أثارت التصريحات التي أطلقها الكابتن حسن شحاتة المدير الفني للفريق القومي خلال هذا الأسبوع جدلاً كبيراً، ليس فقط في الأوساط الرياضية، ولكن أيضاً في أوساط فكرية واجتماعية عديدة.. أشار الكابتن حسن شحاتة إلي أن اختياراته للاعبين في المنتخب القومي" تخضع لحسن السير والسلوك"!، وشدد "المعلم" أنه يراقب اللاعبين موضع الاختيار لفترات طويلة قبل الإعلان عن اختيارهم .. وضرب الكابتن حسن شحاتة مثلاً باللاعب محمد زيدان الذي أقنعه بالمواظبة علي الصلاة حتي يكون منسجماً مع الفريق، وقادراً علي العطاء في الملعب. وقد تناقلت وكالات الأنباء التعليقات التي أثارت موجة من الجدل من ناحية، والنقد العنيف من ناحية أخري.. فقد تم استطلاع رأي عدد كبير من المدربين والمعلقين في العالم حول هذه التصريحات، وأشاروا كلهم إلي أن اللعب الاحترافي ليس "مؤسسة تهذيب وإصلاح"، وإنما هي لعبة تعتمد علي الإمكانيات وعلي المهارات في الأساس، حيث يتم اختيار اللاعب بناء علي مهاراته وجاهزيته للعب من ناحية، وعلي قدرته علي إفادة الفريق في مركزه من ناحية أخري.. وليس مطلوباً من أي لاعب أن يحضر معه "فيش وتشبيه" قبل الانضمام إلي المنتخب. والحقيقة، من وجهة نظري، أن معايير الاختيار التي أعلن عنها الكابتن حسن شحاتة ليست خاطئة، ولكنها "ناقصة"، وترتيبها مختلف.. فلا شك أن الفريق المنسجم والمتوحد هو الفريق القادر علي الفوز.. وأحياناً تكون العزيمة والرغبة هي أهم دوافع الفوز.. ومن يري مباريات الفريق القومي مع البرازيل وإيطاليا في كأس القارات يكتشف أن سر الأداء المبهر في هذه المباريات لم يكن تفوق الفريق القومي علي راقصي السامبا أو الفريق الآزوري قدر تماسكهم ورغبتهم المستميتة في الفوز وفي تحقيق الذات .. غير أن العزيمة وحدها لا تكفي ! ولو كان الإيمان وحده والتقوي هي الأساس لما انهزم المسلمون، وقائدهم رسول الله، في معركة أحد. وما أود إضافته هنا هو أنه في عصر المحترفين لا مكان للهواة.. الاحتراف نظام حياة وعمل، هو نظام يقوم علي الإمكانيات المادية والفنية لأي لاعب في المقام الأول.. ثم يتم البحث في المؤهلات الأخري.. من الناحية الأخلاقية لا يمكن تصنيف أسطورة كرة القدم الأرجنتينية مارادونا علي أنه كان لاعبًا ملتزمًا، ولكنه كان فلتة كروية.. واللاعب البرازيلي رونالدو ليس هو اللاعب النموذج في مجال الالتزام الأخلاقي، ولكنه النموذج في مجال الأداء.. وغير ذلك كثير.. العبرة في المقام الأول بالمهارات ثم تأتي بقية العوامل بعد ذلك . في الستينيات، صك محمد حسنين هيكل ثنائيته الشهيرة "أهل الثقة" في مقابل "أهل الخبرة"، في الأمور السياسية، وفي أولوية تولي المناصب المهمة والوظائف الرئيسية في الجهاز الإداري للدولة.. وفي عام 2010 يصك المعلم حسن شحاتة ثنائية جديدة في التدريب وفي اللعب: "أهل الإيمان" في مقابل "أهل المهارات"!!، ومهما كان اعتراضنا عليها، فنحن راضون بها مادمنا نحقق بها الفوز.. وقديماً قالوا" اللي تغلب به العب به". فإلي الأمام يا شحاتة.