أهداني مؤخراً الصديق العالم الجليل د. أحمد شوقي كتابه المهم والقيم (مستقبل الثقافة العلمية في مصر.. دعوة للحوار). وهي دعوة تنطلق من أهمية اعتماد العلم في إدارة شئون المجتمع علي مختلف المستويات الفردية والجماعية والمؤسسية والقومية. ويؤكد د. أحمد شوقي أنه إذا كان د. طه حسين قد ركز في كتابه (مستقبل الثقافة في مصر) بشكل خاص علي التعليم؛ فإن مستقبل الثقافة العلمية يرتكز علي ثلاثية (العلم والتعليم والإعلام). وبعيداً عن أوجه القوة، فقد رصد الكتاب أوجه الضعف التي تهدد مستقبل الثقافة العلمية من خلال: - التهميش الإعلامي للثقافة العلمية بالتعامل معها بعشوائية ودون منهج واضح. - ضعف الكم والكيف معا أي كم قليل غير محكم وبصورة لا علمية، ورفض للعلم ونظرياته باسم الثقافة العلمية. - خلط معيب بين الدين والعلم.. رغم أن الدين يقوم علي اليقين، والعلم يقوم بالشك. كما أن أخلاقيات العلم والتكنولوجيا لابد وأن ترجع إلي منظومة القيم التي يعلمها لنا الدين. - انتشار الخرافة والعلم الكاذب.. فخزعبلات التنجيم والأبراج وقراءة الكف تقدم باسم العلم، وهي علوم كاذبة. وفي المقابل، فإن مخاطر غياب الثقافة العلمية تكمن في: - غياب الرؤية الاستراتيجية التي تجعلنا ندرك التحديات، ونرصد الإمكانيات، ونقوم بتنمية الكوادر القادرة علي تحقيق الأهداف. - الوضع الديكوري للتعامل مع العلم علي اعتبار أنه من مستلزمات الديكور في حياتنا، وبالتالي، تصبح الثقافة العلمية ديكور الديكور. - عدم الاهتمام بنجوم العلم كقدوة مجتمعية.. لدرجة أنهم أصبحوا مهمشين أمام نجوم الفن والكرة. - اللجنة البيروقراطية للمجال أي تشكيل لجان الثقافة العلمية بدون رؤية أو مخصصات. يقترح د. أحمد شوقي بعد ذلك أن تكون البداية من خلال ما أطلق عليه (ضبط الجودة) بحيث يتم عرض ما يقدم من ثقافة علمية سواء في الجرائد والمجلات أو علي التليفزيون والقنوات الفضائية علي الخبراء المتخصصين للحفاظ علي مضمون الثقافة العلمية. أعتقد أن أهم ما يميز كتاب د. أحمد شوقي هو الجزء الخاص بقائمة الشرف التي ضمت نماذج عديدة بداية من كل من: الراحل العالم العضوي د. أحمد مستجير الذي أنجز مشروعاً عن زراعة الحبوب في الأراضي المالحة، ود. سمير حنا صادق (أستاذ الطب المتميز) الذي اهتم بنشر الثقافة العلمية ومحاربة الخرافات والممارسات اللاعلمية في الطب والحياة، وصلاح جلال الذي أشرف علي القسم العلمي بالأهرام وأسس نوادي العلوم. ومروراً بكل من: الشاعر فاروق شوشة الذي أعطي جهده ووقته للمشاركة في أنشطة الثقافة العلمية ونقد أدبياتها، ود. إسماعيل سراج الدين (مدير مكتبة الإسكندرية) الذي قدم نموذجاً للإدارة العلمية لمكتبة الإسكندرية. وصولاً إلي كل من: د. سامح سعيد الذي قام بإنشاء مركز كشفي للعلوم والتكنولوجيا، ود. خالد منتصر الذي يؤمن بالعلم ولا يطيق الدجل والخرافة، ومحمد جمال غيطاس الذي اختار الصحافة العلمية المتخصصة.