"مصر أصبحت هبة الصينيين والصين، التي تنشر ثقافتها الآن عبر صناعاتها" أطلق الكاتب الصحفي الدكتور نبيل عبد الفتاح هذه العبارة في الندوة التي خصصت مساء الإثنين الماضي لمناقشة كتاب "تحولات الأمم والمستقبل العالمي" للسيد يس. عبارة عبد الفتاح جاءت تعليقا علي حديث الدكتور جمال عبد الجواد، مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، الذي أكد فيه علي تعدد مراكز القوي الدولية وقال: "الصورة أصبحت أكثر تعقيدا فيما يتعلق بمراكز القوي في الاقتصاد والتجارة، والعسكرية والعلم والتكنولوجيا، والفنون وغيرها، وهناك الآن قبول لمسألة نسبية القيم بحيث لم تعد هناك دولة واحدة هي التي تسعي لفرض ثقافتها، والدليل إخفاق الولاياتالمتحدة الكبير في فرض قيمها علي العراق، وصعود الصين سيعزز هذا الاتجاه، خاصة أنها عملت بقواعد النظام الدولي الراهن واستطاعت من خلالها الوصول لما هي فيه". وأكد عبد الجواد علي أن الزمن العربي محشور بين الماضي الذي يراه ملهمًا ونموذجيا وما بين الحاضر الذي هو العالم الخارجي وقال: "لايزال الجدل العام في العالم العربي والإسلامي يطرح نفس القضايا التي كنا نطرحها في بداية عصر النهضة أو القرن التاسع عشر، وهذا ما ركز عليه يس في فصول الكتاب الأولي، وهو ما يجعلني أطلق علي اتجاه يس الفكري مصطلح "الواقعية النقدية". وقال أنه أقرب للواقعية في العلوم السياسية ، وهو ناقد للعولمة دون أن يكون رافض لها، كما أنه تجاوز مرحلة الاشتراكية، وتجاوز الأفكار التي رأت في الرأسمالية مشروعا منتهيا، وهو لا يسلم بأي مطلق في أعماله. وتحدث عبد الفتاح عن كتاب يس قائلا: "أدرك يس الفرق بين الزمن العربي والزمن العالمي، خصوصا الجماعات الإسلامية التي تتمحور حول الزمن الأول التأسيسي وهو ما يتقاطع مع عملية الحداثة التي نحن بحاجة إليها الآن"، واعتبر أن أعمال يس الفكرية تعتبر واحدة من الأعمال التأسيسية في الثقافة المصرية، وأنها ركزت علي تحليل الخطاب الأكاديمي والحقوقي المصري والعربي. كما تناول السفير أمين شلبي القضايا التي يطرحها الكتاب قائلا:" السيد يس من المتابعين بشكل دقيق للتحولات في النظام العالمي بخاصة منذ اختفاء الاتحاد السوفيتي وبروز الولاياتالمتحدة كقطب أوحد، وهو هنا يرصد التحولات لكبري التي لحقت بالمجتمع العالمي مع بروز الثورة التكنولوجية العظمي وما أنتجته من تغيرات شديدة العمق، ويطرح أسئلة هامة وخطيرة، ومنها: هل نحن نعيش الزمان العالمي أم زمانا عربيا مفارقا للزمان العالمي؟، وما موقف المجتمع العربي من كل تجليات العولمة السياسية والتعددية واحترام حقوق الإنسان؟، وهل هي ثقافة غربية تتستر وراء الصيغة العالمية وهل تؤثر علي الخصوصويات الثقافية للشعوب غير الغربية ؟". وتابع: "استخلص يس أن المجتمع العربي ككل يقف موقف الممانعة من تحقيق الأهداف السياسية للعولمة، وناقش في الكتاب الأزمة المالية العالمية واعتبرها نتيجة منطقية للخلل في النموذج الرأسمالي وأنها بداية عصر اقتصادي جديد عصي علي التحديد لكنه يمزج بين حقوق الدولة وحرية السوق ونهاية عصر الرأسمالية العولمة، كما أنه يناقش قضية الهيمنة الأميركية التي يراها أساس الصراعات الدولية التي تدور في عالم اليوم، وخلص إلي أن التحول الذي يجري في النظام الدولي يكشف عن أننا أمام نظام جديد متعدد الأقطاب، يتجاوز القطب الأميركي الوحيد، وهذه قضية تمس الدول المتوسطة والصغيرة كمصر، لأنها تتأثر بالنظام الدولي وتحولاته، كما يطرح سؤالا حول حركة التغيير التي وعد بها أوباما، وهل هو قادر علي إحداث التغيير أم أن هناك عقبات في بنية النظام الأميركي تحد من طموحه، تمثلها مراكز القوي الأميركية التي تضع العراقيل أمام أي رئيس جديد". وتحدث السيد يس قائلا:" نحن علي عتبات نهضة عربية تبدأ بالنقد الذاتي، وعلينا أن نحدد شكل لنهضة عربية لا تستسلم للواقع العربي وتستخدم قيما واقعية". وأكد علي أهمية التعارف علي قيم الدول الصاعدة، وأن نخلق معهم علاقات قوية سياسية ، واعتبر أن مشاكل الدول العربية ليست الحكومات وحدها هي السبب فيها وأن علي الأهالي والمثقفين دور في إحداث الحداثة، وشدد علي أهيمة الارتكان لدولة مدنية لا تقوم علي أساس ديني، بل تجعل مرجعيتها دستورية لتحقيق مبدأ المواطنة.