- يأتي بعد غد الاحتفال بيوم المرأة المصرية الذي يوافق 61 من مارس، إعلانا بيوم من أيام كفاح المرأة المصرية من أجل مصر واستقلال البلاد من الاحتلال، والمطالبة بالديمقراطية، وسط الكفاح الشعبي لثورة 91 مع جيلها من الزعماء الوطنيين أمثال سعد زغلول ورفاقه. وبعد أيام وخلال هذا الشهر أيضا في 12 مارس، يأتي الاحتفال بعيد الأم أو عيد الأسرة باعتبارها شريكًا رئيسيا في بنيان الأسرة المصرية ونواة للمجتمع بأسره. - ماذا يقول الرجال للمرأة المصرية في عيدها.. وماذا يقول لها المجتمع كله؟ هل يذكرها ويذكر معها تاريخ كفاحها الطويل الذي لم يبدأ مع ثورة 9191 فقط، وإنما بدأ قبل ذلك بكثير. إذ تذكرنا أوراق الجبرتي بأن تاريخ المرأة المصرية بدأ مع الحركة الشعبية المناهضة للحملة الفرنسية علي مصر، واجتماع نساء رشيد عام 1789، ثم كفاحها ضد غلاء المعيشة والمسيرة الشعبية ضد الضرائب ببولاق وباب الشعرية، وخروج النساء يهتفن ضد البرديسي في مارس 1804، والحركة الشعبية النسائية ضد الحكم العثماني عام 1805 وضد حملة فريزر.. والمشاركة في مواجهة الأسطول البريطاني عام 1882 . - هل يقول لها الرجال ويذكرون معها في يوم عيدها، ما يسجله التاريخ في صفحاته عن مشاركتها في العمل العام.. وحمل مسئولية المجتمع.. وكفاحها الطويل ضد حرمانها من الحقوق.. وضد الموروثات الثقافية التي تقف حائلا بينها ومشاركتها الفعلية في المجتمع، ولم يكن ذلك مطالبة منها لمصلحة ذاتية أو شخصية لها أو لأسرتها، وإنما كان ذلك لمصلحة المجتمع كله، وضد تهميشها وإبعادها عن المشاركة في المسئولية، مستنهضة همة المجتمع كله ولصالح كل أبنائه، حتي أصبحت نموذجا وقدوة للعطاء والوطنية، وفي كل مرة كانت تواجهها المحن والحرمان من الحقوق ثم ما تلبث أن تعاون الكفاح.. والمثابرة بغير يأس أو قنوط أو إحباط.. إيمانا صادقا منها بمسئوليتها المجتمعية. - هل يقول لها الرجال ويذكرون معها، ويسجل لها المجتمع كله هذا التاريخ الطويل من الكفاح وقوة التعبير وصور المشاركة والبرقيات التي بعثت بها سيدات دمنهور في 17 مارس 1919 إلي عظمة السلطان.. وسيدات طنطا إلي الملك فؤاد في 24 مارس 1922، ثم سفر هدي شعراوي علي رأس وفد إلي روما عام 1938، وغير ذلك من مشاهد الكفاح والمثابرة التي سجلها مجلد القرن العشرين "رحلة عبر الوثائق" في صفحات مطولة، بما يدعو للفخر والاعتزاز، نذكره ونقوله للمرأة المصرية في عيدها.. ليستمر عزمها وعزم المجتمع كله علي تمكينها وتقويتها وتعزيز دورها في المجتمع من أجل المستقبل. - ماذا يقول الرجال.. وماذا يقول المجتمع للمرأة المصرية في يوم عيدها عن كفاحها الطويل منذ ما قبل ثورة 91 وما بعدها.. منذ أول دستور للبلاد في 1923.. وقوانين الانتخاب.. ومع ذلك ظلت محرومة من حق الانتخاب والترشيح ليظل هذا الحق مقصورًا علي الذكور وحدهم.. حتي صدور قانون الانتخاب في ظل دستور 56 بالقانون رقم 56/73 ليجعل هذا الحق اختياريا.. بعد كل هذا الكفاح الطويل! - ثم ماذا نقول لها: إنه بعد طول الكفاح إذ يصدر ولأول مرة القانون نمرة 41 لعام 79 ليجعل حق الانتخاب والترشيح إلزاميا بعد أن حرمتها قوانين الانتخاب من قبل، حتي إنها خططت للوقوف أمام البرلمان للمطالبة بحقوقها السياسية عام 1948، ومع ذلك استمر كفاحها لم ينقطع مطالبة بالمشاركة المجتمعية شأنها شأن الرجل حتي صدر القانون عام 79 أي منذ أكثر من ثلاثين عاما.. ومع ذلك ظلت الموروثات تلاحقها وتقف في وجهها رغم تقدمها في جميع المجالات، ورغم استمرارها في الكفاح والمشاركة.. وطرق الأبواب في جميع المجالات بكفاءة، وعلي قمة المناصب الحكومية.. وبعض المقاعد في السلطة التشريعية.. وأخيرا ومنذ عام 2002 وبعدها في 26 ديسمبر 2006 عينت قاضية وبقيت الاعتراضات.. وما زال كفاحها مستمرًا وتطلعها إلي المشاركة الحقيقية هدفا وعزما. - ماذا نقول لها في يوم المرأة المصرية.. وماذا يقول لها الرجال.. والمجتمع كله.. إلا أن يقدم لها التهنئة والتحية، ويعبر عن الإعزاز، ويشاركها الاحتفال. ويساندها في المشاركة والتقدير.. ويتعهد لها بإزالة ما بقي من موروثات ثقافية أو ذكورية.. فالمجتمع كله يحتفل بها ويؤكد مكانتها، ويذكر لها رحلة العطاء والكفاح والنجاح.. من أجل الأسرة المصرية التي هي أساس المجتمع، بل من أجل المجتمع كله ليظل أصيلا وفيا بأبنائه المخلصين.