أغلب الظن وبعضه ليس إثماً أن وزير التعليم الدكتور هاني هلال كان قاب قوسين أو أدني من ترك موقعه الوزاري في التعديلات الأخيرة التي خرج فيها وزير التعليم السابق يسري الجمل، وأغلب الظن أيضاً أن هلال تنفس الصعداء لبقائه علي كرسيه الوثير، فقرر أن يصبح ملء السمع والأبصار، متبعاً سياسة القفز للأمام، أي الشروع في تغيير بنية التعليم الجامعي بحيث يبدو أمام القيادة السياسية وكأنه يجُري تغييراً وتطويراً وتحديثاً. وخلال الأيام الثلاثة الأخيرة خرج علينا هلال بعدة تصريحات، صدرها للرأي العام باعتبارها قرارات ستدخل حيز التنفيذ العام الدراسي المقبل، ومن بينها تقليل أعداد المقبولين بكليات الحقوق والآداب من عشرات الآلاف إلي خمسمائة طالب فقط، وإلغاء نظامي الانتساب العادي والموجه. وقد أثارت هذه التعديلات رئيس مجلس الشعب الدكتور فتحي سرور فعلق علي إلغاء تدريس القانون بالجامعات المصرية، بأنه سيجعل التعليم "بشورت"، مؤكدا أهمية استمرار تدريس القانون في الجامعات، وربما ما لم يقله سرور أن القانون يجب أن يصبح مادة أساسية في جميع الدراسات الجامعية المختلفة. فعلي سبيل المثال لا بد أن يدرس طالب الهندسة قوانين البناء، وطالب الطب قوانين الصحة، وهكذا حتي لا نخرج خريجين يتدافعون لسوق العمل دون أن يكون لديهم أي معرفة بقوانين المهن المهمة والحساسة والخطيرة التي سيعملون بها. المهم أيضاً أن الوزير حين اتخذ قرار تعديل مسار التعليم الجامعي في مصر، قرر تحويل عشرات الآلاف من الطلاب إلي «التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني والمفتوح والتعليم الفني والتبادلي الذي يمكن أن يستغل أعداداً كبيرة ويحصل علي شهادة عالية في نفس الوقت» حسب ما جاء علي لسان الوزير في لقاء مفتوح مع زوار الموقع الإلكتروني للحزب الوطني الديمقراطي أمس الأول. نعلم علم اليقين أن معظم خريجي كليات الآداب والحقوق والتجارة حتي العلوم، يخرجون إلي الشارع ولا يجدون فرصة عمل، لكن هل من يتخرجون في التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني وغيره مما يطرحه الوزير يجدون فرص عمل؟ ثم والسؤال المهم أيضا: ما هو التعليم الفني الذي يريد الوزير أن يتوجه إليه عشرات الآلاف من خريجي الثانوية العامة، بينما أحد أبرز مشاكل التعليم العام والجامعي في مصر، أن التعليم الفني، لا هو فني ولا هو مهني ولا هو عملي؟! أعتقد أن البشارة التي بشرنا بها وزير التعليم العالي ليست أكثر من حمل كاذب، وأعتقد أيضاً أن الوزير يتحرك بهذه السرعة في القرارات والتصريحات، لأنه يعلم جيداً أن مصر مقبلة علي انتخابات برلمانية مهمة في سبتمبر المقبل سيتبعها بالضرورة تشكيل حكومة جديدة، وهو يراهن علي أن هذه "اللخبطة" التي يتسبب بها يمكن أن تبقيه في منصبه علي اعتبار انها تطوير. لكن أغلب الظن أن وزير التعليم العالي الدكتور هاني هلال سيكون أول المغادرين من الحكومة الحالية، لأن هلال التعليم الجامعي لم يظهر في السماء طيلة أربع سنوات وثلاثة أشهر قضاها الوزير هلال في منصبه!