كنت في طفولتي باستمرار ثائرا علي النظام الصارم الذي فرضه علي والدي الذي كان يعمل وقتها ضابطا بالقوات المسلحة واستمرت هذه الطبيعة الجينية بداخلي فكنت في شبابي دائما ما أبحث عن الثوار وأنضم إليهم وقلت سابقا في هذا المكان إنني كنت ضمن الحركة الطلابية في ألمانيا لكن لو سألني أحد الشباب المتظاهرين اليوم عما كنت أقوم به مع زملائي الطلاب من مظاهرات واحتجاجات فلن أجيبه إلا بأنه «كلام فارغ» كما أقول إنه مع أن ميلي الطفولي والشبابي إلي الثورة والاحتجاج لكني لم أكن لأنضم إلا إلي الاحتجاجات «المؤدبة» فقط. هذا لا يعني أنني أطالب بكف المواطنين عموما أو العمال عن أن يطالبوا بحقوقهم ولكن إذا ما أردت أن تنظر إلي حقوقك فلتنظر أولاً إلي واجباتك وإن أردت مديراً في عدل عمر بن الخطاب فكن أنت خالد بن الوليد، إذا ما نبدأ به أن نقوم بالواجب المفروض علينا أولاً ثم نطالب بالحقوق المعقولة والمشروعة. علي الجانب الآخر وبعد أن أصبح لدينا في هذا الشارع مظاهرة وأمام تلك الوزارة احتجاج وإضراب في ذاك الجهاز وأصبح رصيف مجلس الشعب مرقداً للمتظاهرين أصبح من الضروري أن يكون هناك نظام صارم مع كل هذه المظاهرات في ظل الأوضاع الخاصة التي تعيشها البلاد في الوقت الحالي. وبالتأكيد فإن هناك مظاهرات واحتجاجات لها أهداف أخري غير التي يعلنها أفرادها علي لافتاتهم وفي هتافاتهم ومؤكد أن هناك من محرك يقود هؤلاء وهذا سبب مطالبتي بالتعامل الصارم مع هؤلاء ولا أخشي في ذلك لومة لائم أو غضب أحد ولا يعني هذا النظام الصارم قمع هؤلاء العمال وهذا أمر بعيد عن النظام الحالي الذي كفل سقفا لا يري لحرية الرأي كما أني لم أر في أي دولة عربية حركة عمالية ونقابات عمال كتلك التي توجد لدينا ولها من الحرية ما يجعلها تنال حقوقها بشكل شرعي وحضاري ودون أن يكون هناك لي لذراع الحكومة أو تلك الصور المبالغ فيها. نحن في أوضاع شديدة الدقة لا تخفي علي أحد ويجب أن يمارس النظار من الحزم والشدة ما يضمن استقرار الأوضاع في ظل هذه الأزمات لضمان حماية الاقتصاد المصري فلا شك أن كل يوم بل كل ساعة تمر دون إنتاج بسبب هذه الإضرابات التي تمثل خسارة فادحة يتحملها الشعب بأكمله. ومع هذا الحزم المطلوب أري أنه علي الحكومة أن تسعي إلي أن تجد لنا تفسيراً للأسباب التي جعلت عاملا يضحي بقوت يومه ويقف في مظاهرة أمام إحدي الوزارات ليس هذا فحسب بل يجب عليها أن تبحث عن الحلول السريعة والمرضية لهذه المشكلة مع الأخذ في الاعتبار أن الاقتصاد وحده لن ينجح إلا إذا كان اقتصادا سياسيا قائما علي معايير تكاملية بين مختلف الوزارات المعنية.