في الماضي كنا نري بائع الصحف في أفلام الأبيض والأسود ينادي قائلاً: اقرأ العقاد.. واقرأ المازني وحسين... إلخ. واليوم الجمهور يبحث عن الفضائح والحوادث وعناوين الإثارة، لماذا غاب الكاتب الذي يشكل الوعي ويؤثر بما يؤدي إلي ازدياد رواج الصحيفة. سعد هجرس مدير تحرير العالم اليوم يقول: لا يوجد لدينا كتاب بقامة طه حسين والعقاد فالنخبة المثقفة الآن ليست علي مستوي الظرف التاريخي ونحن نعيش في الفترة الثالثة لتحولات البشرية، كانت الأولي الثورة الزراعية وأعقبتها الثورة الصناعية والآن نعيش ثورة المعلومات وكان العقاد وطه حسين كاتبين تنويريين أما الكتاب والمثقفون العرب والمصريون فهم نخبويون يعيشون في الماضي وغير تنويريين ومعتمين. وفي الماضي كانت الصحيفة هي المنبر الوحيد للإعلام أما اليوم فظهرت بدائل أخري للثقافة كالإنترنت والفضائيات كما أن انتشار الفقر والأمية السبب الأكبر في انحراف الجمهور عن القراءة بشكل عام. فريدة النقاش رئيس تحرير الأهالي: تري أن تغير ذائقة الجمهور بسبب غلبة النزعة الاستهلاكية وسيادة ثقافة الصورة ومع ذلك هناك دوائر لا تزال تهتم بالثقافة بدليل أن مشروع مكتبة الأسرة يوزع ملايين النسخ من الدوريات ودواوين الشعر كما يوجد مجلات وإصدارات ثقافية متخصصة تستقطب المثقفين. صلاح عيسي رئيس تحرير صحيفة القاهرة: يري أن مساحات صفحات الرأي في الصحف الخاصة والقومية ربما تتفاوت من جريدة لأخري والجمهور اليوم يبحث عن الصفحات الرياضية ومقالات التحليل الرياضي وهناك من يهتم بالمقالات السياسية لأن التليفزيون يحرق الأخبار السياسية والمهم في مقالات الرأي أن تختار الكتاب الذين لديهم أفكار حقيقية يقدمونها وهناك مقالات تقوم علي الإثارة وخاصة للكتاب الشباب حيث يكررون أنفسهم في الكثير من مقالاتهم ويعتقدون أن مقالاتهم لن تقرأ بدون إثارة. الروائي يوسف القعيد يقول: في الماضي كانت الأهرام تنشر في صدر صفحتها الأولي قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم، وقصة قصيرة لنجيب محفوظ، يوجد لدينا كتاب كبار لكن للأسف يتم حجبهم في الصفحات الداخلية فالصفحات الداخلية تقبرهم منذ عام 1970 لم يعد هناك احترام للكتاب والمثقفين. وفي عام 1969 زار الرئيس جمال عبدالناصر الأهرام وسأل نجيب محفوظ قائلاً كيف حالك وحال الناس في الحسين. ويؤكد الدكتور الطاهر مكي أستاذ الأدب المقارن بجامعة القاهرة: أن المثقف الموسوعي اختفي من صفحات الصحف حيث لا يوجد كاتب كبير صاحب قضية يستطيع من خلالها استقطاب الجمهور كما امتلأت الساحة بالادعياء واختلطت الأمور في مجالي الأدب والصحافة اللذين أصبحا مهنة من لا مهنة له حيث إنهما الطريق الملكي للشهرة.