ليخلص إلي أن الأمل الوحيد لمصرنا هو في التعليم، الذي بدأ يتدهور، ومعه البحث العلمي، منذ عام 1952 ومايزال حتي اليوم ّ! تحية معطرة بالحب ودوام الصحة والعطاء وطول العمر لعميد المصريين في عيد ميلاده التسعين.