لم يمر شهر واحد علي ظهور العذراء في كنيستها بالوراق الحضر وبالرغم من ذلك بدأت الكتب التي تتحدث في هذا الموضوع في الظهورحيث صدر كتاب بعنوان "لماذا العذراء في الوراق" للكاتب الصحفي نبيل عدلي هي المقابل وفي نفس الوقت أصدر القس "جوهر عزمي" راعي الكنيسة الإنجيلية الثانية بالمنيا كتابًا آخر بعنوان "الظهورات والمعجزات نظرة تأمل". ونجد أن حرب الكتب هي الأخطير علي الإطلاق خاصة عندما يحمل كل منهما عقيدة أو معتقدا لديه فيقلد أي الشعب البسيط ويكون الأخطر هو أن القضية التي تتناولها الكتب قضية تمس قلوب أبسط فئات الشعوب وبالتالي يكون توزيعها علي نطاق أكبر وأوسع ويكون تأثيرها أكبر. والحقيقة هالني ما كتبه القس جوهر في كتابه فبالرغم من صدق ما كتبه إلا أنه يحمل دلالات في غاية الخطورة حذر هو نفسه منها في بداية الكتاب مشيرا إلي أن تردده كثيرا قبل الكتابة في هذا الموضوع بالذات "ويقصد موضوع الظهورات بشكل عام" لأنه يعلم أنه شائك ومليء بالأخطار خاصة لأن هناك مشاعر ملتهبة وحماسة زائدة واقتناعاً واستسلاماً تاماً لما وصفه بالتراث المتأصل في النفوس لمثل هذه الظواهر أو ما شابهها، ولكنه أكد أنه كان لزاما عليه أن يستوضح الأمر من الإنجيل وهو المرجع الأساسي لكل المسيحيين في كل بقاع العالم بدون أي انفعال أو تعصب. وبالتالي تعرض في الفصل الأول إلي مشاهد الظهورات التي لا يستطيع أحد أن ينكرها خاصة إذا أجمع الآلاف علي رؤيتها مؤكدا انهم علي حق في كل ما شاهدوه ورأوه ولكن أنا أجد أن الخطورة كانت في السطور التالية لهذا الفصل، فبرغم من اعترافه بمشاهد الظهور إلا أن الكاتب حاول أن يوضح للقارئ ضمانات تأكيد الظهور تحت عنوان "ضمانات غير ضامنة"، مفتتًا الضمانات التي يقدمها البعض علي إلهية الظهور. فقد ذكر ضمان المكان مشيرا إلي أن أصحاب هذا الضمان والذين يؤكدون أن ظهور المشهد فوق قبة كنيسة وبجوار صليب وفوق أو داخل الهيكل تعتبر دلائل كافية لتأكيد صحة انتساب هذا المشهد إلي عمل إلهي، يوضح الكاتب أن هذا ليس بضمان علي الإطلاق لأن من وجهة نظره أن الكتاب المقدس يعلي مواقف كثيرة أن "إبليس" يستطيع بواسطة طبيعتة الروحية غير الملموسة أن يدخل ويظهر ويتكلم في أقدس الأماكن مدللا علي كلامه بما حدث مع زكريا النبي أن إبليس دخل إلي أقداس الله وتراءي قدامه "ز ك 3:1" وكذلك أضاف قصة أيوب الشيطان تراءي أمام الحضرة الإلهية وتحدث معه "أيوب 1:6-12". وأضاف إلي هذه الحقيقة إلي أنه لا يوجد مكان مقدس بذاته أو نجس بذاته بمعني أن الكنيسة المبني ليست مقدسة ولا الهيكل بذاته مقدسا فلا الحوائط أو الطوب أو المقاعد أو غيرها من الأشياء التي داخل الكنيسة مقدسة بل نحن الذين نقدس أو ننجس المكان والمكان لا يقدسنا أو ينجسنا. وتعرض الكتاب بعد إلي ضمان الإبهار مشيرا إلي أن شدة وتفرد النور ليس دليلا علي أهمية الحدث ذاكرا أن ظهور شخص الرب بذاته يقول عنه الكتاب المقدس "ملاك الرب" مضيفا أن هذه الظهورات تعلن عن طبيعتها ومصدرها وهدفها موضحا أن الكتاب المقدس يحذرنا من مثل هذه المشاهد الصامتة ومحاولة إلصاق أو إنساب المشهد إلي الله ذاكرا قول بوليس الرسول في رسالته الثانية إلي أهل كورنشوس ولا عجب لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلي شبه ملاك نور "2كو 11:14" وإن كان لم يجب علي تساؤل هل يقرب الشيطان الناس إلي الكنيسة ويرجعهم للإيمان وما مصلحته في ذلك، أما عن المعجزات المصاحبة للظهورات أشار إلي أنها تحمل الكثير من المبالغات والمزايدات والروايات التي يشتعل معها خيال العامة والبسطاء مؤكدا أنه لا ينفي حدوثها إلا أننا لابد أن نخرج من دائرة المعجزات كل ما يمكن أن يقلد أو يصنع بواسطة إنسان وينهي الكاتب كلامه بعنوان "ويبقي السؤال..؟! مشيرا إلي أنه حاول أن يثبت ولو بدليل واحد أنها إلهية ولكنه فشل موضحا أن حدوث المعجزات لا يضيف شيئا إلي الإيمان المسيحي. وفي المقابل نجد "نبيل عدلي" يسرد وقائع زيارته لكنيسة السيدة العذراء بالوراق أثناء الظهور حيث يحمل غلاف الكتاب صورة للظهور علي قباب الكنيسة والذي يبدأ بالملابسات والأمور الموازية والتوقيت الذي ظهرت فيه السيدة العذراء علي قبابها بالوراق، كما قام بجمع كل ما نشر عن الظهور سواء علي صفحات الإنترنت أو الجرائد القومية والخاصة والفضائيات وكذلك سرد عظة البابا حول هذا الموضوع وعرض لكتابه "كنه الظهور" "في باحة الكنيسة" وفي "ثقافة الظهورات" وفي "أدبيات الظهور" وفي الزخم الإعلامي وقام "عدلي" بعد ذلك بعمل نوع من المقارنة بما حدث في ظهورات الزيتون عام 1968 والظهوات التي حدثت في أسيوط عام 2000 وظهور الوراق في أواخر 2009 ليكون هذا أول كتاب يجمع في طياته دلالات ظهورات العذراء عام 2009 ومقارنتها بالأحداث الماضية ليوضح تطابق غريب وعجيب لجميع الظهورات الخاصة بالعذراء في أرض مصر كما أكد الكتاب كيف انبرت كنيسة الإسكندرية منذ فجر العصور إلي اليوم للتصدي لجميع التيارات المضادة والمزعزعة للإيمان المسيحي.