استكمالاً لمقال الأمس، يقول الأستاذ محمد خلف في رسالته الإلكترونية: لو عدنا للأسباب الأساسية والتي لم يخجل بعض قضاة مجلس الدولة عن إعلانها لرفضهم تعيين المرأة قاضية لوجدناها في الأساس أسبابا دينية واستندوا إلي أحاديث لها مفردات متعددة أخذوا أضعفها مثل "ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" و"ناقصات عقل ودين" . واستند البعض إلي بعض الآراء التي تقول إنه "لم يكن هناك قاضيات في الإسلام"، كما ردد البعض رأيًا آخر "عمل المرأة.. انتهاك لأحكام الاحتجاب في الإسلام" وأن "القضاء ليس وظيفة وإنما هو ولاية، والمرأة لا تصلح للولاية". وتحدث آخر عن الخلوة غير الشرعية، وآخر عن المادة الثانية من الدستور، وآخر يقول "لا يجوز للمرأة أن تؤم الرجال في الصلاة مطلقًا" و"لم يختر الله أنبياءه من النساء" وأن "الله خلق الملائكة ذكورًا ولم يخلق ملائكة إناثًا". بل وصل تحذير الرجل من المرأة إلي درجة تصويرها له في صورة شيطان. ونجد من يقول "كيف تتساوي مع الرجل وشهادتها نصف شهادة الرجل ودورها يجب أن يقتصر علي كونها أمًا فقط". وهو ما يعني وكأن المرأة.. تعاقب اليوم بالأمومة، وغدًا يعاقب المسيحي بديانته، ونجد قاضيا مسلما حكم بالإدانة علي متهم مسيحي لمجرد اختلاف العقائد. الكارثة الحقيقية أيضًا ليست متمثلة في مجرد رفض تعيين المرأة في مجلس الدولة بقدر ما هي متمثلة في النسبة التي صوتت ضد قرار التعيين والتي كانت تقريبا اجماعا من القضاة الذين منهم من دخل الهيئة بمقبول بل منهم.. صوتوا ضد تعيين المرأة حتي لو كانت الأكفأ.. مع ملاحظة أن المتقدمات للتعيين بمجلس الدولة من الحاصلات علي تقدير جيد جدًا!. الموضوع يتعلق بثقافة مجتمع والذي يضم بالطبع مجتمع القضاة.. الموضوع يتعلق باختراق المؤسسات الدينية المتشددة لمؤسسة العدالة.. الموضوع يتعلق بالصراع بين الوهابية والوسطية.. يتعلق بالصراع بين سيادة الدولة الدينية التي تعتبر المرأة والأقباط مواطنين من الدرجة الثانية.. وسيادة الدولة المدنية التي تحترم جميع مواطنيها علي أساس المواطنة دون تمييز وعلي قدم المساواة.. صراع بين التيارات والاتجاهات الدينية السلفية والتيارات الليبرالية التي تنادي بالدولة المدنية. لم يدق أحد ناقوس الخطر داخل مؤسسة العدالة منذ طالب المئات من قضاة مجلس الدولة من قبل برفض تعيين المستشار نبيل ميرهم "رئاسة المجلس" حينما جاء الدور عليه.. لأنه قبطي.. وقبل ذلك حينما صدر الحكم بالتفريق بين د. نصر حامد أبوزيد وزوجته د. ابتهال يونس. ومنذ الحكم الصادر بجلد المخرجة إيناس الدغيدي 80 جلدة.. رغم أن قانون العقوبات لا يوجد فيه ما يسمي الجلد، وإنما يوجد فيه الحبس والغرامة فقط. وأخيرًا: هل يصدق أحد أن نسبة 96٪ من الأحكام القضائية في مصر في عهد القضاة الرجال تصدر بالخطأ؟!.. وفقا للأبحاث العلمية والاحصائيات الرسمية المنشورة حسب د. محمد نور فرحات بالصحف القومية بجريدة الأهرام بتاريخ 30 ديسمبر 2008. إن إصدار أحكام عادلة أهم من إقامة الصلاة وأهم من الذهاب للحج بل في رأيي أن إصلاح أحوال القضاء أهم من بناء مساجد أو كنائس جديدة!.