لفت الاهتمام الاعلامي الفضائي الانظار إلي أحداث العنف المتصاعدة في نيجيريا والتي راح ضحيتها مئات القتلي من المواطنين مسلمين ومسيحيين ومن عناصر الشرطة النيجيرية، ووجدت فيها بعض الأقلام والأصوات الملتحفة بالإسلام فرصة ذهبية لإشعال نار الفتنة في نيجيريا، من خلال الزعم بان الصراع سببه رفض المسلمين محاولات رسمية وغير رسمية لتنصيرهم، وبلغ الأمر ذروته عندما شبه أحد الأقلام الإخوانية ما يجري في الجنوب بواقعة أصحاب الأخدود الوارد ذكرها في القران الكريم وهو زعم اقل ما يوصف به انه طائفي ويرمي إلي وقوع حرب صليبية جديدة في أفريقيا. بالعودة لجذور الصراع نجد أن سببه الأساسي يكمن في توغل الفكر الراديكالي إلي منطقة غرب ووسط افريقيا وانتشاره، علي حساب الافكار الاسلامية المعتدلة، ساعد علي انتشار هذه الافكار تنقل العناصر الارهابية بين دولتي تشاد والنيجر اللتين مثلتا حلقة الوصل بين دول الغرب الافريقي ودول الشمال ممثلة في الجزائر وليبيا والسودان، كما ساعد علي ذلك أيضا انتشار الفكر الاخواني المتشدد علي يد ما يسمي ب"جماعة تعاون المسلمين بنيجيريا". الجماعة الاخوانية روجت لفكرة الحرب (الاسلامية المسيحية) في نيجيريا وراحت تناشد عبر رابطة مساعدة مسلمي جوس المنبثقة عنها الدول العربية والإسلامية التدخل بدعوي تخفيف معاناة مسلمي جوس النيجيرية، التي قالت في بيان لها انهم يتعرضون لمذابح متتالية بسبب رفضهم أن يتنصَّروا لأجل الغذاء والألبسة التي تقدمها الكنائس والجمعيات التنصيرية هناك. في عام 1999م بدأ تطبيق القانون الفيدرالي الذي يسمح للولايات النيجيرية ال26 بتطبيق القوانين الخاصة بها؛ فبدات 12 ولاية في الشمال النيجيري تسيطر عليها قبائل الهوسا في وضع قوانين تتضمن رؤيتها لتطبيق الشريعة، أصبحت هي القانون الأساسي، ورفضت المحاكم النيجيرية إصدار قرار بمنع هذه القوانين، ثم عرض الامر علي البرلمان فأفشله النواب الشماليون في البرلمان بالتصويت ضده. في 2002 تشكل تنظيم اكثر تطرفا يسمي "بوكو حرام" وتعني بلغة الهوسا "التربية الغربية حرام"، واتخذت من "مايدوجوري" عاصمة ولاية "بورنو" التي كانت مركزا للتعليم الديني في نيجيريا، هو تنظيم اقرب إلي فكر القاعدة في افغانستان واليمن ودخل في مواجهات مسلحة مع الدولة بدعوي عدم تمكين المسلمين من الحصول علي حقوقهم بالتمثيل في المؤسسات الرسمية. بدايات المواجهات الرد الحكومي علي عناصر "بوكو حرام"، والذي دفع منظمة العفو الدولية لان تطالب الرئيس النيجيري بالوكالة جودلاك جوناثان بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، في الواقعة التي اثارت ضجة اعلامية وسياسية كبيرة داخل نيجيريا، جاء بعد سلسلة من الاشتباكات بين الشرطة وانصار محمد يوسف زعيم التنظيم، اثر شنهم هجمات علي مراكز شرطة وسجون ومبانٍ حكومية وكنائس في عدة ولايات بشمال نيجيريا (يوبي، وكانو، وبورنو). تصاعد احداث العنف في نيجيريا لا يمكن فصله عن واقعة اخري شهدها ديسمبر الماضي وتمثلت في محاولة شاب نيجيري يدعي عمر الفاروق تفجير نفسه في طائرة متجهة إلي الولاياتالمتحدةالامريكية فوق ولاية ديترويت، كما انه لا ينفصل ايضا عن احداث الفتنة التي وقعت خلال الاسبوعين الماضيين في غينيا كوناكري، وأدت لمقتل شخص وإصابة 29 آخرين وأرجعها المراقبون إلي تزايد نفوذ التيار الديني الراديكالي في منطقة ساحل غرب إفريقيا بوجه عام.