قررت أن أستضيف في مساحة مقالي مبادرة أدوار السكندرية التي تجسد بشكل واقعي وليس افتراضيا طموحات هذه المجموعة من أجل التغيير بعيدا عن صياح الحركات الاحتجاجية وعن الجزر المنعزلة للحالمين في الفضاء الالكتروني هؤلاء فتية أمنوا بمستقبل أفضل للوطن، والآن لندع الموسيقي تتحدث عن نفسها: مجموعة من الشباب المصري تجمعوا لمناقشة مفهوم التقدم في الثقافة المصرية في أحد مشروعات معهد جوته الإسكندرية عام 2005 اختلفت رؤاهم حول الهوية وحقوق الإنسان وأزمة العقل العربي والبحث العلمي والدين والسياسة والرياضة والاقتصاد وعوائق التقدم والوعي والإعلام، لكنهم في النهاية اتفقوا علي أنهم جميعا مصريون ولكل فرد منهم دور في إحراز التقدم. تحت شعار وعي - مشاركة - إبداع أسس عدد من الشباب السكندري مبادرة أدوار متجاوزين خلافاتهم الفكرية هادفين إلي نشر التوعية وتفعيل ثقافة الإيجابية والمشاركة ومن ثم خلق فرص للإبداع والابتكار بشكل أكثر تحديدا، رسموا لأنفسهم طريقا واضح الملامح لخصوها في: توسيع دائرة المشاركة الإيجابية بين الشباب وتنمية مهارات الحوار والقيادة والقدرة علي تقبل الاختلافات الفكرية والعقائدية عن طريق تداول الأفكار والآراء المختلفة والعمل علي تكوين مجموعات مماثلة من الشباب ودعمها والتواصل معها وتفعيل دورها في المجتمع، وذلك عن طريق الوعي والمشاركة والإبداع كخطوات تطبيقية في مشوار التقدم. وضمان الاستمرارية في نشاط المجموعة وألا يقتصر أثرها ودورها علي الفاعليات وإنما السعي لأن تكون كائنا نشطا ومتناميا داخل المجتمع. الرؤية بعد جدل استمر قرابة خمسة شهور حول مفهوم التقدم، اتفق المؤسسون علي أن يكون لهم أدوار عملية في إحراز التقدم المنشود دون انتقاد للآخرين أو محاكمتهم، بل عمل في صمت وتركيز حتي لو بعدت الثمرة أو غابت، ورغم عدم حسم الخلاف حول عما إذا كان ينبغي تحقيق التقدم من أسفل لأعلي، الفرد ثم الجماعة ثم المجتمع، أم أنه لن يتحقق إلا من أعلي لأسفل الأنظمة الحاكمة ثم المثقفين ثم المجتمع ككل، ومضوا قدما ساعين لإحراز تقدم إيجابي ملموس. وتدريجيا بعد سلسلة من أنشطة التطوير الذاتي والاستعانة ببعض المتخصصين، تبلورت رؤية المبادرة حول دورها حيال التقدم، حاضرا ومستقبلا بالمشاركة في ثلاثة محاور رئيسية، هي: الحوار والتعليم غير الرسمي وخدمات المجتمع المباشرة. وعلي مدار السنوات من 2005 - 2010، تراكمت تجارب المبادرة في كل من محاورها الثلاثة، ما بين برامج حوار داخلية وخارجية، ونماذج محاكاة ودورات تدريبية وفاعليات مجتمعية متنوعة خلال هذه الفترة دار في فلك أدوار المئات من الشباب المصري، ثم خطت المبادرة لنفسها مسارا جديدا نحو ريادة المبادرات الشبابية بالمجتمع المدني، فأقامت عددا من الفاعليات التي ضمت العشرات من المؤسسات والمبادرات المدنية المصرية. المنطلقات التي تعمل وفقها المبادرة: إرساء قيم العدل والمساواة والتسامح وتقبل الآخر بين التيارات الفكرية والدينية المختلفة، وتعزيز ثقافة الحوار كوسيلة للتقريب بين وجهات النظر المختلفة، ومحاولة توحيد جهود الشباب حيال القضايا التي تهم الجميع بعيدا عن الاختلاف المرجعي والمساعدة في تكوين البنية الفكرية للمجتمع وذلك بتغيير بعض المفاهيم السلبية السائدة، وإعطاء الفرصة للشباب للمشاركة في أنشطة ثقافية تعمل علي صقل مهاراتهم وإكسابهم خبرات التعامل مع الآخر، والمحاولة الدءوبة لتوسيع قاعدة المشاركة بضم أعضاء جدد وضمهم للأنشطة التطوعية في المجتمع المدني، والبدء بالفرد ثم الانتقال تدريجيا من نطاق اجتماعي إلي آخر أكبر إلي أن يشمل الوطن ككل. رؤية المبادرة أن التقدم يمكن تحقيقه عن طريق ثلاث خطوات، الوعي والمشاركة والإبداع، أولها الوعي بما يحيط بنا من مشاكل وصعوبات ومن ثم المشاركة بمعني التفاعل مع المجتمع، وعدم الاكتفاء بانتقاد الآخرين ورصد سلوكياتهم، مما يؤدي في النهاية إلي تفجير طاقات الإبداع الكامنة داخل الفرد. سمات المبادرة والشفافية والوضوح في كل ما يخص المبادرة من أهداف واستراتيجيات وقرارات. دعم ثقافة التطوع بالمجهود والمال والوقت قدر الإمكان، وتحتفظ المبادرة بهويتها المستقلة ولا تنضم إلي أية مؤسسة أخري، المبادرة منفتحة علي التعامل مع كل الكيانات الثقافية والمدنية، والمساواة الديمقراطية بين أعضاء المبادرة فيما يتم اتخاذه من قرارات أو مميزات، علي أن تعطي الأولوية فيما يخص أنشطة المبادرة للعضو الأكثر نشاطا. العضوية الفعالة فكل عضو من الأعضاء لابد أن يكون له دور في أنشطتها، وبالتالي فهو يسهم في تقدم الوطن حسب رؤية المجموعة. العلاقات الوثيقة مع منظمات المجتمع المدني الأخري وتنظيم أنشطة وفعاليات مشتركة بما يعود بالفائدة علي قطاع كبير من الشباب بما في ذلك أعضاء المبادرة كما يضمن تبادل الخبرات في الأنشطة التطوعية المختلفة. هكذا استطاع هؤلاء الشباب علي مدي السنوات الخمس الماضية انجاز العديد من الفاعليات والمشروعات المختلفة بشكل واقعي وملموس دون ضجيج إعلامي أو افتراض وسوف نتتبع انجازاتهم في المقال المقبل.