تشهد الساحة السياسية المصرية مؤشرات واضحة لمقدمات تغييرات قد تكون هيكلية إبان الاعوام القليلة القادمة. أول هذه المؤشرات هو الدور الاعلامي المؤثر في انكشاف البني التحتية للقوي السياسية التي ظلت منذ تأسيسها شبة سرية مثل حركة الإخوان المسلمين التي أصبح الحراك داخلها يشوبه العلنية وبدا ذلك جليا في أزمة تصعيد الدكتور عصام العريان لمكتب الارشاد وما تلاها من حراك شمل منصب المرشد العام وتناقلت كل وسائل الإعلام ماهية البني التحتية للجماعة والفوقية مثل مجلس الشوري ومكتب الارشاد وغيرها من المستويات التنظيمية، وتعرف الشارع المصري علي التيارات المختلفة من إصلاحيين وراديكاليين داخل الجماعة وصارت مؤشرات التغيير داخل تلك الجماعة بين أكف الرأي العام. وعلي الجانب الآخر تم نفس الشيء مع الكنيسة القبطية الارثوذكسية، وباتت اخبارها العلنية جزءًا لا يتجزأ من مهام وظائف الاعلام المختلفة، وانشغل الرأي العام بالصراعات داخل البلاط البابوي، وأدرك الجمهور غير المسيحي البنية التنظيمية للكنيسة الارثوذكسية ولائحة انتخاب البطريرك والصراع بين العلمانيين والاكليروس، والأطروحات المختلفة حول مستقبل الكنيسة في المرحلة القادمة. وينسحب نفس الأمر علي الحزب الحاكم الذي فرضت وسائل الاعلام المختلفة سطوتها عليه وتحولت كل جلسات مؤتمر العام إلي اهتمام الجمهور في المنازل والحقول.. ودارت حوارات خارج المؤتمر ليست أقل من التي دارت داخل أورقته بين مؤيدين ومعارضين.. وبلغ الفضول حول مرشح الحزب القادم للرئاسة مداه في جميع وسائل الإعلام المختلفة، وكذلك ملامح التغيير الوزاري القادم حتي صار الرأي العام طرفاً أصيلاً في هذه القضايا، ولكن أخبار أحزاب المعارضة رغم امتلاكها للصحف لم تعد في متناول الرأي العام الذي انصرف عنها ولم يعد يهتم بما يكفي بها نظراً للخلافات الحادة بين قيادتها وعدم طرحها قضايا ومقترحات سوي مشاريع ضد الحزب الحاكم! وسارعت بعض الفضائيات بجمع قادة المعارضة المدنية مثل الوفد والتجمع والجبهة الوطنية والناصري مع جماعة الاخوان المسلمين وطرحت عليهم سؤالاً مهما: من مرشحكم للرئاسة عام 2011، فلم يرد أحدهم بالايجاب واعتمد البعض الآخر علي ما تواتر من أخبار حول بعض الشخصيات مثل الدكتور البرادعي أو عمرو موسي التي طرحت نفسها عبر الاعلام كمرشحين للرئاسة عام 2011، ومع احترامي لكل تلك الشخصيات وهذه الأحزاب فإن استيراد مرشحين من خارج الأحزاب يؤكد علي الخواء القياداتي لأحزاب المعارضة. أما الحركات الاحتجاجية علي اختلاف مسمياتها فهي تتراوح بين خطاب "سوقي" يقترب من افيهات المقاهي مثل "مايحكمش"! او خطاب نخبوي أكاديمي وكأن الشعب المصري طلاب في كلية من كليات العلوم السياسية.. والمطلوب منه في نهاية العام الإجابة عن سؤال التغيير في مصر! وبخبرة تتجاوز الثلاثين عاماً في العمل السياسي فإن كل المكونات المسماة جبهات سوف تنفرط قبل الانتخابات البرلمانية في 2010 حين يقسم الحزب الحاكم الحصص مع الأحزاب المعارضة والجماعة إياها، ويتبقي بعض الطلاب بمفردهم ما بين عالمهم الافتراضي ومدوناتهم وسلم نقابة الصحفيين. وهكذا فإن وسائل الإعلام كشفت الغطاء عن كل هؤلاء ولكنهم مازالوا يعبرون علي احداث التغيير من خلال الفضائيات والصحف الخاصة.. بعيدًا عن أصحاب المصلحة الحقيقيين الذين لا يثقون إلا في مؤسسة الرئاسة فحسب.. والله أعلم.