يواصل السفير رشيد الحمد سفير الكويت لدي القاهرة حواره مع روزاليوسف متذكرا تفاصيل دقيقة عن الأيام الصعبة التي شهدها الكويت أيام الغزو العراقي ويربط في هذا الحديث بين ما سبق وبين ما هو آتٍ خاصة ونحن مقبلون علي قمة عربية خلال هذا الشهر وإلي تفاصيل الحوار: نعود لأيام الحرب.. ذكرت الحارس المصري وشهامته معكم ولكن في المقابل يتردد أنه كان هناك من الجنسيات العربية الأخري التي كانت متواجدة في الكويت آنذاك من تعمد إبلاغ العراقيين عن أماكن الموظفين المهمين بالكويت فما صحة ذلك؟ - شوف.. لا نستطيع أن نقول إن جنسية معينة كانت تستقصد الكويتيين وتقوم بمثل هذا، لكن من الممكن أن يكون أفراد ومع الأسف كان هناك أفراد يقومون بمثل هذه الأفعال أيام الغزو من جنسيات مختلفة وكانوا يبلغون عن الأماكن التي يتواجد فيها الكويتيون خاصة العسكريين وكانوا يتعاونون مع العدو علي الرغم من أنهم كانوا مقيمين بالكويت واستفادوا من الكويت ولكن هؤلاء البشر من أصحاب النفوس الضعيفة ومن السهل أن يغريهم العدو. بعد 19 سنة علي التحرير.. ورحيل صدام حسين وتغيير التركيبة السياسية في العراق، بمنتهي الصراحة هل النفسية الكويتية أصبحت صافية تجاه العراق؟ - بمنتهي الصراحة.. الكويت والعراق لا تجمعهما فقط علاقة جوار هناك علاقات نسب وعلاقات تجارية منذ زمن قديم يعني الكويت قبل نهضتها كانت تعتمد علي العراق تجاريًا وتستورد منها الغذاء وكانت العلاقة مع العراق علاقة متجذرة ولم تكن هناك أي مشكلة ولكن الذي حدث من النظام السابق في العراق ليس تجاه الكويت فقط ولكن تجاه العراق نفسه الذي كان سجنًا كبيرًا في ذلك الوقت، وأقول الآن بعد تسعة عشر عامًا علي التحرير إنه ليست هناك أي مشاعر بغض أو كره للعراقيين ولكن لهذه الفئة التي قامت بظلم الكويت وظلمت العراقيين كذلك التي كانت تحكم في ذلك الوقت بالحديد والنار وبالدم وهذه الفئة مشاعر الكويتيين ضدهم تمامًا وحتي الآن أي أحد من هؤلاء موجود أو له نشاط فهو بالنسبة لنا غير مرغوب فيه تمامًا، ولكن الشعب العراقي مشاعرنا عادية معه وهناك سفير للعراق في الكويت. ولكن لازالت هناك ملفات عالقة بين الكويت والعراق؟ - طبعًا.. علي المستوي الحكومي والدولي لاتزال هناك ملفات عالقة مثل قضية التعويضات وقضية الأسري وقضية العلاقات الحدودية وهذه المسائل هي محل بحث مع العراق للانتهاء منها. ذكرت أن الغزو أسقط القدسية عن القومية العربية.. الآن بعد 19 عامًا علي التحرير هل التأم الشرخ العربي؟ - اعتقد والحمد لله أن هناك تقدمًا وعودة إلي دفء العلاقات والترابط بين الدول العربية حتي من كان في ذلك الوقت يعني توجهاته وأفكاره مع تصرفات صدام حسين تمت إعادة النظر في هذا الأمر وأصبحت هناك أسس جديدة الآن تقام ما بين الدول العربية ولكن يظل ككيان عربي وكمشاعر قومية وعربية لا نستطيع أن ننسلخ منها. من بين جميع النماذج الإقليمية سواء الأوربي أو اللاتيني أو الأفريقي يبقي التكامل العربي هو الأضعف رغم أسبقية الشروع فيه عن هذه النماذج؟ وهل كيانات مثل مجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي أخذت من رصيد الكيان الكبير وهو الجامعة العربية؟ - لا أعتقد، يعني الجامعة العربية مهما كان رأي الناس فيها أنا من المؤمنين بضرورة تواجدها فيكفي أن يتلاقي المسئولون علي مستوي الوزراء ومستوي القادة ما بين فترة وأخري لمناقشة قضايا الأمة حتي لو كان المكسب ضئيلاً إلا أنه يظل مكسبًا نحن نطمع في أن تكون المكاسب أكبر من ذلك وأن نصل إلي صورة مثالية من التكامل ولكن دعنا علي الأقل نحافظ علي التنسيق الموجود حاليًا في المواقف والتعاون فيما بين الدول، أزمة التكامل أنا شخصيًا أتساءل معك فلنبتعد عن المجال السياسي لماذا لا يتكامل العرب تجاريًا واقتصاديًا وتربويًا وثقافيًا.. كثير من المحاولات تمت وهناك استراتيجية تربوية عربية قامت بها الجامعة العربية وكانت متميزة تمامًا لكن مع الأسف أعتقد أنها أزمة قناعات. وهل أضرت كيانات مثل مجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي بالجامعة العربية؟ - لا أعتقد ولا أظن ذلك بالعكس يساند ويعطي الكيان الأكبر أمثلة في كيفية التعامل في قضايا للتعاون. أنت تتساءل عن عدم اتحاد العرب تجاريًا وأنت في هذه اللحظة سفير الدولة الرئيسة للقمة الاقتصادية العربية - فما رأيك في المحاولات التي بذلتها بعض الأطراف العربية لإفشال قمة الكويت الاقتصادية؟ - أنا أظن أن هذه المحاولات كانت النية وراءها هي الإفشال وإنما الجميع مؤمن ومتفق علي أهمية أن يكون هناك نوع من التعاون ولا أحد يدعي غير ذلك والكل يدعو إلي التعاون، لكن هناك وجهات نظر متباينة في الأساليب والإجراءات وكيف نصل إلي الهدف الواحد المشترك، مثلا في الستينيات كانت مصر ومازالت قائدة للدول العربية ولكن وقتها مصر كانت قائدة لكل حركات التحرر في العالم كان هناك مسمي وحدة الهدف ووحدة الصف، وبعد ذلك جاء ناس ليقولوا دعنا من وحدة الهدف ولنبقي علي وحدة الصف، ونحن أيضا نقول هناك هدف موجود دعنا نتحد في الهدف وقد نصل لهذا الهدف بقناعات مختلفة لا تتعارض، لذا فلا أعتقد أنها كانت محاولات لإفشال القمم بقدر التريث في عقدها ودراسة الموضوعات بصورة أكبر. أنت تعلم أن القمة أعد لها جيدا ودرست موضوعاتها جيدا علي مدار عامين من الإعداد والتنسيق المستمر بين القاهرة والكويت؟ - تمام، هذه هي قناعتك وهي قناعتي. قناعة دبلوماسية؟ - لا تعليق. هل يمكن القول الآن إن تهديد الكويت قد انتهي بزوال صدام حسين ونظامه؟ - بالنسبة للعراق.. نعم. ولكن الخليج كله في خطر؟ - منطقة الخليج لا نري فيها إلا ما قد يراه بعض الناس من أنها قد تكون إيران ونحن نري أن إيران دولة خليجية بل إن ساحل الخليج عليها أكبر من أي دولة أخري ومصالحها يجب أن ترتبط بدول الخليج ومصالحها التجارية والاقتصادية بدول الخليج معروفة وهي قوية جدا، بقيت قضايا سياسية تتصل بإيران والعالم الخارجي، دعنا نكون طرفًا يخفف من حدة التوتر بين إيران وأي من القوي العظمي. مدي خطورة اندلاع مواجهة بين الغرب وإيران علي مقدرات المنطقة؟ - خطر كبير حدوث أي مواجهة كل المنطقة ستقع في دائرة الخطر والكل سيتأثر اقتصاديا وأمنيا وسياسيا. القمة العربية القادمة في ليبيا من وجهة نظرك أهم التحديات التي تواجه القمة وعليها التعامل معها؟ - أري أن تكون هناك مساحة من التصالح ومن الاتفاق بين الدول العربية وهذه هي الأرضية التي يجب تواجدها لتنطلق منها أي قرارات وما حدث في القمة الاقتصادية من تصالح يجب أن نستثمره استثمارا ملموسا، هناك محاولات وشاهدنا زيارات متبادلة بين دمشق والرياض مثلا وهذه كلها مطلوبة ومرغوبة لأنه علي الأقل عندما نطرح موضوعًا معينًا عليهم.. الجميع في القمة يكون هناك.. يكون في وحدة صف كما سميناها سابقا وأري أن هذه القمة مهمة جدا وأري أن الكويت التي بادرت في القمة الاقتصادية لمحاولة رأب الصداع ولم الشمل في ذلك الوقت أن تستمر في ذلك وتسعي لتحقيقه وأري أيضا أن الجامعة العربية يجب أن تري قرارات مطلوبة التنفيذ وقابلة للتنفيذ أيضا.. وهذا كله من خلال الاتصالات التي تسبق القمم لأن القمم تأخذ وقتًا بسيطًا وتطرح فيها القرارات ولكن ما يسبق ذلك هو المطلوب عليه التركيز خاصة ونحن لدينا قضايا مصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والانقسام الفلسطيني والدور الذي تقوم به مصر سواء في رأب الصدع الفلسطيني أو في مسار السلام يجب أن يساند من جانب القمم. توصيفك للعلاقات المصرية الكويتية في هذه اللحظة؟ - علاقة حميمية، علاقة قوية ومتميزة.. وعلي المستوي الشخصي لا أشعر بأنني غريب في هذا البلد ودائما أحرص علي حضور المناسبات والندوات والمعارض مثل معرض القاهرة للكتاب وأشعر بسعادة خاصة بالتواصل مع الشعب المصري بمفكريه ومثقفيه والشعب الكويتي يرتبط بعلاقة ودية للغاية بمصر وأكبر دليل علي ذلك أن المساهمات الخيرية التي يقوم بها الشعب الكويتي لاتوجه خارج الكويت إلا في مشروعات خيرية مقامة في مصر وهذا بدافع الاعتزاز بهذا البلد وأهله. ولكن أحيانا تحدث تجاوزات في حق الجالية المصرية بالكويت وتثير الرأي العام في مصر؟ - الجالية المصرية في الكويت تصل إلي نصف مليون مصري لا نعتبرهم غرباء ويساهمون مع أشقائهم الكويتيين في تنمية الكويت، وأي حادث يكون حادثًا فرديا ويتم التعامل مع علي الفور ومعاقبة المخطئين.