كيف خسر مواجهة «سي. إن. إن».. وأصبح حليفاً لسعد الدين إبراهيم ؟ بالطبع كتبت هذا المقال صباح الثلاثاء للنشر يوم الأربعاء ثم أجبرتنا المساحات إلي تأجيله ليوم الخميس ومرة أخري نقلت موقعه لدواعي مساحة أخري.. وقررت أن أضيف إليه تعليقا جديدا في المقدمة بعد ما أذاعته محطة سي إن إن مساء يوم الأربعاء وهنا ملاحظات سوف انتقل بعدها لمناقشة الحالة البرادعية في غياب البرادعي عن مصر. فيما يخص البرنامج التليفزيوني أسجل ما يلي: * بدا البرادعي غير موفق علي الإطلاق يعاني من صعوبة في إنسيابية عرض أفكاره بالإنجليزية كما في العربية ولديه مشكلة في أنه يكرر شعارات بلا مضمون وليس لديه إجابات عن أمور محددة منها مثلاً أنه لم يجب علي المذيعة التي سألته كيف تعتمد علي أصوات الفيس بوك حتي لو كانت بعشرات الألوف في مجتمع من 80 مليون نسمة. * تبين بوضوح من تركيبة الحلقة أن هناك تحالفاً ما بين الدكتور البرادعي والدكتور سعد الدين إبراهيم مزدوج الجنسية ولا شك أن هذا سوف يلقي بظلال مختلفة علي انطباعات الرأي العام المصري عنه إذ تبين في النهاية زن البراعي ليس سوي إضافة جديدة في عمليات عبث سعد الدين إبراهيم وأنهما حليفان. * يطلب البرادعي ألا تنتظر الولاياتالمتحدة كثيرا علي مصر وقال: إلي متي تنتظر وهو ما يعني أن الدكتور محمد البرادعي يظن أن التعامل مع منصب رئيس مصر يمكن أن يكون مماثلا لتعامله مع طلب التأييد الأمريكي لكي يكون رئيسا لوكالة الطاقة الذرية وهناك فرق كبير بين مصر كدولة كبيرة ومنصب رئيسها وبين ساع إلي منصب مدير وكالة الطاقة الذرية. * أجاد أمين تنظيم الحزب الوطني أحمد عز في توجيه كلام محدد إلي الرأي العام الأمريكي بخصوص ما يجري في مصر علي ضيق الوقت وسجل نقاطا في أن البرادعي نفسه هو الذي يعوق نفسه لأن أحزاباً كثيرة عرضت عليه أن يترشح ولم يترشح عنها وقال: إن لجوء مصر إلي حالة الطوارئ هو لمكافحة الإرهاب تماما كما لجأت الولاياتالمتحدة إلي قانون «باتريوت أكت». انتهت ملاحظاتي العابرة علي هذا البرنامج وأعود إلي مقالي الأصلي. سافر البرادعي.. ومثل هذه الانقطاعات هي أحد أهم الأدلة علي خواء الظاهرة وضعفها وانعدام جذورها وارتباطها الوثيق بصفة (الظاهرة الصوتية) غير السياسية.. حتي لو كانت لها بعض المظاهر السياسية الشكلانية. انطلق الدكتور محمد البرادعي في رحلة إلي الولاياتالمتحدة.. زيارة ودعاية.. ولا أريد أن أقول (زيارة وتجارة).. فالهدف الأساسي للرحلة هو أن يسدد ما عليه من ارتباطات تتعلق بمجموعة من المحاضرات التي عليه أن يلقيها في مواقع مختلفة.. تلك عادة المسئولين الدوليين السابقين.. وهذا أحد أهم مصادر دخلهم بعد التقاعد.. وفي هذا المجال في العالم الغربي هناك أسعار وفئات. وعلي هامش وجوده في الولاياتالمتحدة، لم ينس الدكتور البرادعي أن يبتدع لقاء هنا وهناك مع من أسماهم أعضاء الجمعية التي يديرها للتغيير في الخارج.. وأجري لقاءات معينة. كل هذا لا توجد معضلة فيه.. موظف دولي متقاعد يتحصل أضواء ومالا من رصيد خبراته الفنية.. ولكن السؤال هو: ما الذي جري للبرادعية في مصر بعد أن سافر البرادعي؟.. أين هو الموضوع.. ما هي المظاهر التي تثبت أننا لسنا أمام (وان مان شو).. وأن الدعوة التي يقودها البرادعي لها صدي ما في المجتمع الذي يزوره لماما.. بعد انقطاع 30 عاما.. ويريد - كما يقول هو ومن حوله - أن يقود تغييرا في دستوره.. ليس لأن هذا هب كريح في رأسه؟ وما الذي يثبت أن من التفوا حول البرادعي من المعارضين غير المنظمين إنما كانوا يستخدمونه لتعويض فشل ممتد لم يخرجوا منه حتي الآن.. ولا يعتقد أنهم سوف يخرجون؟ لا يوجد شيء.. الجماهير لم تطرح تساؤلات حول غيابه.. لم تشعر أنه اختفي.. لم تتراجع السياسة.. لم تهتز الأحزاب.. لم يظهر من الأصل أي شيء يدل علي الوجود المتجذر لجمعية البرادعي ومن فيها علي الساحة.. بل إن البرادعي نفسه ترك الشباب الذين رحلوا من الكويت بسببه دون عون.. والأهم أن هناك من يعلن انشقاقا عن جمعيته.. خروج تلو آخر.. وغضب تلو آخر.. وها هم أشد مؤيديه يحذفون أنفسهم من قائمته.. ويعلنون مبكرا من جانبهم أفول الظاهرة العابرة.. في ذات الوقت الذي يقول البعض إنهم يتلقون التوقيعات علي توكيل له.. كيف تتحصلون علي توقيعات من الناس إذا كان من هم حول البرادعي يتركونه. (البرادعية) في حد ذاتها مرتبطة بمجموعة من اللقاءات التي يستضيفها البرادعي في بيته.. وبالصور التي تلتقط لها وتنشر أخبارا عنها كما لو أنها سوف تغير العالم وتقود مصر إلي ما يعيد مجد الحضارة الفرعونية.. وحين سافر الدكتور محمد.. لأنه ليس لديه الآن مزيد من الوقت لمشروعه في مصر.. كان أن أغلق أبواب بيته في (كومباوند جرانة).. وانتهي الأمر.. فعادت الكاميرات إلي الاستديوهات وعاد المحررون المكلفون إلي الصحف الخاصة. لا يعني هذا أن الحكاية التي أشرت أكثر من مرة إلي انزوائها وذبولها تتجه الآن إلي الأفول الكامل.. ولكنها في النهاية حكاية لا سياسة.. حواديت وليس عملا له علاقة بأحلام الناس.. عبث مظهري ليست له جذور. أين الجماهير المنجرفة شغفا لتوقيع التوكيلات للبرادعي.. أين مستخدمو الإنترنت الذين وقعوا علي بياض للبرادعي في موقعه.. لأنهم وجدوا فيه كما يتخيل الأمل المخلص.. لقد كتب الرجل علي موقع تويتر منذ يومين: (قوتنا في عددنا).. وأعتقد أنه كان صادقًا جدًا.. فالعدد المحيط به يثبت له إلي أي مدي هو ضعيف.. وإلي أي مدي هو يمثل اتجاها قشريا صوتيا. وعلي ذكر (تويتر).. فقد دون الدكتور البرادعي علي حائطه في الموقع عبارة تثبت مجددا أنه لا يعرف عن ماذا يتحدث.. ولا ما هي الرسالة التي يجب أن توجه إلي شعب مصري مختلف الثقافة والبيئة عن غيره.. إذ قال: (سنكسر حاجز الخوف كما كسره الألمان في برلين).. ولست أدري أي خوف يتكلم عنه البرادعي.. حيث لا توجد أسوار في القاهرة.. وحيث لا علاقة لبلدنا بأجواء الحرب الباردة التي حين انتهت سقط معها الاتحاد السوفيتي ثم خرجت دول المعسكر الشيوعي من حلف وارسو وانهدم سور برلين الذي فصل ما بين جانبي العاصمة الألمانية كما فصل بين شطري ألمانيا. ما علاقة هذا الذي يقوله بمصر.. وما تلك التشبيهات التي يعمد إليها وهو يتحدث عن أوضاع مصر.. لقد قال من قبل إنه قد تحدث في مصر أمور مشابهة لتلك التي حدثت في إيران.. واستنبط بعض المحللين من كلامه رغبته في أن يكون موسوي مصر.. وها هو ينقل التخيل إلي برلين.. وربما نقلنا غدا إلي التبت.. أو بادر إلي الكشف عن كل ما في داخله وأوحي لنا بأمثلة من وضع العراق.. وما أدراك ما العراق في تاريخ المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية. هذا رجل لا علاقة له بالسياسة في هذا البلد.. لا بشروط القانون ولا بالخبرة ولا حتي بالقراءة.. إنه يتحسس المعارف في وقت متأخر.. ويكتشف مصر كما لو أنها بلد لا ينتمي إلي جنسيته.. غريب منا.. مغترب يريد أن يحكمنا.. عابر يرغب في أن يشغل تقاعده بالسياسة والأضواء.. وفي كل مرة يتحدث فإنه يكشف عن ابتعاده.. وأنه لا جذور تربطه بالواقع في البلد.. يصورونه وهو يقرأ المصحف قبل صلاة الجمعة بينما القرآن يتلي في المسجد.. ويكتب عن مصر للمصريين بالإنجليزية.. ولا يطيق صبرا علي أن يبقي في الوطن بضعة أشهر متصلة.. لم يعتد البقاء.. لا يحتمل إلا أن يحلق بعيدا ويعيش هناك في بيته في فيينا أو منتجعه في جنوبفرنسا.. ثم يأتي إلي مصر سائحا مندهشا.. خبيرا قادما من الخارج معه الوصفة السحرية للتغيير. [email protected] www.abkamal.net