«تنسيق الجامعات» يعلن نتائج تقليل الاغتراب لطلاب الشهادات الفنية    أسعار الذهب فى مصر اليوم الجمعة.. عيار 21 ينخفض إلى 4915 جنيهًا    33 شهيدا فى يوم يرفعون حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة ل 65174 شخصا    المفوضية الأوروبية تكشف تفاصيل الحزمة ال19 من العقوبات على روسيا    مقتل شخص وإصابة 3 فى غارة إسرائيلية استهدفت سيارة أمام مدخل مستشفى جنوب لبنان    صلاح عبد العاطي: واشنطن شريكة في الإبادة الجماعية بغزة عبر استخدام متكرر للفيتو    الانتخابات تقترب.. اكتمال النصاب القانوني لعمومية النادي الأهلي    خبر في الجول - كيروش يعتذر ل الأهلي عن عدم قبول مهمة تدريبه    ضبط المتهمين بسرقة شخص في الواحات البحرية بالجيزة    الطقس غدا.. حار على أغلب الأنحاء واضطراب بالملاحة والعظمى بالقاهرة 33 درجة    نائب رئيس حقوق الطفل بالأمم المتحدة: أطفال غزة يعيشون مأساة إنسانية حقيقية    أمير كرارة نجم شباك التذاكر.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم الشاطر    أحمد صيام يشيع جنازة شقيقته بحضور منير مكرم وحسان العربى.. صور    صحة دمياط تشكّل لجنة إشرافية مكبرة للمرور على مستشفى دمياط العام    الزمالك يحفز لاعبيه بصرف مكافآت الفوز المتاخرة    اليوم.. استئناف الجولة الخامسة بدوري المحترفين    فانتازي.. ارتفاع سعر ألكسندر إيزاك لاعب ليفربول    وزير النقل يعلن فتح الطريق الدائري الإقليمي جزئيًا    محافظ البحيرة تشهد إيقاد الشعلة إيذاناً ببدء إحتفالات العيد القومي    أولى جلسات محاكمة 3 عاطلين بتهمة ترويج المواد المخدرة بحدائق القبة| غدا    تسليم 24360 ألف مقعد جديد لمدارس الغربية بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد    "نأمل أن نعود مرة أخرى".. ملك إسبانيا يكتب رسالة بخط يده في الأقصر (صور)    نتنياهو: الشاحنات القادمة من الأردن ستخضع مع سائقيها لتفتيش شامل    كلية العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة تحتفل بتخريج الدفعة 59    عمرو عبد الجليل في حفل افتتاح مهرجان بورسعيد السينمائي    صورة جديدة للزعيم عادل إمام تشعل السوشيال ميديا    هل فكرت عائشة بن أحمد في اعتزال التمثيل؟.. الفنانة تجيب    خطيب المسجد الحرام يدعو للتحصّن بالقرآن والسنة: قول لا إله إلا الله مفتاح الجنة    بالصور - جامعة أسوان تُكرم 200 حافظًا للقرآن الكريم في احتفالية روحانية    عالم أزهري: تفقد الغائبين ومراعاة الآخرين من قواعد الإسلام    تداول 19 آلاف طن و952 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    إجراء أكثر من 1000 عملية متنوعة بمستشفيات العريش العام والشيخ زويد    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    رئيس جامعة القناة يُعلن جاهزية الجامعة لاستقبال 45 ألفًا و398 طالبًا وطالبة    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    مجانا.. 11 عيادة متنقلة للكشف على الأهالي بالأماكن النائية والقرى الأكثر احتياجا في دمياط    "الداخلية": ضبط قائد سيارة استعرض برعونة في القاهرة    مجدي عبدالغني: سأظل وفيًّا للأهلي مهما كانت حدة الانتقادات    رسمياً.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    محافظ أسيوط يطلق مشروع مدرسة الوليدية الابتدائية الحديثة (صور)    تعليم القليوبية يعلن جاهزية المدارس لاستقبال العام الدراسي الجديد    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    الأنبا مكسيموس يترأس مؤتمر خدام إيبارشية بنها    صالون نفرتيتي يطلق فعالية ميراث النهر والبحر في دمياط ضمن مبادرة البشر حراس الأثر    مصدر أمني ينفي صلة "الداخلية" بجمعية عقارية في دمياط    مصادرة 1100 علبة سجائر أجنبية مجهولة المصدر في حملة ل «تموين العامرية» (صورة)    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    ملك وملكة إسبانيا يفتتحان إضاءة معبد حتشبسوت فى الأقصر.. صور    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    أسعار المستلزمات المدرسية في قنا 2025: الكراسات واللانش بوكس تتصدر قائمة احتياجات الطلاب    دونجا: عبدالقادر مناسب للزمالك.. وإمام عاشور يمثل نصف قوة الأهلي    للمرأة العاملة، ممنوع وضع المعجنات يوميا فى لانش بوكس المدرسة بدلا من الساندويتشات    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري اليوم    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وطبق البيض بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    فلسطين.. قوات الاحتلال تداهم منزلًا في بلدة كفر قدوم شرق قلقيلية    حي علي الصلاة..موعد صلاة الجمعة اليوم 19-9-2025 في المنيا    رحيل أحمد سامى وخصم 10%من عقود اللاعبين وإيقاف المستحقات فى الاتحاد السكندري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرادعي وأكذوبة مصر المأزومة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 01 - 03 - 2010

يتلمسون تدخلاً أجنبياً مرتجي، ويلهثون وراءه في كل مناسبة تلوح معها إشارات الخارج يتحينون كل فرصة لاستجداء ضغوط غير مصرية لاستيراد إصلاحات لا تخدم إلا أهواءهم.
هذا هو واقع حال ما تسمي نفسها قوي سياسية معارضة ظهرت في المشهد المصري مع بداية حديث الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش حول ما أسماه دمقرطة دول الشرق الأوسط، وهو الحديث الذي تطور إلي صياغة مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي كان معنياً بالأساس بالضغط علي الأنظمة العربية لدفعها للمزيد من الإصلاحات السياسية الداخلية، وفقاً لأجندة تضعها قوي الخارج غير مكترثة بحقيقة التطورات الحادثة في المجتمعات العربية في المقابل تبلورت تلك الحركات مندرجة تحت عدة مسميات منها حركة كفاية، والجبهة الوطنية من أجل التغيير وغيرها وجري جدل ساخن بين قيادات تلك الحركات للاستعانة بالخارج وتحديداً الضغوط الأمريكية وهو الجدل الذي حسمته بعض عناصر تلك الحركات بالمشاركة في مؤتمرات دولية ناقشت مسألة الإصلاح والديمقراطية في دول الشرق الأوسط وعلي رأسها مصر، علي غرار ما فعله جورج إسحق منسق حركة كفاية في تركيا.
غير أن اللافت حقاً هو أن أعضاء تلك الحركات كانوا قد أمضوا عقوداً بعيدين تماماً عن الشأن المصري منشغلين بقضايا الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، والحصار الأمريكي علي ليبيا والعراق، حتي جاءت الحرب الأمريكية علي نظام صدام حسين في ربيع عام 2003 وأثناء انشغالهم المعتاد بتلك الحرب ظهر اهتمامهم المفاجئ بالقضية المصرية مواكباً لإشارات بوش لمسألة الديمقراطية.
لكن وقوف الدولة المصرية بما فيها من قوي سياسية ومجتمعية حقيقية في وجه تلك المشاريع الأجنبية وأد مآربها، ومقصدها الرئيسي وهو التدخل السافر في الشأن المصري، وكانت تلك الوقفة عملية، حيث ظهرت علي الساحة عدة أحزاب سياسية جديدة أبرزها حزباً الغد والجبهة بخلاف التعديلات الدستورية الواسعة التي بدأت بتعديل المادة 76 ليلحقها تعديل أكبر ضم 34 مادة أخري، وكانت جميعها حصيلة نقاشات عميقة جرت بين جميع الأحزاب السياسية المعارضة إلي جانب الحزب الوطني، كل ذلك كان منبعه وعي النخبة السياسية بمتطلبات التحول الديمقراطي وفقاً لظروفنا المجتمعية وإدراكاً منها لعيوب الدولة الشمولية التي شابت النظام السياسي المصري خلال فترة حكم الرئيس عبد الناصر.
إن التطور السياسي الذي شهدته مصر خلال الأعوام الماضية،أجهض كل محاولات الاستقواء بالخارج، لكن اللاهثين وراءه استكانوا أو بالبلدي «استخبوا في الدرة» منتظرين اللحظة المناسبة عندما تحدث الدكتور محمد البرادعي الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول رغبته في إحداث المزيد من الإصلاحات في مصر وهو الحديث المستمر في دوائر الحكومة والمعارضة علي حد سواء، لكن وضع الرجل الدولي بحكم منصبه السابق جعلهم يرون فيه جسر المرور نحو بوابة التدخل الأجنبي، فألبسوه قناع المخلص ولباس المهدي المنتظر ليعلن بدوره رغبته في الترشيح لانتخابات الرئاسة المقبلة شريطة انقلاب دستوري يقلب نظام الحكم في مصر رأساً علي عقب، مستبعداً خيارات الانخراط في المعارضة المصرية بالانضمام لأحد الأحزاب السياسية ليتمكن من خوض المعركة المرتجاة أو تأسيس حزب سياسي يشارك في عملية الإصلاح الحادثة بالفعل، هو يريد أن يخترع العجلة ويبدأ من الصفر وكأن إصلاحاً لم يتم.. وكل ذلك دليل علي أنه دفع إلي ما هو فيه الآن دفعاً ويؤيد ذلك تصريحه المتكرر منذ عاد إلي مصر بأنه جاء ليقود مسيرة الإصلاح بلا خطة، مكتفياً بالرهان علي مجهول أسماه تأييد الشعب المصري له.
أيضاً راح ومؤيدوه يصنعون أكذوبة كبري تقول إن مصر مأزومة بسبب غياب الديمقراطية متجاهلين أنهم أنفسهم يشتغلون بالسياسة في إطار من الديمقراطية وحرية التعبير التي في رأيي قد عانت الأمرين من ضجيجهم عبر صحفهم السوداء التي انشغلت عن قراءة تفاصيل مصر بموضوعية المستقل كما تدعي باختلاق المعارك الوهمية التي لا صلة لها بهموم المصريين. إنهم يحاولون تسويق مصر المأزومة عبر التفافهم حول شخصية الدكتور محمد البرادعي ليس لاقناعهم بأنه رمز الإصلاح والتغيير في حد ذاته، يعلمون - كما نعلم - أن الرجل بعيد تمام عن الواقع المصري، وفاقد للخبرة السياسية التي تشكل عبر تراكم الممارسة، وإنما لاعتقادهم بأن وضعه الدولي يفتح الباب مجدداً للضغوط الخارجية.
وليس من الصعوبة بمكان قراءة هذا الاعتقاد، فأنصار البرادعي أو من يدعون ذلك يسوقونه بوصفه شخصية تتمتع بعلاقات دولية متعددة بل إنهم استبقوا وصوله يوم 19 فبراير الماضي بتأليف خطط وسيناريوهات أمنية لغلق الطرق المؤدية لمطار القاهرة الدولي واعتقال أنصاره ومؤيديه، وعندما كان المشهد مغايراً لافتراءاتهم ادعو أن استقبال الرجل بما يناسب وضعه كان خوفاً مما أسموه بامتحان مصر في لجنة حقوق الإنسان بجينيف، أي أن الرجل تحميه القوي الدولية علي أرض وطنه من بطش النظام المصري بل إن أحدهم قال متجاوزاً حدود الأدب مع قيمة اسمها الدولة المصرية إن النظام في مصر لن يستطيع إيذاء شخص الدكتور محمد البرادعي لخشيته من غضبة الخارج، ولسنا هنا في حاجة للإشارة إلي أن مصر هي من منحته قلادة النيل.
ليس ذلك فحسب بل إن حديث البرادعي نفسه عن ضرورة خروج الناس في احتجاجات واسعة من الانقلاب علي الدستور صاحبه همس بين من يقولون إنهم أنصاره، إن الالتفاف حول البرادعي في وقفات احتجاجية موسعة سيشجع الغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية لممارسة ضغوط جادة تجبر النظام في مصر علي قلب الدستور خاصة مع التركيز علي صورة مصر المأزومة عبر صحفهم السوداء.
وقد بدأت بالفعل شواهد تلك الحملة بتضخيم حدث وصول الدكتور البرادعي وعودته إلي أرض وطنه والنفخ في صورته كمخلص وحامل للواء التغير لنصبح إزاء عملية شخصنة لكل آمال الوطني المأزوم.
يقصدون التضليل والتزوير في حقيقة ما يجري، فهم يصورون حيوية نقاشات البرلمان حول عدد من القوانين والقضايا المهمة علي أنها أزمة حكم، وظني لو أن الأمر كذلك لما تحفظت الأحزاب الشرعية علي ذا المشهد الهزلي، ولبادرت هي بالاحتجاج ولو بغلق أبوابها لتترك الساحة خالية أمام الحزب الوطني من باب إحراجه داخلياً ودولياًَ. غير أنها تؤمن بأن الإصلاح عملية ديناميكية لن تتم في يوم وليلة كما يصورها الدكتور محمد البرادعي في خطابه الإعلامي.
وقد بات واضحاً أن البرادعي وأنصاره يراهنون علي التدخل الأجنبي خاصة أنهم لا يعبرون عن قوي اجتماعية حقيقية تري في خطابهم وآليات عملهم مصلحة تدفعهم للالتفاف حوله. قد لا يعرف البرادعي أن تلك المئات التي استقبلته بوجوهها - الحمضانة - تمثل حركتين في الأساس الأولي ( كفاية) وهي الحركة التي راهن الجميع بما في ذلك الحزب الوطني علي أن تلعب دوراً حقيقياً ومؤثراً في الحراك السياسي المصري، غير أن فراغها من مضمون حقيقي يلتقي ومصلحة المصريين، وانشغال قياداتها حتي هذه اللحظة بالتنازع علي القيادة والظهور الإعلامي جعل وجوهها مجرد بهلوانات يفتقدون الكوميديا.
ملحوظة راهنت كفاية كما البرادعي علي حشد المصريين لقلب نظام الحكم.
أما الحركة الثانية التي كانت في استقبال البرادعي فهي شباب 6 أبريل، وقد قادني فضولي الصحفي للتحاور مع بعضهم الذين فاجأوني بذات التصورات المراهقة حول طريقة الإصلاح والتغيير، فمعظمهم يعتقد أن الحديث مع الناس في المقاهي والأماكن العامة كفيل بإيقاظ وعيهم لينتفضوا في ثورة عارمة لتغيير نظام الحكم، ويعتقدون أن ذلك ممكن خلال العام الحالي.
ليس هذا هو كل شيء عند شباب 6 أبريل، فمعظمهم ممن أدركوا أن مجرد العمل في السياسة ولو بترديد شعارات قد لا يفهمونها كفيل بالحصول علي دخل دولاري حيث احترف معظمهم مخاطبة بيت الحرية الأمريكي (فريدوم هاوس) لطلب تمويل نظير قيامه بنشاط سياسي ما ولو علي بث رسائل (SMS) عبر الموبايل تحمل جملاً براقة حول الحرية والديمقراطية ومؤخراً اتهمتهم حركة كفاية بالحصول علي دولارات بيت الحرية ليؤسسوا ما يعرف بالمعهد المصري للديمقراطية، وهو ذات الاتهام الذي ردته علي الحركة.
لا أدري إن كانت هذه الصورة لأنصار البرادعي قد تفيده أم لا، لكن ما أعرفه وأظنه لا يخفي بالضرورة علي رجل القانون الدكتور محمد البرادعي أن هناك آليات لتعديل الدستور وربما يغيره من الأساس، وهي آليات وضعها الدستور ذاته وعليه إن شاء أن ينأي بنفسه عن شبهة الرهان علي التدخل الأجنبي بأن يدخل الحياة السياسية المصرية من بابها الشرعي، إما عن طريق حزب قائم بالفعل، أو العمل لإشهار حزب جديد برئاسته مبتعداً عن النوافذ الخلفية، لأن الإصلاح والتغيير في دولة مثل مصر لن يكون بلي الأذرع واصطناع الأكاذيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.