تحولت الندوة التي نظمتها هيئة الكتاب لمناقشة "معجم الفلكلور" للدكتور عبد الحميد يونس إلي حفل تأبين للراحل، في البداية قالت الدكتورة نبيلة إبراهيم لقد كانت هناك محاولات لتقديم معجم للفلكلور الشعبي قام بها الدكتور أحمد تيمور، ثم أحمد أمين وأخيرا الدكتور عبد الحميد يونس، وأنتهز هذه الفرصة لأطالب بضم هذه المعاجم في موسوعة واحدة. ثم استعرضت بداية وضع معجم للفلكلور قائلة: في منتصف السبعينيات تشكلت لجنة الفنون الشعبية التي كانت تضم في عضويتها الدكتورة سهير القلماوي والدكتور حسن فتحي والدكتور محمد الحفني والدكتور عبد العزيز العلواني برئاسة الدكتور عبد الحميد يونس لتأسيس معجم للفلكلور الشعبي، ولكن نظرا لعدم وجود مكافآت مجزية انسحب كل الباحثين من المشروع، ولكن الدكتور عبد الحميد يونس كان صاحب روح مغامرة ومتحدية فحمل علي عاتقه عبء إخراج المعجم إلي النور، وصدرت طبعته الأولي في حياته عام 1983 في بيروت، والطبعة التي بين أيدينا الآن هي أول طبعة تصدر في مصر عن هيئة الكتاب، وقام الراحل بترجمة معجم "فولك" وضمه للمعجم العربي، بحيث أصبح لدينا مسرد عربي ومسرد أجنبي للمفردات الشعبية في الثقافتين العربية والإنجليزية. وقال الدكتور أحمد يونس نجل الراحل: قد كان عبد الحميد يونس موهوبا كأب وكأستاذ، فتتلمذنا علي يديه أنا وأخوتي، كان يوزع علمه علي الكثيرين دون أن ينقص من ذاته شيئا، وكانت من مميزاته الكبري العقلية العلمية، وتعلمت منه رؤية الأشياء بمنطق علمي يسمح بالحوار والاختلاف ويحض عليه، وعندما يسأل في مسألة يقول "يهيأ لي إنها كذا" وهو يعرف الإجابة لكي يعطي الآخر فرصة التعبير عن رأيه، وكان بمثابة الجنايني الذي يرعي الأشجار ويحرس نموها دون أن يتحكم في نموها وتحديد مسارها الذي تختاره، واستطاع الراحل إخراج الفنون الشعبية من أسوار الجامعة إلي رجل الشارع العادي، وعندما سئل لماذا تهتم بأدب العوام والغوغاء فقال: أنا أنتمي إلي هؤلاء العامة والغوغاء، وأضاف: لقد كان الراحل صاحب حلم كبير في أن تأخذ الدراسات الشعبية مكانتها اللائقة بها، ولكن كانت أحلامه تصطدم دائما بآليات السوق. وقال الدكتور احمد مرسي لقد حققنا الكثير من احلام الراحل منها ما تحقق في حياته مثل استمرار مجلة فنون شعبية في الصدور بعد توقفها فترة وكان يحلم بوجود معهد عال للفنون الشعبية وتحقق وجوده في حياته كنوع من التقدير وحب تلاميذه له كما أننا نعمل في صمت لإعداد أرشيف للمأثورات الشعبية خشية العواصف والأعاصير التي قد تعيق مشروعنا عن التحقق، لأن الزمن قد تغير، وكان للراحل معادلة ثابتة تتلخص في (ط = أ + ز) بمعني (الطالب= الأستاذ + الزمن)، وكان يهدف إلي أن يكون الطالب متجددا ولا يكون نسخة كربونية من أستاذه، وتعلمت منه ألا يضيق صدري باختلاف التلميذ مع أستاذه، ولجنة الفنون الشعبية تعد لمؤتمر كبير بمناسبة مرور مائة عام علي ميلاد عبد الحميد يونس 1910 - 2010. وقال الدكتور خالد أبو الليل لقد قدم الراحل معجم المأثورات الشعبية لتسهيل مهمة الدارسين وتقديم المعلومات الخاصة بالظواهر الثقافية الشعبية وهو أول من خصص كرسي للأدب الشعبي في الجامعات العربية والعجم يضم معلومات داخل مصر وخارجها عربية وأجنبية، قديمة وجديدة، وذكر أسماء الباحثين المهمين عربيا ودوليا، وأكثر المواد في المعجم هي باب حرف الألف (100) صفحة، وأقلها حرف العين (3) صفحات، ويبلغ عدد صفحات المعجم 459 صفحة وهو عمل رائد كانت المكتبة العربية في أشد الحاجة إليه، قد ذكر الراحل مصطلح الملحمة وليس السيرة ليرد علي المستشرقين الذين اتهموا العقلية العربية بالقصور، وأنها لم تعرف عددا من الفنون التي يفخر بها الغرب وفي مقدمتها الملحمة، ولكنه في نهاية حياته استخدم مصطلح السيرة احتراما لكلمات الناس الذين تواضعوا عليها وتداولوها فيما بينهم.