في ظل الجدل المثار حول حرية ومسئولية الإعلام وما يصدر من أحكام حبس في قضايا النشر وتزايد عدد المطبوعات الصحفية والقنوات الفضائية اقترح الدكتور فاروق أبوزيد عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة ورئيس لجنة الممارسات الصحفية إنشاء محاكم خاصة لنظر قضايا النشر والإعلام أسوة بالمحاكم الاقتصادية المتخصصة ومحاكم الأسرة معتبراً أن ذلك يصب في صالح حرية الصحافة ووضع وتحديد الخطوط الفاصلة بين الحرية والمسئولية، لافتاً إلي أهمية استبدال عقوبات الحبس بالتعويض المادي الذي يتناسب مع الجرم منوهاً إلي أن وجود محكمة متخصصة سيضمن تحقيق حرية الإعلام والعدالة فيما تنظره من قضايا وإدراك لطبيعة المهنة مناشداً أعضاء مجلس الشعب باقتراح مشروع قانون يكفل إنشاء محاكم إعلامية. الفكرة التي طرحها أبوزيد قابلها اختلاف خبراء وإعلاميين حولها ما بين مؤيد ومعارض فقد رحب الدكتور شوقي السيد أستاذ القانون الدستوري بالفكرة مؤكداً أن الاتجاه للتخصص أصبح ضرورة ملحة خاصة أن وجود قضاة متخصصين في القضايا الإعلامية يعود بالنفع علي كل من القاضي والمتقاضي مما يحقق العدالة في الحكم. مشيراً إلي أن فكرة التخصص كانت متمثلة قديماً في وجود النيابة الصحفية التي تم إلغاؤها، لذلك لابد أن تعود في صورة محكمة للإعلام. لكن فريدة النقاش رئيس تحرير جريدة الأهالي رفضت الفكرة معتبرة أنه لا توجد ضرورة لهذا الشكل الجديد من المحاكم في ظل وجود العديد من المرجعيات التي يمكن أن يحتكم إليها المضارون من الإعلام علي غرار قانون النقابة وميثاق الشرف الصحفي والدستور ولجنة الممارسة الصحفية بالمجلس الأعلي للصحافة والقانون العام. وقالت إنها لا تستوعب أن يكون هناك محكمة سوف تضيف شكلاً مؤسسياً جديداً لأشكال قائمة فعلاً لم يتم استنفاد بعض إمكانياتها لافتة إلي أن هذه الفكرة تحتاج إلي مزيد من الدراسة والتأمل مطالبة بطرح الموضوع علي الرأي العام الصحفي والحزبي وإجراء مناقشة مفتوحة حول جدواه. ويري أسامة غيث مدير تحرير الأهرام عدم جدوي هذه الفكرة في ظل وجود قوانين تؤدي لحبس وتغريم الصحفيين والكتاب والإعلاميين بمبالغ ضخمة واعتبرها فكرة سابقة لأوانها فالمطلوب في البداية السعي لتنقية ترسانة القوانين من التعسف والقيود التي تلاحق الصحفيين. ولفت إلي أن المطالبة بتعديل القوانين لا تعني الدعوة لانقلاب ولكن التمسك بهذه القوانين وعدم الفهم لطبيعة العمل الصحفي هو الخطر الحقيقي علي المهنة، فالقانون لا يفهم طبيعة العمل الصحفي مما يعد عيباً تشريعياً فادحاً وهو ما يحتم في البداية تنقية هذه القوانين ثم النظر فيما بعد في جدوي إنشاء محكمة مختصة لقضايا الإعلام من عدمه. ولفت غيث إلي أنه يخشي أن تتحول فكرة المحكمة الخاصة إلي سيف مسلط علي الرأي وحرية التعبير مما يجعل التخصص غير مفيد في ظل استمرار القوانين الحالية. كما رفض عباس الطرابيلي رئيس تحرير جريدة الوفد المحاكم المتخصصة بشكل عام ويفضل أن يحاكم المواطن أمام قاضيه الطبيعي ومن هنا لا يري أهمية لمحكمة خاصة لقضايا الإعلام والنشر. وأكد الطرابيلي أن القانون الجنائي والمحاكم المدنية هما الأساس الذي يساءل الصحفي أمامهما دون وجود قانون خاص وذلك لأنه لا توجد حالة ملحة لمحكمة متخصصة وهذا ما يدل عليه عدم وجود هذه التجربة في أي دولة أخري مقترحاً إضافة بعض المواد علي القانون العام بما يضمن حرية الإعلام والصحافة كما يؤيد مبدأ اقتصار العقوبة في جرائم النشر علي الغرامة المالية فقط أيا كانت قيمتها وإلغاء حبس الصحفيين لأنها تقتل حرية الرأي والتعبير. وفي المقابل أشار سعد هجرس مدير تحرير جريدة العالم اليوم إلي رفضه لاتجاه القضاء المتخصص بشكل عام ويري أن الإعلام يحتاج إلي تنقية القوانين البالية التي تحوي مواد مناهضة لحرية التعبير.. مما ينعكس إيجابياً علي المناخ الإعلامي فلا تصبح بحاجة إلي محاكمة إعلامية بل نحتاج إلي تفعيل ميثاق الشرف الصحفي. واتفق معه فؤاد النادي أستاذ القانون الدستوري بجامعة الأزهر وأضاف إن وجود محكمة للإعلام يعد مرحلة لم يأت وقتها بعد.