بعيدا عن الكلام العاطفي الذي لا يشبع ولا يغني من جوع، بيننا والسودان نهر النيل، وهذا وحده يكفي لكي نحافظ علي العلاقات الوثيقة بين البلدين وألا نسمح للجهلاء من إعلامي الصدفة بإفسادها، أو حتي إصابتها ببعض الشروخ كما حدث عقب ملحمة استاد أم درمان بين مصر والجزائر. في يوليو الماضي كانت مصر كلها تتحدث عن مياه النيل، بمناسبة عقد اجتماع وزراء دول حوض النيل لتوقيع اتفاق إطاري جديد للتعاون بين دول الحوض، وقرأ وسمع وشاهد المصريين جميعا، عن الخلافات بين مصر والسودان من ناحية وبقية دول حوض النيل من ناحية أخري. ويبدو من مفاوضات دول النيل وجود جبهتين الأولي من مصر والسودان، والثانية من ثماني دول، ولولا وجود السودان إلي جانب مصر، لأصبحنا في موقف تفاوضي ضعيف، لكننا مصر والسودان نشد أزر بعضنا البعض، ونقف سويا في وجه المواقف الداعية إلي إلغاء اتفاقيات تقسيم المياه القديمة والتوقيع علي اتفاقيات جديدة تؤثر علي حصتنا من المياه. ولو كان هذا فقط ما بيننا وبين السودان لعضضنا عليه بالنواجز.. فنحن نرتبط بمصير مشترك، ونهر يتدفق من الجنوب حاملا الحياة والخير إلي كل المصريين والسودانيين، ومن أجل هذا الرابط المصيري يجب أن نحافظ علي علاقتنا بالسودان، وأن نتعامل معها بشكل مختلف عما حدث عقب مباراة الخرطوم. لن أتحدث عن العلاقات التاريخية والمصاهرة التي تجمع عشرات الآلاف من المصريين والسودانيين، ولا عن التاريخ، ولا عن الأحزاب التي لا تزال تدعو للوحدة بين مصر والسودان.. لكن أتحدث عن المصالح المشتركة، ولا توجد مصلحة أكبر من مياه النيل لتجعلنا لا نحافظ فقط علي العلاقات التاريخية مع السودان، وإنما يجب أن ننتقل بهذه العلاقات خطوات عديدة إلي الأمام. من أجل النيل الذي نشرب منه جميعا أستحلفكم بالله أن تحافظوا علي ما بيننا وبين السودان، حتي لا يأتي يوم نتساءل فيه كيف أضعنا السودان؟.. وقد كان إلي جوارنا دائما داعما وشقيقا حقيقيا في زمن عزت فيه الصداقة، وتكاثرت علينا السهام من كل صوب وحدب.