كتبت قبل ذلك عن موقع (ذاكرة مصر المعاصرة) الذي أطلقته مكتبة الإسكندرية منذ عدة شهور، وهو الموقع الذي يضم توثيقًا لتاريخ مصر سواء علي مستوي الأحداث أو الأشخاص أو الصور والأفلام النادرة. وذلك بهدف مواكبة العصر من خلال الإنترنت من جهة، ولنشر التاريخ الذي لا يعرفه الكثير منا الآن من جهة أخري. ولقد أضافت مكتبة الإسكندرية إلي موقع (ذاكرة مصر المعاصرة) ضمن أنشطتها المهمة مجلة جديدة بالاسم نفسه، ولقد صدر العدد الأول منها. وهي مجلة تتسم بأنها تجمع بين الطابع العلمي والأسلوب البسيط الذي يجعلها متاحة للقراءة للجميع.. خاصة الشباب لما اتسمت به من بساطة في عرض المعلومات التاريخية مع الاستعانة بالصور النادرة. تضم المجلة العديد من الموضوعات المهمة والصور النادرة، وعلي سبيل المثال: دراسة قيمة عن أول برلمان مصري (مجلس شوري النواب) سنة 1866، وقد تضمنت الدراسة نماذج للعديد من الوثائق المهمة، وفي مقدمتها أقدم مضبطة في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية في 22 أكتوبر سنة 1866. ومن المقالات الطريفة تلك التي تناولت زيارة السلطان العثماني عبدالعزيز إلي مصر في أبريل سنة 1863 في عهد الخديو إسماعيل، وملابسات إتمام هذه الزيارة وبرنامجها وما حدث فيها.. تلك الزيارة التي لم يبق أثر منها سوي اسم عبدالعزيز الذي تم إطلاقه علي أحد شوارع القاهرة الممتد من ميدان العتبة الخضراء إلي قصر عابدين. وتضمن العدد أيضًا مقالاً مهمًا للدكتورة لطيفة سالم عن (الملك الذي هوي).. والمقصود بالطبع هو الملك فاروق الذي بدأ حياته محاطًا بحب الشعب ولكنه لم يستثمر ذلك ويوظفه؛ بل صار علي النقيض من خلال تصرفاته غير المحسوبة. ولقد حرصت مجلة (ذاكرة مصر المعاصرة) علي تناول بعض المصطلحات من زمن فات، علي غرار: بك (وهي كلمة تركية تعني كبير)، وألاجة (أي الشيء الملون بألوان كثيرة)، وألاي (أي الوحدة العسكرية) والسلحدار (أي حامل السلاح الذي يحمي سيف السلطان وبندقيته وقوسه ودرعه)، وأسطي (أي معلم أو خبير)، والباشا (وهو لقب فخري مرتبط بمكانة صاحبه في المجتمع). كما تضمن العدد أيضًا مقالاً نادرًا نشر بجريدة السياسة سنة 1923 للمستر هوارد كارتر بعنوان (تاريخ توت عنخ آمون)، بالإضافة إلي العديد من الصور النادرة للتنقيب والحفر عن المقبرة، ولزيارة الملك فؤاد للمقبرة، وللأمير فاروق (ولي العهد) مع هوارد كارتر. وهو ما جعل الموضوع بمثابة استعراض لتاريخ اكتشاف المقبرة بما يحمله من تفاصيل وأحداث كثيرة. تحية تقدير وإشادة علي هذا المشروع لكل من: د. إسماعيل سراج الدين (مدير مكتبة الإسكندرية)، ود. خالد عزب (المشرف علي مشروع ذاكرة مصر المعاصرة) الموقع والمجلة الجديدة التي يرأس تحريرها. إن (ذاكرة مصر المعاصرة) سواء الموقع والمجلة هو إعادة إحياء للذاكرة التاريخية والوطنية المصرية التي يتهمها البعض بالنسيان والزهايمر المبكر.