"وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء". وجدت العبارات معبرة عن مقال اليوم مع رغبتي في استبعاد النص الثاني من العبارة لأننا بكل صراحة لا نحتاج إلي مزيد من البكاء ويكفينا ما فينا. وسط الجدل المحتدم بين القوي السياسية حول الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل ومطالب المعارضة بتعديل الدستور وإجراء تغييرات في بعض القوانين واهتمام وسائل الإعلام بالأمور الحياتية للمواطن من أنابيب البوتاجاز إلي الضريبة العقارية وما بينهما من معضلات. وفي حين يموج العالم بقضايا "ما أنزل الله بها من سلطان" من الملف الثوري الإيراني إلي الخطط الإسرائيلية لترسيخ الاحتلال وتهويد القدس وباقي فلسطين إلي النزاع بين "فتح" و"حماس" وغياب أي اتفاق علي الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني، وقبل القمة العربية المقررة في الأسبوع الأخير من الشهر الجاري في ليبيا، والتي يفترض أن تناقش ملفات مهمة تتعلق بعضها بالمصالحة العربية وبعضها بأوجاع العرب إلي العراق والسودان واليمن والصومال. وسط كل هذا بثت وكالة أنباء الشرق الأوسط هذا الأسبوع خبراً ينطبق عليه المثل "شر البلية ما يضحك" صحيح أن في الدنيا بلاوي كثيرة تجعل "فشة" أي شعب تعوم ولا تغطس أبداً، إلا أن الخبر الذي كان جاداً لم يكن له أي علاقة بالهزل أو الهزار علي الاطلاق لكنه عكس إلي أي مدي يعيش بعضنا في وادٍ والدنيا كلها في وادٍ آخر. وأنه لا مجال للمقارنة بين ما يشغلنا وما يجب أن ننشغل به. الحكاية باختصار أن نزاعاً جري دون أن ندري بين محافظتي الشرقيةوالقليوبية في شأن الحدود بينهما، وظهر أن الموضوع قديم ويتجدد كل فترة وأن مطالب بترسيم الحدود بين المحافظتين المصريتين لم تتحقق حتي الآن. يقول الخبر بالنص كما أوردته الوكالة الرسمية: "رفض نواب محافظة الشرقية طلب محافظة القليوبية بأن يكون الطريق الجديد الإقليمي الجاري إنشاؤه والمار داخل أراضي محافظة الشرقية هو الحد الإداري المقترح بين المحافظتين، وأكد النائبان محمد فكري زلط ومحمد الصالحي أن هذا الطلب يضم 200 ألف فدان من محافظة الشرقية للقليوبية مما يسبب أضراراً بالغة للمحافظة ومواطنيها بالإضافة إلي أنه لا يوجد مبرر لهذا التعديل". وطالب النائبان في طلبي إحاطة عاجلين ناقشتهما لجنة الإدارة المحلية في مجلس الشعب بعدم الأخذ بهذا التعديل حفاظاً علي الاستقرار، حيث قال النائب محمد فريد خميس إنه يجب عدم التحدث في هذا الموضوع خصوصاً في هذه الآونة التي ستكون فيها الانتخابات، إذ سيحدث تداخل بين الدوائر". وأضاف الخبر أن الدكتور مصطفي بدوي رئيس هيئة التخطيط العمراني أوضح أثناء النقاش أنه لا يوجد طلب من القليوبية لضم أراض من الشرقية. وقال إن الحدود بين المحافظات موضوعة منذ فترة الستينيات وهناك نزاعات لعدم وضوح الحدود، إذ لا توجد خريطة رقمية تحدد هذه الحدود وبالتالي كان لابد من حل هذه المشكلة فتم تشكيل لجنة محايدة لتحديد حدود مصر وسترفع توصياتها لوزارة التنمية المحلية لرفعها إلي المحافظات. ومن جانبه قال المستشار يحيي عبد المجيد محافظ الشرقية إنه لا يمكن أن تؤخذ أراض من المحافظة خصوصاً أنها تعطي موارد للمحافظة من المحاجر بها". وبشرنا الخبر في النهاية بأنه تقرر عقد اجتماعات أخري بحضور وزراء التنمية المحلية والإسكان والداخلية ومحافظي الشرقيةوالقليوبية لمناقشة هذا الموضوع مع الإبقاء علي الحدود الحالية". هل يحتاج الأمر إلي تعليق؟ لا أعتقد ولكن علي الشعب أن يعرف أن لجنة محايدة تدرس الموضوع وأنها سترفع توصياتها لوزارة التنمية المحلية. وأنه في الألفية الثالثة سارت بعض المحافظات المصرية تتنازع الأرض مع بعضها البعض، وأن حدود المحافظات مسألة غير محسومة وأن أي محافظة يمكن أن تطمع في أرض تابعة لجارتها وأن الحل في "اللجان" التي ستتشكل وتجتمع وتناقش وتصدر توصيات غالباً لا تنفذ، وسيعود النزاع إلي نقطة الصفر. ويفترض أن نهتم نحن بصغائر الأمور هكذا. شخصياً لم آخذ الموضوع مأخذ الجد وإنما اعتبرته "مزحة"، صحيح أنها "بايخة" لكن علي الأقل علينا أن نشكر كل من ساهم فيها.. حتي لو كان الأمر يدعو إلي البكاء.