علي الفاتح مرة أخري ينتصر الوعي والضمير المهني داخل الجماعة الصحفية التي اثبتت بجدارة أن روح التنوير لا تزال حاضرة قوية في نقابة الصحفيين قلب النخبة المصرية، مرة أخري تنتصر المهنية لتفرض حقيقة صحفية اسمها مكرم محمد أحمد. يؤكد مشهد جولة الإعادة في انتخابات نقابة الصحفيين أن السواد الأعظم منهم لا يزال واعيا ونابضا بالاستنارة، وقادرا علي توجيه الرأي العام نحو المسار الصحيح. إن اختيار مكرم محمد أحمد لم يكن انحيازا لمرشح الحكومة كما ادعي من أرادوا اختطاف النقابة لصالح تيار سياسي بعينه، وإنما كان اختيارًا لنقيب قوي قادر علي استيعاب الجميع ويعي حقيقة الدور الذي تلعبه نقابة النخبة في القضايا الوطنية، دون أن تلوثه السياسة ودون أن يميل بالنقابة لتكون حزبا سياسيا. نقيب يدرك الشعرة التي تميز بين الدور النقابي والعمل السياسي إنه مكرم محمد أحمد والذي صوتت له كل الأطياف السياسية من الناصريين والإسلاميين والماركسيين والليبراليين الذين يدركون قيمة مهنة الصحافة وقوة معني أن يكون نقابي ومهني مثل الأستاذ مكرم بتاريخه علي رأس نقابتهم. كل هؤلاء أدركوا الخطر الذي كان يحدق بالنقابة، فانتفضوا ليلقنوا رافعي الشعارات السياسية درسا في العمل النقابي، وظني أن معظهم تكاسل في الجولة الأولي اقتناعا بفوز الأستاذ مكرم لا محالة، ولعل ما حدث يكون درسا لكل المهنيين ليعرف كل منهم قيمة صوته كفرد، وأن المسلمات كفوز مكرم لا تتحقق إلا إذا شاركنا جميعا دفاعا عن مهنتنا. إن الخطأ الأهم الذي وقع فيه ضياء رشوان منذ اللحظة الأولي لإعلان ترشحه والذي اعتبره جريمة نقابية نال عقابها تمثل في طرح نفسه بوصفه مرشح المعارضة، وهو ما تجلي في برنامجه الانتخابي بتبنيه شعارات سياسية اعتبرت أن التغيير في نقابة الصحفيين الخطوة الأولي لتغيير مصر، وأن استقلال النقابة بداية لاستقلال مصر. لم ينكر رشوان أنه قادم ليكون نقيب المعارضين كما لم ينكر مؤيدوه من اليساريين والإخوان ويكفي دعم المحظورة الفج وصحف ما يعرف بتيار اليسار الإخواني والتي يرأس تحريرها يساريون متأسلمون وبعبارة أخري متأخونون، وقفت وراء حملة ضياء وحاول رؤساؤها دون جدوي اقناع الصحفيين عبر شاشات الفضائيات أثناء انتخابات جولة الإعادة تصوير المعركة علي أنها خناقة الحزب الوطني والدولة مع أحزاب المعارضة قاطبة، زاعمين أن الخدمات التي جاء بها الأستاذ مكرم إنما هي رشاوي حكومية، متناسين أن الرجل قاتل مع الحكومة ووزرائها من أجل انجازها، وكان من الممكن أن يفوز الأستاذ ضياء وهو ما لم يقدره الله وإرادة الصحفيين وهذا لا يعني بالطبع إلغاءها أو التراجع عنها. وأرجو أن يتحلي هؤلاء بالشجاعة الكافية ويمتنعون عما يعتبرونه رشاوي انتخابية. إن ضياء رشوان حاول أن يبيع السياسة في حارة الصحفيين فوجدها سدًا أمام كل من يحاولون تسييس العمل النقابي في مصر، بل وثبت بالدليل العملي فشل حسابات الباحث السياسي نتاج تراكم خبرته في النظم السياسية وشئون الانتخابات التي ادعاها حين راح ينظر وذهب يحلل حملة الأستاذ مكرم الانتخابية بعد الجولة الأولي ويقول إنها حولته أي رشوان إلي ضحية كسبت تعاطف المزيد من أصوات الصحفيين. لا أنكر أن رشوان حصد (0051) صوت لكن قراءة سريعة لطبيعة هذه الأصوات تكشف أنها تتوزع بين أصدقائه الشخصيين وأبناء عمومته من الصعايدة، وبعض المسيسين الذين اعتادوا الجري وراء من يقدم نفسه كمرشح للمعارضة، ونؤكد هنا علي دعم المحظورة، فضلا عن 002: 003 صوت انتخابي من الشباب الذين عينوا في صحف التظاهر الخاصة التي لا تنشر إلا نفس اللافتات التي يرددونها، وهي الفئة التي أؤكد ضرورة الانتباه إليها من أجل الارتقاء بأدائها المهني. كنت واحدا من بين أكثر من 0042 صحفي صوتوا للأستاذ النقيب إدراكا لقيمته وقامته، ووعيا بأن استقلال النقابة الذي صدعوا رءوسنا به يتحقق مع نقيب قدير مثل الأستاذ مكرم وطالما سألني بعض أنصار رشوان لماذا مكرم؟ هل من أجل خدماته وكانت إجابتي وستظل إنه مكرم محمد أحمد.