يملك الكاتب الإنجليزي هارولد بينتر حسا عاليا من السخرية، تجلي في قصته التي سردها عند تعرضه لسقطة أدخلته المستشفي عام 2006، ثم استيقاظه بعد يومين ليجد نفسه قد حصل علي جائزة نوبل للآداب، فقال مقولته الشهيرة: "الحياة عبارة عن مجموعة من أحداث الارتقاء والسقوط"، بهذه الكلمات بدأ الدكتور ماهر شفيق فريد حديثه عن الكاتب المسرحي بمحور "المائدة المستديرة" الذي ناقش كتابه "المسرحيات الكبري"، وحضرها الدكتور محمد عناني مترجم الجزأين والدكتور مصطفي رياض رئيس قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة عين شمس والشاعرة فاطمة ناعوت. وأضاف الدكتور ماهر شفيق أن بينتر بدأ حياته الإبداعية ممثلاً، ولكن سرعان ما تحول إلي كتابة المسرحيات، وكان أول عمل له "الغرفة" عام 1957، وفي العام نفسه كتب مسرحية "حفل عيد الميلاد" التي لقيت فشلاً ذريعاً، إلا أنه تابع وكتب مسرحيتي "الخادم الأخرق" و"العودة إلي الوطن" اللتين أوصلتاه إلي الشهرة. تحدث الدكتور مصطفي رياض عن تفاصيل حياة بينتر قائلا: كان مناضلا سياسيا، إضافة إلي كونه كاتبا مبدعا مهما، شارك في أنشطة مسرحية كممثل مخرج وكاتب، تحوي أعماله دائما مشاهد ومواقف واقعية يقدمها بلغة خاصة، ويحرص علي تسليط الضوء علي نوازع الشخصيات وحالاتها النفسية التي غالبا ما كانت تتسم بالقلق والتشظي النفسي تماما كرسومات "سلفادور دالي". وألقت الشاعرة فاطمة ناعوت الضوء علي جزء آخر من شخصية الكاتب، مؤكدة أن بينتر يقدم لونا من الآداب غير مطروح بقوة في عالمنا العربي، وهو مسرح "اللامعقول" فهو من أجاد توظيف الصمت، بل وجعل منه فاعلا، كما نجد أن شخصياته دائما ما تحمل هما وقلقا وربما تهديدا، فأطلق عليه النقاد كاتب كوميديا التهديد. وأضافت أن بعض النقاد اتهموا مسرحه بخلوه من الهدف أو الرسالة التي تخدم المجتمع وهذا غير صحيح فهو كان يري أن الفن في حد ذاته قضية ورسالة والتزام وقد ذهب في اعتقاده هذا نفس مذهب الكاتب إدجار ألان بو، فنجده قد منح شخصياته حرية التحرر منه، حيث كان يقول أنه في مرحلة معينة من الكتابة يصبح بلا أدني سلطة علي تلك الشخصيات فتتمرد عليه وتصبح حرة تماما. وقال الدكتور عنان: ذهبت في ترجمتي "المسرحيات الكبري" إلي عدم ترجمة الالفاظ الإباحية كما هي تماما في العامية العربية، فترجمتها للفصحي المتقعرة، لتفادي استخدام الألفاظ الخارجة وخدش حياء القراء.