أعلن المكتب الفيدرالي للإحصاء أن سويسرا أنفقت في عام 2008 قرابة 13.1 مليار فرنك في البحث العلمي والتنمية، أي ما يعادل 2.94٪ من الناتج القومي الخام والتنمية. وتقف سويسرا بذلك في ترتيب متقدم وسط الدول الأوروبية، طبقاً لتصنيف منظمة التعاون الاقتصادي، ليس في التمويل فقط، بل أيضاً في النجاحات التي يسجلها البحث العلمي التطبيقي. ويشكل تمويل البحث العلمي في سويسرا، إحدي دعائم الاقتصاد المحلي بشكل كبير، إذ تعتمد الشركات السويسرية علي الابتكار وتطوير الأفكار وتطويعها للاستخدام العملي، سواء في الصناعة أو حتي في قطاع الخدمات، ولذا فليس من المستغرب أن يكون 9.66 مليار فرنك من ميزانية البحث العلمي، تأتي مباشرة من خزينة الشركات علي اختلاف أنواعها، أي ما يعادل حوالي 70٪ من الميزانية الإجمالية، في حين تبلغ ميزانية البحث العلمي في الولاياتالمتحدةالأمريكية نفس هذا المبلغ تقريباً. أما الحكومة الفيدرالية والكانتونات في سويسرا فيتكفلان بالباقي، إما في صورة ميزانيات دائمة للجامعات والمعاهد العليا، أو من خلال تمويل حسب المشروعات التي يوافق عليها الصندوق الفيدرالي للبحث العلمي، الذي يغطي جميع الجوانب، من العلوم الطبيعية إلي المجالات الإنسانية النظرية. ويهتم تمويل البحث العلمي في سويسرا بتأهيل الكوادر الفنية والتقنية، التي يري فيها "رأس مال متجدد العطاء"، فكلما ساهم في تأهيله، كلما حافظ علي هذا الفريق العلمي علي كفاءته، إذ يعي الاقتصاد السويسري أن احتكاره للجديد والمتميز هو السلاح الوحيد الذي يمكنه من الحفاظ علي مكانته في العالم، لاسيما في مجال الأدوية والكيماويات والتقنيات الدقيقة والميكنة. ويري المكتب الفيدرالي للإحصاء في بيان له صادر بتاريخ 27 أبريل الماضي أن هذه النتيجة، تجعل من الصعب منافسة البحث العلمي في سويسرا، وهو ما سيفيد القطاع الاقتصادي بصورة إيجابية مقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي بالتحديد. إلا أن النقطة التي يتفق فيها كل من المكتب الفيدرالي للإحصاء وخبراء البحث العلمي، هي القلق من تراجع أعداد المؤهلين بشكل جيد للعمل في البحث العلمي، إذ يعمل في هذا القطاع 50250 شخصا 28.2٪ يحملون درجة الدكتوراه، و54٪ من خريجي الجامعات والمعاهد التقنية المتخصصة، بزيادة سنوية بمعدل 0.5٪، لكن هذه النسبة تتراجع تدريجياً من عام إلي آخر، بسبب عدم وجود الأعداد المناسبة للعمل في هذا المجال، إذ يبلغ عدد الشباب منهم الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و 29 عاما من كل ألف، أي أنه معدل لا يكفي لتعويض كبار السن، أو تجديد طاقات العمل.. والنتيجة الطبيعية لهذا الخلل هي لجوء نسبة غير قليلة من الشركات لتمويل البحث العلمي في الخارج، ويؤكد المكتب الفيدرالي للإحصاء أن نسبة كبيرة من الأموال التي تنفقها الشركات السويسرية علي البحث العلمي تصب في خارج البلاد، إذ لجأت العديد من الشركات لافتتاح فروع لها في بعض الدول الأجنبية، متخصصة في البحث العلمي، وهي تعتمد هنا علي الكفاءات البشرية المدربة جيداً بإشراف سويسري.. ويشير المكتب الفيدرالي للإحصاء إلي أن 2.4 مليار فرنك تذهب سنوياً من القطاع الخاص السويسري إلي معاهد أجنبية للقيام بأبحاث لحساب الشركات السويسرية، وللحديث بقية...