منذ عودة الإخوان المسلمين إلي الساحة السياسية بصورة غير شرعية في بداية السبعينيات استمرت الجماعة في العمل العام كواحدة من أكبر الجماعات السياسية في مصر. وتعد جماعة الإخوان المسلمين الجماعة الأم والمرجعية لعديد من جماعات الإسلام السياسي ولقد برهنت أحداث جامعة الأزهر علي وجود ميليشيات للجماعة علي غرار الجناح العسكري للجماعة الذي انشأه حسن البنا مؤسس الجماعة المحظورة سنة 1940 ومما لا شك فيه أن المحظورة قد استفادت خلال السنوات الماضية من مناخ الحراك السياسي الذي تعيشه البلاد وعليه بدأت الجماعة تنفيذ استراتيجية جديدة للعودة الثانية والظهور علي مسرح الأحداث. ومنذ تولي محمد مهدي عاكف منصب المرشد السابع للإخوان المسلمين في مصر عام 2004 والجماعة تبدو أكثر تسييسا من ذي قبل. وقد تضمنت الاستراتيجية الجديدة للمحظورة تصعيد الجيل الجديد والمجهول إعلامياً من القيادات التنظيمية لصفوف الجماعة بعد إدراك مكتب الإرشاد خطأ التصرفات السابقة للجماعة والتي وصلت ذروتها في جامعة بالأزهر كما تضمت الاستراتيجية أيضا محاولة تنحية بعض الوجوه القديمة من متشددي الجماعة. وتركز الجماعة في استراتيجيتها الحالية علي استهداف أعضاء هيئة التدريس والطلاب وخاصة طلاب الجامعات باعتبارهم عصب الإخوان وفي غيبة من الحكومة نجحت الجماعة في تكوين كوادر لها من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والذين تم تجنيدهم منذ أن كانوا طلابا في السبعينيات وما بعدها لدرجة أن عدداً كبيراً منهم وصل الآن إلي درجة أستاذ جامعي ومنهم نائب المرشد العام للمحظورة. ولقد شكل هذا التيار قوة ضغط كبيرة علي صانعي القرارات في الجامعات التي ينتمون إليها.. ولأهمية الجامعات بالنسبة للجماعة المحظورة يوجد ضمن الهيكل التنظيمي للجماعة قسم خاص بالجامعات يتبع مباشرة مكتب الإرشاد ويتشكل "قسم الجامعات لدي الإخوان" من ممثلين للجامعات يختلف عددهم حسب كثافة كل جامعة ودور الإخوان بها. ويتولي أعضاء هذا القسم إعداد المحاضرات الإخوانية وتجهيز كتائب الجامعات وتبادل الخبرات وتدريب الطلاب علي كيفية الهروب في المظاهرات بالإضافة إلي الجزء التربوي من فقه الإخوان واليوم الرياضي. ويبدو أن استراتيجية الجماعة المحظورة قد استهدفت عدة مواقع داخل الجامعات تشمل وحدات الجودة ووحدات التطوير وأندية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات وذلك لثقلها وطبيعتها التي تقتضي القرب من صناع القرار داخل الجامعة تارة ومن أعضاء هيئة التدريس تارة أخري. كما أن السيطرة علي أندية أعضاء هيئة التدريس يمكن الجماعة المحظورة من أن يكون لها مقر داخل الجامعة تستطيع من خلاله الوقوف علي مشاكل أعضاء هيئة التدريس والتغلغل بينهم من خلال معرفة نقاط الضعف البشري التي تفرضها طبيعة الأمور الحياتية لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم. وخلال الأيام الماضية علمت أن الجماعة المحظورة قد دفعت بأعداد منها للترشح لعضوية نادي أعضاء هيئة التدريس بإحدي الجامعات منهم الوجوه القديمة وعدد من الوجوه الجديدة وذلك للسيطرة علي نادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعة وفي وقت تتخذ فيه إدارة الجامعة موقفا سلبيا تحت مسمي ومبررات غير مقبولة. ولذلك فإنني أري أنه من واجب الحزب الحاكم والحكومة ورؤساء الجامعات العمل وبقوة لدفع عناصر وطنية للتصدي لهذا التيار حتي لا يتم تجميد أنشطة أندية أعضاء هيئة التدريس وتكرر مأساة النقابات المهنية مرة أخري خاصة أن التاريخ يؤكد أن الإخوان قد لجأوا للعنف من قبل وأنهم علي استعداد للعودة إليه مرة أخري فهل ستتحرك الحكومة والحزب ورؤساء الجامعات لوقف زحف المحظورة داخل أندية أعضاء هيئة التدريس بالجامعات أم أن الحكومة ستظل تراقب إلي ما لا نهاية بينما يقدم رؤساء الجامعات التهاني للفائزين حتي ولو كانوا من المحظورين؟