الاحتفال بزويل في الصحف والإعلام كاد يفوق الاحتفال بخالد الجندي في كل القنوات والبرامج علاوة علي البيت بيته، بل انتقل صاحب البيت إلي زويل بنفسه في برنامج العاشرة مساء. والعالم الفذ- مع الاعتذار لعلماء الدين- يستحق الاحتفال خاصة وقد وضح أن جنسيته الأمريكية تحول بينه وبين رئاسة الجمهورية التي رشحه لها بعض المفكرين فاتهم من البداية أنه أمريكي لأنهم بحكم كونهم مفكرين لا يقرأون الصحف وإنما يكتبون فيها فقط!، وكنت أتمني ترشيحه كخطوة تقربنا من أمريكا التي تربطنا بها مصالح كثيرة، وكانت فرصة عظيمة لمن رشحوه أن يعود ويهاجموه لأنه أمريكي وبذلك يثبتون وطنيتهم وعمالتنا للأمريكان!. حقا جاء زويل بصفته مستشارا علميا للرئيس الأمريكي لكنه مصري حتي النخاع ويخدمنا بعينيه، لكن غاب عن المفكرين أيضا ما جاء في صحف العالم أن زويل تسلم جائزة عالمية من إسرائيل وقضي فيها عدة شهور محل تقدير. كان هذا في مايو عام 93 قبل اتفاقية أوسلو التي جلس الفلسطينيون فيها مع العدو، لكن هذا في رأيي ليس سببا في رفض ترشيح زويل فلا يوجد في القانون المصري تهمة اسمها التطبيع مع إسرائيل، المصريون يذهبون لها ويعودون وأحيانا يبقون ويعملون ويتزوجون وينجبون، المشكلة الوحيدة أن يكون زويل عضوا في نقابة مصرية! كنقابة الصحفيين والممثلين والسينمائيين واتحاد الكتاب إلخ، لأنها تحاكم وتجرس وتفصل من يذهب لإسرائيل، لكنهم اليوم يحتفلون بزويل فهل غيروا رأيهم؟!. الدستور ينص علي حرية الرأي وحرية السفر بل الهجرة إلا إذا كان المواطن مطلوبا في جريمة، وإذا شك الأمن في مصري يستقبل أجنبيا أو يسافر لبلده فهو يراقبه ويسجل خطواته ثم يستأذن النيابة للقبض عليه كما حدث مثلا لمصطفي أمين سواء كانت القضية صحيحة أم ملفقة. لكن يبدو أن النقابات أكثر وعيا من الأمن وأكثر غيرة علي مصر حبيبتها وحدها، القوانين النابعة من الدستور تسري علي كل المواطنين، والنقابات تضع لوائحها بعد أن يعتمدها مجلس الشعب، لكن بعد ذلك كل واحد حر في نقابته ويتصرف باعتبارها دولة داخل الدولة لها دستورها الخاص. يتظاهر بعض الصحفيين يطالبون بتغيير الدستور وتغيير نظام الحكم وتغيير الوزراء مع استثناء الصحفيين من الحبس في جرائم السب والقذف. ولكن لا أحد يطالبهم بتغيير قراراتها فكل نقابة تعتبر قراراتها بمثابة قوانين ملزمة لأعضاء ومبطلة للدستور الذي يحمي حقوقهم. سافر علي سالم إلي إسرائيل بعلم الدولة كغيره من بعض المواطنين ففصله اتحاد الكتاب بتهمة اخترعها سماها التطبيع مع العدو وكأنه الاتحاد الاشتراكي العربي الذي كان يفحص المرشحين للانتخابات فيسمح بالاشتراكي ويرفض العدو الإقطاعي أو الرأسمالي، الاتحاد عند اتحاد الكتاب أن يكون كل الكتاب علي رأي واحد وسلوك واحد غصبا عن عين التخين فيها ليه يا سيدي؟ قالك لأن ده قرار الجمعية العمومية منتهي الديمقراطية، أسألهم.. يعني ممكن بكرة ياخد قرار كل الكتاب يبقوا اشتراكيين أو رأسماليين؟ أو ليبراليين ولا مؤاخذة في الكلمة؟ أو علمانيين بعد الشر عليهم؟، أو يبقوا إخوان مسلمين؟ أو مسلمين من غير قبط باعتبار أن الأغلبية من المسلمين؟!. أسألهم.. طب لو أخذ الحزب الوطني قرارا باعتباره حزب الأغلبية بإعادة الصحفيين للعمل في شركة باتا كما حدث مرتين في عهود سابقة؟!. لكن حسين سراج الصحفي الذي يذهب لإسرائيل منذ سنوات لأن أنيس منصور عينه مراسلاً لمجلة أكتوبر بها وظل بوظيفته خلال عدة رؤساء تحرير أحالته نقابة الصحفيين الآن في سابقة أولي إلي مجلس تأديب وأوقفته عن العمل ثلاثة أشهر، شفت الوطنية التي تأخرت لأكثر من ثلاثين سنة؟، لم يفتح أحد من رؤساء التحرير فمه، كأنهم لم يكلفوه بهذه المهمة، وكأن النقابة هي التي تملك صحف مصر!، أسألهم عن نقيب الصحفيين الحالي الذي زار إسرائيل مرات؟ أو أنيس منصور الذي زارها عشرات المرات وسجل هذا بنفسه؟ أو نجيب محفوظ الذي كان يراسل أدباء ونقاد إسرائيل لأعوام؟، لن يرد عليك أي أحد. دعت هالة مصطفي رئيس تحرير مجلة الديمقراطية التي تصدر عن مؤسسة الأهرام السفير الإسرائيلي لتجري معه حديثا بمبني الأهرام بعلم إدارته وعلم الأمن طبعا فأحالتها أيضا للتحقيق وأنذرتها بكارت أصفر يعني المرة الجاية طرد!، لا أحتاج لدراسة القانون لأعرف أن قرارات أي نقابة لا تجب الدستور، وتعرف النقابات ذلك فهل يتغابون أو ينافقون ولهذا يضربون الدستور بالحذاء وعلي مرآي ومسمع من الحكومة؟. ربما أنا غلطان وكلامي سفسطة، لكن التاريخ يقول إن علي سالم الذي فصل وقطعوا عنه المعاش والتأمين الصحي "كان ناقص يقولوا له روح يارب تموت"، رفع قضية وكسبها وحكمت المحكمة بإعادة عضويته فأعلن في نفس اليوم رفضه عضوية النقابة. مقاطعة إسرائيل موجودة قبل عام 56 ولم تردعها بل كانت سببا لاشتراكها في العدوان الثلاثي ثم اعتدت علينا في 67 وحتي المقاطعة مع حرب الاستنزاف لم تردعها ولا حرب 73 فقد انسحبت بعد معاهدة سلام أول بنودها التطبيع معها، لا يدعو أحد للتطبيع الآن لأنه نافذ منذ ثلاثة عقود!، القانون لا يمنع أعضاء النقابات بأن يدعو جهارا لإلغاء المعاهدة وبالتالي شن الحرب علي إسرائيل، ولكن ليس من حقهم قطعا معاقبة من يخالفهم وإجبارهم علي عدم التطبيع بسلاح الفصل الذي يعني اعترافا بالعجز عن إقناعهم. النقابات ليست أحزابا فهي تضم الأعضاء من كل الأحزاب المستقلين، هل فهم هذا صعب؟، أم أننا نعيش في غرزة مخدرات كبيرة؟! هكذا اختطف الإخوان والناصريون النقابات بالإرهاب كما اختطفت حماس غزة، ومازالت الحكومة واقفة تتفرج وتضحك كأنها تقول وأنا مالي كلوا بعض، وانشغلوا عني، عندكم الدستور كل واحد يجري يرفع قضية. الظاهر الحكومة اتخذت قرارا سريا بعدم التطبيع مع المصريين!