من وراء ستار كثيف من السرية يفرضه علي هويته، يحكي ، رضا خليلي وهو الاسم المستعار الذي يتخذه المؤلف لنفسه، تفاصيل حياته المذهلة كضابط وجاسوس للولايات المتحدة يعمل من داخل صفوف الحرس الثوري الإيراني ليكشف ما لم تكشفه مذكرات أي جاسوس عن عالم الجاسوسية في أرشيف المخابرات المركزية الأمريكية. "وقت الخيانة.. الحياة المزدوجة المدهشة لعميل المخابرات المركزية داخل الحرس الثوري في إيران" هو الاسم الذي اختاره الإيراني رضا خليلي لمذكراته والتي يمزج فيها تفاصيل الحياة المعقدة لجاسوس محترف مع ملامح الحياة البسيطة لإنسان نما في بلد كان من قبل منارة للحرية والتنوير ومزقه النظام الديكتاتوري الذي لا يعرف سوي لغة الإرهاب والقمع. يفتتح خليلي الكتاب بقوله؛ "هذه هي قصة حياتي الحقيقية كعميل لحساب المخابرات المركزية الأمريكية داخل الحرس الثوري الإيراني وقد بذلت كل الجهد لحماية هويتي،وعائلتي وأصدقائي، لذا كان علي تغيير جميع الأسماء،ب استثناء أسماء المسئولين في جمهورية إيران الإسلامية مع تغيير بعض الأحداث والأزمنة والأماكن".ويحكي خليلي أنه كان شابا إيرانيا عاديا من الطبقة فوق المتوسطة، يدرس في أمريكا ولا تشغله سوي البيرة ومطاردة الفتيات في أواخر السبعينيات، إلا أن حياته أصبحت أكثر نضجا وتغير تفكيره وقرر العودة لبلاده عام 1979، مباشرة بعد الثورة التي أطاحت بالشاه وثبتت آية الله الخميني، ويقول خليلي أنه في تلك اللحظة تخيل أن شمس الحرية ستشرق من جديد في إيران وأن بلاده ستعيد أمجاد الحضارة الفارسية تحت لواء الخميني. ويقول خليلي أن أصحابه في رحلة حياته الثورية تلك، هم أصدقاء الطفولة، ناصر وكاظم، وقد اجتمع الجميع علي الخميني إلا أن كلا منهم كان له منهجه في الحياة، فقد أصبح ناصر علمانيا يساريا وانضم لمنظمة المجاهدين المناهضة للنظام، بينما أصبح كاظم شديد التدين وانضم للحرس الثوري ثم المخابرات جاذبا معه صديقه خليلي. وتأتي نقطة التحول في حياة خليلي عندما يتم القبض علي صديقه الأثير ناصر وشقيقته الصغري ويتعرضان للتعذيب الوحشي ثم القتل علي يد الحرس، وهنا يدرك خليلي الحقيقة المؤلمة للنظام الذي يؤمن بمبادئه ويعمل من أجله، ويقول خليلي أنه أقسم أن يأخذ بالثأر، وفعل ذلك بمنتهي الإصرار والجرأة عن طريق الاتصال بوكالة الاستخبارات المركزية خلال زيارة قام بها لأمريكا وعرض تجسسه علي الحرس لصالح الولاياتالمتحدة. وتتجلي نقاط قوة الكتاب في محاولة الكاتب إظهار قرار خيانته لبلاده أو لهؤلاء الناس الذين يديرون البلاد بحسب ما يفضل أن يصف - باعتباره أمرا، ليس فقط مقبولا، ولكن أخلاقيا وجديرا بالثناء، إذ يري أن مثل ذلك النظام الوحشي يستحق الخيانة، ويقول أن هؤلاء الناس المنتمين لشعبة العمليات الإيرانية في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يجب أن يرحبوا بعملهم، وأن يقولوا بسعادة وفخر "حان وقت الخيانة". تطور الأحداث وأسلوب الصياغة التي يعدد بها خليلي مدي القسوة والتعصب التي يتبعها النظام في قيادة بلاده، تجعل الكتاب بمثابة مأساة وطنية وليس مجرد قصة حياة جاسوس عاطفي أوهمته الثورة الإيرانية بقرب فجر الحرية والديمقراطية..وعلي الرغم من أن خليلي لم يندم علي خيانته إلا أنه يشعر بالاشمئزاز من ذلك النظام الذي أجبره علي سلك هذا الطريق. وفي نهاية كتابه يوجه خليلي دعوة لأمريكا والغرب بالتدخل لأنه إذا سمح العالم للحرس بالاستمرار في سياساتهم القامعة تلك بدون رادع، فإن العواقب ستكون وخيمة في المنطقة والعالم كله.