في الأساطير الإغريقية القديمة إشارة إلي محارب عظيم القوة وواسع الحيلة يدعي "أخيل" لم يكن باستطاعة أي ضربة أن تؤثر فيه أو أي سيف أن يخترق جسده، وكان الأعداء يحسبون له ألف حساب، ويخشونه أشد ما تكون الخشية، وكان مصدر قوة أخيل هو أنه لا يعرف أحد نقطة ضعفه التي يمكن اختراقه منها.. والسر في ذلك هو أن أمه عندما كان صغيراً قامت بوضعه في ماء نهر ساتيكس السحري، وأكسبه ذلك مناعة ضد أي أخطار، ولكن عندما كانت أمه تضعه في الماء كانت تمسكه من كعبه حتي لا يجرفه التيار، وبالتالي لم يغط الماء السحري ذلك الجزء الصغير من جسده، وعندما كبر أخيل ظهر أمام الجميع بمناعته ضد أسلحة الأعداء، ولكن في حرب طروادة، قام أحد الجنود الأعداء الذي عرف نقطة ضعف أخيل من شخص مقرب منه بتوجيه سهمه علي كعب أخيل، وهو المكان الوحيد الذي يمكن إصابته فيه. وكانت ضربة قاتلة، ومازال التعبير "كعب أخيل" يستخدم حتي يومنا هذا ليدل علي نقطة ضعف شخص ما أو خطة أو نظام، ويضرب مثلاً علي ضعف من نعتقد في أنه لا يمكن المساس به أو الاقتراب منه. والجماعة المحظورة التي أشرنا بالأمس إلي أنها اتبعت مبدأ سرير بروست، وفضلت أن تقطع ساقيها ليتناسب مع طول السرير، وفضلت أن تضحي بالعناصر الإصلاحية في تنظيمها لحساب "جماعة القطبيين"، هذه الجماعة كشفت للجميع خلال الأحداث الأخيرة فيها عن كعوب كثيرة.. وأظهرت للجميع مواطن الضعف فيها، وعناصر الوهن في تنظيمها وبنائها.. لقد أظهرت الانتخابات الأخيرة عدة مواطن ضعف، أولها: أن هذه الجماعة التي تتشدق بالحوار وبالتآخي وبقدرتها علي الآخرين والتحاور معها هي جماعة لا تستطيع احتواء أفرادها إن اختلفوا معها أو لم يلتزموا بقاعدة الطاعة العمياء فيها.. فقد تمت التضحية بعبدالمنعم أبوالفتوح وبمحمد حبيب، لا لشيء إلا لأن بعض أفكارهما قد بدأت تختلف مع أفكار الجماعة الرجعية، ومسلماتها غير المبررة... وإذا كانت الجماعة غير قادرة علي احتواء أفراد الجماعة، وغير قادرة علي التعامل مع من يختلفون معها من داخلها، فكيف سيكون حالهم في التعامل مع الأقباط مثلاً في حال إن ذهب الحكم إليهم؟ هل ستكون التصفية هي سبيلهم؟ هل سيتم القضاء علي كل من يختلف معهم؟ وثانيها: أن هذه الجماعة لها وجهان، وكلاهما للأسف سيئ، وجه سيئ معلن بأفكاره الرجعية، وبشعاراته غير القابلة للتطبيق، ووجه آخر أشد سوءاً يميل إلي الأصولية المتطرفة، وإلي تطبيق مبادئ سياسية مرفوضة مثل مبدأ بوش "من ليس معنا فهو ضدنا".. ومن ليس مع الجماعة فهو ضدها وعدوها.. وثالثها: أن هذه الجماعة التي تتشدق ليل نهار بأن القرآن دستورهم "مع أنه دستورنا جميعاً وليس قصراً عليهم أو احتكاراً لهم" هي جماعة انتهازية تطبق كثيراً من المعايير المكيافيللية وأبرزها أن "الغاية تبرر الوسيلة" وبالتالي من الممكن التضحية بكل شيء وبكل الأشخاص في سبيل تحقيق غايتهم.. وقانا الله منهم!