أكد الرئيس المصري حسني مبارك أن منتدي التعاون بين الصين وأفريقيا يهدف إلي طرح المزيد من فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وفتح آفاق جديدة لإقامة مناطق اقتصادية صينية خاصة في الدول الافريقية كما هو موجود بمصر في شمال غرب خليج السويس. وقال مبارك في الكلمة التي ألقاها أمس في افتتاح المؤتمر الوزاري الرابع لمنتدي التعاون بين الصين وأفريقيا بمركز المؤتمرات بمدينة شرم الشيخ، إن منتديات التعاون الصينية الافريقية تعزز التعاون الاقتصادي. وشدد علي ضرورة التمسك بحق أفريقيا في الحصول علي الدعم المادي والفني لمواجهة تغير المناخ، بالنظر إلي أن شعوبها هي الأكثر تضررا من تداعيات هذه القضية رغم أنها الاقل اسهاما في التسبب في أضرارها. وطالب مبارك بضرورة التزام الدول الصناعية بخفض انبعاثاتها ودعم خطوات أفريقيا للتعامل مع تداعيات تغير المناخ وعلاج التصحر والجفاف والفيضانات التي تهدد مناطق كثيرة في مختلف أنحاء القارة الافريقية، وإلي نص كلمة الرئيس: السيد ون جياباو رئيس مجلس الدولة بجمهورية الصين الشعبية، والرئيس المشارك لمنتدي التعاون بين الصين وأفريقيا. الإخوة الأعزاء رؤساء الدول الأفريقية الشقيقة ورؤساء التجمعات الاقتصادية الإقليمية. السيد جان بينج رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي. السيدات والسادة رؤساء الوفود. الإخوة والأخوات أرحب بكم في شرم الشيخ.. مدينة السلام.. علي أرض سيناء.. معبر أفريقيا نحو الشرق.. وجسر التواصل بين الشعوب الافريقية والآسيوية علي مر العصور. أرحب بكم في افتتاح هذا المنتدي المهم.. بعد بضعة أسابيع من احتفال جمهورية الصين الشعبية بالعيد الستين لاستقلالها الوطني.. ومع بداية العام العاشر لانطلاق "منتدي التعاون بين الصين وأفريقيا".. ليرسي دعائم مرحلة جديدة للعلاقات بين الجانبين.. و"مشاركة" تحقق تطلع أفريقيا والصين للسلام والأمن والتنمية. لقد كانت مصر أولي دول القارة التي اعترفت بجمهورية الصين الشعبية منذ أكثر من نصف القرن.. وساندت ولاتزال مبدأ "الصين الواحدة".. كما دعمت إنشاء هذا المنتدي منذ اليوم الأول باعتباره إطارا مؤسسيا للتعاون.. وانعكاسا لعلاقات وطيدة ومتميزة جمعت بين شعوب أفريقيا والصين عبر التاريخ.. ونموذجا فاعلا للتعاون المثمر بين الجنوب والجنوب. فتح الأسواق الإخوة والأخوات.. لقد التقينا في "بكين" شهر نوفمبر عام 2006 في أول قمة لهذا المنتدي منذ انطلاقته عام 2000 واعتمدنا "خطة عمل" لتعزيز علاقات المشاركة والتعاون بين الصين وأفريقيا، كما اعتمدنا "برنامج عمل" شاملاً.. تضمن مشروعات محددة لتعزيز التعاون في مجال الزراعة.. لزيادة الانتاجية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي لشعوبنا، أعطي هذا البرنامج أولوية متقدمة لمشروعات البنية الاساسية، ودعا لخطوات ملموسة لتخفيف أعباء الديون الخارجية الافريقية، كما دعا لزيادة مساعدات التنمية الرسمية.. وفتح الاسواق الصينية أمام المنتجات الافريقية.. وأولي عناية خاصة لتعزيز الاستثمار والتعاون المشترك في مجالات التعليم، والصحة والبيئة والتنمية البشرية والسياحة.. وغيرها. إننا نلتقي اليوم في شرم الشيخ.. كي نؤكد من جديد التزامنا بالمبادئ التي ارتضيناها أساسا لمشاركتنا.. نتناول بالتقييم ما حققنا منذ قمة "بكين" حتي اليوم.. ونضع معالم تحركنا خلال المرحلة المقبلة. لقد حققنا معا نجاحات عديدة علي مدار السنوات الثلاث الماضية.. يقترب التبادل التجاري بين الصين وأفريقيا حاليا من المائة مليار دولار سنويا.. ونشهد زيادة مطردة في حجم الاستثمارات الصينية والمشروعات المشتركة بدول القارة. كما أننا واجهنا معا تحديات عديدة.. كان أخطرها أزمة الارتفاع غير المسبوق في الأسعار العالمية للسلع الغذائية العام قبل الماضي.. ثم الأزمة الراهنة للاقتصاد العالمي التي تستمر تداعياتها إلي اليوم. لقد جاءت هذه الأزمة لتضيف للتحديات التي تواجهها الدول الافريقية وباقي الدول النامية.. تحديا جديدا.. وأعباء جديدة. وإذا كانت الدول المتقدمة قادرة علي الخروج من هذه الازمة بحلول العام القادم.. فإن الدول النامية والدول الافريقية علي وجه الخصوص.. سوف تحتاج لفترة أطول لمعالجة آثار الازمة وتداعياتها.. سواء ما يتعلق منها بزيادة مديونياتها.. أو تراجع معدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي.. وانخفاض صادراتها.. وارتفاع معدلات البطالة.. فضلا عن تراجع فرص الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية.. وارتفاع تكلفة الائتمان.. مما يحول في النهاية دون توافر الموارد اللازمة لتمويل خطط التنمية بأفريقيا ودول العالم النامي. تعميق التعاون الإخوة والأخوات.. ينعقد هذا المنتدي تحت عنوان "تعميق التعاون بين الصين وأفريقيا لتحقيق التنمية المستدامة".. إن تحقيق هذا الهدف المشترك.. يتطلب في تقديري تأكيدكم علي عدد من المبادئ والأولويات.. أوجزها فيما يلي: أولا: تأكيد المبادئ التي قام عليها "منتدي التعاون بين الصين وافريقيا" والتمسك بمفاهيم التكافؤ والتعاون الجاد والمنافع المتبادلة. ثانيا: تواصل الحوار والتشاور وتنسيق المواقف بين الصين وافريقيا.. للدفاع عن مصالح شعوبنا في المحافل والتجمعات الدولية. ثالثا: تعزيز التعاون علي المستويين الثنائي والقاري.. لدعم الجهود الافريقية لتحقيق السلام والأمن في القارة.. باعتباره الركيزة الأولي لتحقيق التنمية الشاملة لشعوبها. رابعا: تضافر جهود الصين وأفريقيا.. لترسيخ مفاهيم الديمقراطية في العلاقات الدولية.. ونبذ ازدواج المعايير علي الصعيدين السياسي والاقتصادي. خامسا: التصدي لتهميش أفريقيا والعالم النامي في آليات صنع القرار الدولي، والمطالبة بمشاركة أكبر في المؤسسات والتجمعات الاقتصادية والمالية الدولية.. خاصة مجموعة "الثمانية" ومجموعة "العشرين".. بما يتيح الإسهام الفاعل.. في صياغة نظام اقتصادي وتجاري جديد.. يصحح التناقضات القائمة.. ويراعي مصالح شعوب الجنوب التي تشكل ما يزيد علي ثلثي سكان العالم. سادسا: مطالبة الدول المتقدمة.. بحكم مسئوليتها عن الازمة المالية والاقتصادية العالمية.. بضرورة النهوض بالتزاماتها.. لمعالجة تداعيات هذه الازمة علي اقتصادات الدول الافريقية.. ودعم قدراتها علي تحقيق برامج التنمية ومكافحة الفقر.. وبرامجها لتحقيق الامن الغذائي.. علي وجه الخصوص. سابعا: العمل سويا للاسراع بإنهاء جولة الدوحة للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف.. علي نحو يراعي مصالح الدول الافريقية.. ويضع حداً للسياسات الحمائية التي تتبناها الدول المتقدمة.. ويتيح للصادرات الافريقية والزراعية منها علي وجه الخصوص.. النفاذ إلي الاسواق العالمية. ثامنا: التأكيد علي ضرورة وفاء شركاء التنمية بتعهداتهما تجاه دول القارة.. سواء فيما يتعلق بتخفيف عبء المديونية.. أو زيادة مساعدات التنمية الرسمية والاستثمار الاجنبي المباشر. وهي تعهدات قطعتها الدول المتقدمة علي نفسها منذ سنوات عديدة.. ومازالت تنتظر التنفيذ لتتيح لدول القارة مواصلة برامج التنمية.. وتحقيق أهداف الالفية التنموية التي شارك الجميع في اعتمادها منذ مطلع هذا القرن. تاسعا: التمسك بحق أفريقيا في الحصول علي الدعم الفني والمادي، اللازم لمواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ.. التي تعد شعوبها الأكثر تضررا منها.. رغم أنها الاقل اسهاما في مسبباتها. مع السعي في "مؤتمر كوبنهاجن" الشهر القادم، من أجل اقرار خطة عمل عادلة ومتوازنة.. تؤكد التزام الدول الصناعية المتقدمة بخفض انبعاثاتها.. وتدعم قدرات الدول الافريقية علي التكيف مع تداعيات تغير المناخ.. ومعالجة مشكلات التصحر والجفاف والفيضانات التي تهدد العديد من دول القارة. عاشرا: تأكيد حرص أفريقيا علي تعزيز التعاون مع شركاء التنمية.. في إطار مبادرة "نبياد" والتزامها في ذات الوقت "بملكيتها" لحاضرها ومستقبلها.. ووعيها بمسئوليتها عن التعامل مع المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها.. وعزمها علي النهوض بدورها الرئيسي في التغلب علي ما تواجهه من تحديات. المزيد من الفرص الإخوة والأخوات.. يتوازي مع لقائنا اليوم انعقاد "منتدي الاعمال الثالث" بين أفريقيا والصين.. الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ منذ الأمس. ينعقد هذا المنتدي..ليضيف لما حققته منتديات الاعمال المماثلة.. عامي 2003 في "أديس ابابا" و2006 في "بكين".. وليطرح المزيد من فرص التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين.. وآفاقا جديدة لاقامة مناطق اقتصادية خاصة للشركات الصينية في أفريقيا.. علي غرار المنطقة المقامة في مصر شمال غرب خليج السويس.. لتضم مصانع مشتركة في قطاعات متعددة.. تسد احتياجات شعوبنا.. وتصدر الفائض منها للأسواق العالمية.. وتخلق فرص عمل جديدة للشباب. استثمارات مشتركة أثق أنكم تشاركونني الاقتناع بأهمية هذا المنتدي في تعزيز وتنمية الاستثمارات المشتركة بين الجانبين.. في شتي قطاعات الانتاج والخدمات.. وإنني علي ثقة من أن المشاركين في فعالياته من المسئولين والعاملين في القطاعين العام والخاص علي الجانبين، سوف يحرصون علي التوصل خلاله الي مشروعات مشتركة.. واتفاقات محددة.. تعكس رؤيتنا لتعميق التعاون بين الصين وأفريقيا.. وتدعم خطط التنمية الشاملة في بلادنا. واستكمالا لمنظومة التعاون والتواصل بين الصين وأفريقيا.. وادراكا للدور الحيوي الذي تضطلع به المرأة في مجتمعاتنا.. علي المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. فقد أسعدنا أن تستضيف القاهرة شهر أكتوبر الماضي "المنتدي الاول للتعاون بين المرأة الصينية والافريقية". جاء هذا المنتدي في مناقشاته ونتائجه.. ليعكس وعي الجانبين بمكانة المرأة في حياة شعب الصين وشعوب أفريقيا.. وليؤكد التمسك بتعزيز اسهامها في حياتنا السياسية والحزبية والبرلمانية والاقتصادية.. والتوسع في توليها للمناصب القيادية.. سواء في الاجهزة الحكومية.. أو مؤسسات القطاع الخاص.. ومنظمات المجتمع المدني، كما أكد هذا المنتدي الحرص علي تدعيم دورها في ترسيخ قيم وثقافة السلام في مجتمعاتنا.. واسهامها في تطوير منظومة الاقتصاد الوطني.. والارتقاء بقدرات المرأة الافريقية والصينية. أهمية دور المرأة إنني أتوجه معكم بالتحية والاشادة لمنتدي القاهرة للمرأة الافريقية والصينية، وللدور المتميز الذي قام به كل من "اتحاد نساء عموم الصين".. و"المجلس القومي للمرأة" في مصر، بالتعاون مع المنظمات النسائية الافريقية.. كما يهمني أن أشيد بالإعلان الختامي الصادر عنه.. وما تضمنه من برامج محددة للنهوض بأوضاع المرأة في مجتمعاتنا. الإخوة والأخوات.. لقد أثبتت الصين بتجربتها الناجحة خلال الثلاثين عاما الماضية أن التقدم الاقتصادي ليس حكرا لدول أو جنس أو لون.. بل هو متاح لجميع البشر.. ولكل من يبذل الجهد والعرق ويعمل بروح الفريق الواحد. إننا نعتز بما حققته بالفعل الشراكة بين الصين وأفريقيا.. إلا أن الطريق لايزال طويلا.. وأمامنا المزيد من العمل المشترك لتعزيز التعاون بيننا.. لنصل به لآفاق جديدة ومجالات جديدة. لقد كانت قمة "بكين" منذ ثلاث سنوات.. خطوة رائدة علي هذا الطريق.. ويأتي هذا المنتدي اليوم ليخطو بنا خطوة مهمة الي الأمام.. وإنني أتطلع لاعتمادكم غداً "إعلان" و"خطة عمل" شرم الشيخ.. وأثق في قدرتنا علي تنفيذ ما طرحناه من برامج التعاون خلال السنوات الثلاث المقبلة.. ولحين انعقاد قمة المنتدي بالصين عام 2012 أرحب بكم مجدداً علي أرض مصر.. وأتمني لكم وهذا المنتدي كل النجاح والتوفيق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.