تابعت علي قناة CNN الأمريكية يوم الأربعاء الماضي تلك المناظرة التي جمعت بين المهندس أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني، والدكتور محمد البرادعي.. وقد خرجت بمجموعة من الملاحظات المهنية والفكرية.. وفي مطار القاهرة، يوم الخميس، وأثناء سفري في رحلة إلي الخارج لعدة أيام، التقيت عددًا من الأكاديميين والمهتمين بالشأن السياسي المصري، ودار الحوار حول هذه المناظرة، ووجدت أن هناك اتفاقًا معهم حول تلك الملاحظات التي خرجت بها. أولي هذه الملاحظات تتعلق بلغة الخطاب التي استخدمها المهندس أحمد عز، ولا أقصد بطبيعة الحال، تمكنه من اللغة الإنجليزية، وحديثه بها، ولكن أعني إدراكه لكيفية مخاطبة العقل الأمريكي، ومعرفته بأساليب الخطاب الموجه إليه.. وهي ميزة لا تكاد توجد لدي كثير ممن يتصدي لخطاب الغرب، والتحدث إليه.. كان المهندس عز شديد الدقة في المصطلحات والألفاظ التي استخدمها، وكان شديد الوضوح في عرض أفكاره وطروحاته، وشديد التواصل مع روح المشاهد الغربي المستهدف من اللقاء. ثاني هذه الملاحظات تتعلق بالالتزام الحزبي الذي عبر عنه المهندس عز.. فقد كان هاضمًا لتوجهات الحزب الوطني الأساسية، وملمًا بتفاصيلها الدقيقة، ومتشبعًا بروحها.. ولذا كان شرحه لها دقيقًا، وكان تعبيره عنها صريحًا.. لقد أكد المهندس أحمد عز ترحيب الحزب الوطني بالمنافسة، وتشجيعه لحالة «الحراك السياسي» التي تعم مصر في الوقت الحالي.. وأوضح أن ذلك لا يعني أن يكون العمل السياسي فرديًا، ولا أن تحركه دوافع شخصية، وإنما العمل السياسي في مصر هو عمل مؤسسي، تقوم به أحزاب سياسية، لها أطرها المنظمة لها، ولها كياناتها الفاعلة.. الحراك السياسي الذي يرحب به الحزب الوطني لا يعني «الفوضي» حتي لو تمت تسميتها بالخلافة علي حد تعبير وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس. ثالث هذه الملاحظات تتعلق بما أظهره أمين التنظيم في الحزب الوطني من احترام الحزب الوطني لمنافسيه، وتقديره لكل من قدم لمصر، أو عمل علي رفعتها.. لقد أظهر المهندس عز احتراما وتقديرًا للدكتور البرادعي، وإن كان ذلك لا يمنع أن يكون هناك اختلافات في وجهات النظر، وتباين في الأهداف والمصالح والرؤي السياسية الحاكمة لكل منهما بين المنافسين بلا تهوين من أقدراهم، وبلا تهويل في قدراتهم، سمة تعكس «الواقعية السياسية» التي ينتهجها الحزب الوطني، والتي تظهر في أداء أعضائه وقياداته. لقد كانت هذه المناظرة خطوة ايجابية في ضوء السياسات التي ينتهجها الحزب الوطني، والتي أكد عليها الرئيس مبارك في خطابه في عيد تحرير سيناء، حين أشار إلي ترحيبه بحالة الحراك السياسي التي تشهدها مصر حاليًا. وهو ما أشار إليه وأكد عليه أيضًا السيد صفوت الشريف في حواره مع قناة الحرة، حين أشار إلي أن الحزب الوطني يرحب بالمنافسة الحقيقية، وأنه يجب أن ندع الإنجازات التي تحدث علي أرض الواقع تتحدث عن نفسها.. وهو أيضًا ما أشار إليه السيد جمال مبارك في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الخميس الماضي غداة المناظرة، إذ أشار إلي أن «الحزب سيواجه الآخر ولن يظل في موقف الدفاع، بل سيجعل من يطالبون بالتغيير في موقف الدفاع ليوضحوا رؤيتهم حول مفهوم التغيير بشكل تفصيلي، وليس مجرد عناوين عامة. لقد كان أداء المهندس عز في هذه المناظرة احترافيًا، وقد تصبح هذه المناظرات، بناء عليها وكنتيجة لها، سمة من سمات الحراك السياسي في مصر مستقبلاً.