نظمت الهيئة العامة للكتاب ندوة لمناقشة المجموعة القصصية (وردة أصبهان) للروائية سلوي بكر، الصادرة عن الهيئة، وشارك فيها الدكتور محمد حافظ دياب أستاذ الدراسات الأنثروبولوجية بجامعة بنها، والروائي إبراهيم عبد المجيد، والناقدة جيهان فاروق، وأدارها الشاعر شعبان يوسف، الذي قال: إن المجموعة تضم تجارب إنسانية متنوعة تترواح بين ما هو حميمي خاص، وبين ما يمس هموم الآخرين وآمالهم، حيث تعبر عنها بطرائق سردية متنوعة، ولغة دالة ترتسم عوالم الشخصيات من خلالها، مما يساهم في ترسيخ ملامحها وتبيان عوالمها الداخلية، وتؤكد هذه المجموعة أن سلوي بكر كاتبة قصة قصيرة في الأساس رغم انتاجها الروائي المميز، وأن القصة القصيرة ما زالت حاملة لطاقات تعبيرية بلا ضفاف، وأن زمنها لم ينته، ولن ينته كما يري البعض لصالح أشكال إبداعية أخري. أما الدكتور محمد حافظ دياب فقال: إن سلوي بكر استطاعت أن تعبر في إبداعاتها عن قضايا وطنها، فقد شاركت منذ السبعينيات في كل حلقة من حلقات الوطنية المصرية والعربية، وأتساءل: كيف استطاعت أن تجمع بين الإبداعية الفنية وإبداعية المواطنة، وتواشج العلاقة بين البلاغي والوطني، وهذه المجموعة تلتقي فيها غواية البوح والشجن والتصادم مع الواقع ووجعه والحلم بوطن يتألق بالعدل والحرية، وهي تكتب نصا يتناول اليومي والمعيشي، كما أنها تمتاح من ذاكرة التاريخ، كما أنها تضحك وتبكي بلغاتها القديمة والمستجدة، وجمعت بين القصص الطويلة وقص الومضة، ومزجت بين دراما المكان والمشاعر بإيراد الانطباع الذي يخلقه المكان ووقعه علي النفس، كما يشكل الزمن بعدا أساسيا من أبعاد المجموعة كوجه جمالي، حيث تتكرر الاشارات الزمنية، مثل، الليل والصباح، ومنذ آلاف السنين، وبعد صلاة العصر. الناقدة جيهان فاروق أشارت إلي أن المجموعة يغلب عليها أصوات النساء، فبطلة (وردة اصبهان) أرملة، أم لثلاث بنات إحداهن مريضة بالحساسية، وهي محاصرة بقيود المجتمع، ولكنها تتقمص دور الفاعل في فعل العشق، حيث تعيش علاقة حب مع يحيي الذي يريد أن يتزوجها، ولكنها لا تريد الزواج، وإنما تنشد التحرر من محبسها، وتهديها احدي النساء الافغانيات زجاجة عطر، والتي ترمز لحالة العشق، وبانتهاء الزجاجة تنتهي قصة الحب وتعود البطلة إلي حياتها العادية، بينما البطل يبحث عن امرأة اخري لديها زجاجة عطر (وردة اصبهان)، كما انتقدت بكر الفكر الخرافي والشعوذة في قصة عكوسات، وأظهرت المرأة المناضلة في قصة (ابن خمسين)، حيث تفر امرأة بطفلها الرضيع من جنود الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، وفي قصة (زوادة ستي) تظهر انتماء المراة المصرية لتراثها الفرعوني. الروائي ابراهيم عبد المجيد، قال: إن كتّاب القصة القصيرة اليوم قابضين علي الجمر، لأنها الاقرب إلي الروح، بينما الرواية فن برجوازي يحتاج إلي وقت وتفرغ وأموال، والقصة القصيرة حالة من الصدق الشعوري العالية التي لا يمكن تأجيلها، والقالب الفني عند سلوي بكر خبيث لا يوحي بالنهايات مثل انطون تيشكوف، ولكن النهايات دائما عكس ما تقرأ. ومن جانبها أكدت سلوي بكر أنها معنية برصد المأزق الحضاري الذي نعيشه، وربما كانت هذه القصص هي اشكال من تجلياته علي مستوي القيم والمفاهيم والفوارق الشديدة في الوعي بالكينونة والذات والعالم والمحيط لدي الناس، ولا نتوقف لتجديد الاسئلة التي تتلاءم مع اللحظة الراهنة، ومن هنا تكون المفارقة والمأزق بسبب استنادنا إلي إجابات قديمة علي أسئلة قديمة، لذلك نحن نراوح مكاننا طوال الوقت، وهاجسي الإبداعي النظر في هذا المأزق الحضاري وتجلياته علي مستويات كثيرة وهذا المأزق جذر الاشكاليات التي نحياها.