بدأت تبعات قرار استبعاد الفنانة الجزائرية زينب سديرة، من المشاركة في بينالي الإسكندرية الدولي المقام حالياً، تظهر للنور، حين نشرت وكالة الأنباء الفرنسية أحداث المؤتمر الصحفي المصاحب للبينالي، الذي شهد تبايناً في موقف الفنانين المصريين للقرار، بالإضافة إلي أسف الفنانة المستبعدة لما حدث في رسالة وجهتها للمسئولين عن الحدث. وعلي ضوء هذه الأحداث طرحت روزاليوسف الموضوع علي التشكيليين لرصد آرائهم حول هذا القرار. قال الفنان حازم المستكاوي: اعترضت علي القرار لأنه قرار حماسي وعاطفي، وكل القرارات التي اتخذت في جهات أخري معنية بالفنون خطأ، فالفن ليس له علاقة بنتائج مباراة كرة القدم، وما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية عن وصفي للقرار بأنه "أغبي القرارات" لفظ لم يصدر مني، ولم أقله ولم يدر معي أي صحفي في الوكالة حوارا حول القرار، وكل ما هو مكتوب باسمي كذب، وقد بلغت رأيي إلي رئيس القطاع شخصياً، وتناقشنا حول مبررات اعتراضي علي القرار بشكل يليق بنا كفنانين، وأنه لا علاقة للفن بأحداث الملاعب. الناقدة فاطمة علي قالت: قرار الاستبعاد الذي أصدره رئيس القطاع ونشر في الصحف قبل البينالي أمر مرفوض نهائياً، وغير واضح الرؤية، فكيف يستخدم الفن كوسيلة لمنع العلاقات بين الدول الشقيقة، كل الفنون بفروعها: التشكيلية والأدب والشعر والموسيقي والمسرح والسينما، تسهم في التلاحم والتواصل والاتصال بين الشعوب، ولا يجب أن تدخل الفنون في النزاع والمقاطعة، فالفنون بعيدة تماما عن أي تصفية حسابات، أو أي صراعات في مجالات أخري، فقرار بمقاطعة دولة عربية تشكيلياً أمر علي درجة من الخطورة والحساسية، ولا يجب أن يتخذ أي مسئول قراراً لمجرد رد فعل لحالة احتقان جماهيري، أو للحظة انفعال عابرة وغليان شعبي وعشوائية فكرية نتجت عن تنافس رياضي، وأتساءل ما المكسب الذي عاد علينا من هذا الاستبعاد؟ فهذا القرار من المؤكد أنه سوف تكون له تبعات مستقبلية. عاتب الناقد محمد كمال كل المثقفين الذين قللوا من شأن الموقف، وقالوا إنها كرة قدم، هذا أمر خاطئ، فكرة القدم ليست شيئا تافها، وتستطيع أن تفعل ما يفشل فيه المثقفون ولها شأن وكيان اجتماعي وتثقيفي للشعوب، فقد عرف جمهورنا الكثير من العواصم العالمية عن طريق المباريات، ولاعب الكرة أصبح مشهورا أكثر من المثقفين والشعراء أنفسهم، وكلمة "تعاطفا مع غزة" التي كتبها أبو تريكة علي فانلته كان لها أثر علي الجماهير أقوي من خطابات رجال السياسية، وبالتالي فأي إهانة للاعب كرة قدم هي إهانة لأي مثقف، ولا أزال أطالب الجزائر بالاعتذار رداً علي إهانة بلد كامل. وأضاف: هذا القرار إنذار لكل من يتطاول علي مصر مهما كان شأنه، نحن أرسلنا نخبة من الفنانين والمثقفين والإعلاميين وكبار رجال الدولة للتشجيع، والجزائر أرسلت جمهورا عاديا، إذا من المنطقي أن يأتي الرد عليهم بقوة النخبة نفسها. أكد أنه قبل إصدار بيان الاستبعاد، اتصلت تليفونياً بالفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية، وتناقشنا حول إصدار قرار بمقاطعة الجزائر، وقال لي رئيس القطاع لابد أن أستأذن الوزير، ثم بعدها بساعات اتصل بي وأبلغني أن الوزير وافق علي إصدار البيان باستبعاد الجزائر من بينالي الإسكندرية. اختلف الناقد الفني عز الدين نجيب مع القرار قائلا: أنا ضد هذا القرار، وضد كل القرارات المشابهة من نقابة المهن التمثيلية، ونقابة الفنانين التشكيليين، لأن أصحاب هذه القرارات لا يدركون دواعي العمل السياسي، الذي لابد أن يتجاوز الانفعالات والعواطف، وما حدث مجرد ردود فعل لمباراة كرة قدم أشعل شراراتها العامة ووقع فيها النخبة، وللأسف اتفق فكر العامة مع ثقافة النخبة فجاء القرار انفعاليا، وعلي الجانب الآخر ما شأن الفنانين التشكيليين في الجزائر بالمباراة، هل الفنانة الجزائرية كانت ضمن المشجعين. وتساءل: إذا افترضنا أن حالة الاحتقان وصلت إلي التشكيليين بهذا الحد ولا تزال مستمرة، فلماذا لم يتم عقد اجتماعات يسجل فيها كبار الفنانين والنقاد في مصر رأيهم قبل إصدار قرار بمقاطعة دول عربية تشكيلياً، واعتبر عدم الأخذ برأي الأغلبية تجاهلاً وعدم احترام للقاعدة العريضة من الفنانين، وانتهاكاً للديمقراطية وكأننا صغار ننتظر قرارا. وأضاف عز الدين: وزير الثقافة نفي علمه باستبعاد الفنانة الجزائرية زينب سديرة من المشاركة في البينالي، وأكد أنه سوف يحيل هؤلاء المسئولين إلي التحقيق فوراً، وأنه يرفض أن تفسد السياسة الثقافة، ودعا الوزير الجزائر للاشتراك في معرض الكتاب، مما يؤكد أن الحدث انتهي وانتهت تداعياته تماماً. أكمل: أقدر البيان الذي أصدره الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب، ونحن كنا في ذروة الأزمة عندما أعلن أن العلاقات بين الدولتين ثقافيا وتاريخياً ليست لها علاقة بأحداث عابرة، وأيضا أقدر المثقفين الجزائريين الذين أصدروا بيانا بعدم مقاطعتهم لمصر في كل الفعاليات الثقافية والفنية. الناقد الفني دكتور ياسر منجي قال: أنا ضد القرار، فالفنون تخاطب الحواس الراقية والوجدان والمشاعر والعلاقات الإنسانية، والمفترض ألا ينغمس المثقفون في أمور خارج النطاق الإنساني، وواجب المثقفين والفنانين إيقاظ الضمير الوجداني والقيام بدور الملطف للحالة الانفعالية بدلاً من إضافة الوقود، فما قام به المطربان الشاب خالد ومحمد منير في حفل ما قبل المباراة، كان أفضل وسيلة لتهدئة الوضع الانفعالي للجماهير العادية والصفوة، وكان يمكن استثمار هذا التلاحم بين الفنانين في كل الفعاليات التي تشترك فيها الجزائر ومصر، بما فيها بينالي الإسكندرية الدولي. وأضاف منجي: ما فعله وزير الثقافة في دعوة الجزائر لمعرض الكتاب قرار حكيم، لأنه أبعد الأمور الخاصة وأحداث انتخابات اليونسكو عن القرار، فاستمرار تواصل الثقافة بين الشعوب أهم بكثير من حدث عابر، وتقديري لروزاليوسف في مبادرتها لمناقشة هذا القرار في الصفحة الفنية التشكيلية، لأن هذا الطرح يعد بمثابة خطاب موضوعي ورسالة موجهة للتشكيليين الجزائريين، وللصحف الجزائرية، لنوضح لهم أننا كفنانين تشكيليين ونقاد مصريين نرفض الاستبعاد، مؤمنين بموقع الفن علي الخريطة الإنسانية. يذكر أن وكالة الأنباء الفرنسية نشرت نص الرسالة التي أرسلتها الفنانة الجزائرية إلي القائمين علي البينالي بعد قرار الاستبعاد، والذي جاء به: "أذكركم أيها السادة أنني فنانة تشكيلية وهو الأساس الذي وجهتم لي الدعوة للمشاركة بناء عليه، ولم أكن أنوي بمشاركتي تحويل جناح الجزائر بالبينالي إلي ملعب أو إلي مدرجات لكرة القدم، وآسف علي المثقفين والفنانين الذين بلغ بهم التأثر بنتيجة المباراة إلي درجة التلاعب بحدث فني دولي".