اندهشت لما جاء في مقال الدكتور حماد عبدالله في جريدة روزاليوسف الصادرة في 26 أكتوبر 2009م ومفاده أن العالم المصري الكبير أحمد زويل الحائز علي جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999م، كان قد تشدق قائلاً إن شعب مصر في جيبي. من الملاحظ أن زويل يعشق مصر ولا أعتقد أن يصدر عنه هذا الكلام، ولا يمكن أن ينسي أنه حضر إلي مصر قبل أن يذهب إلي بلده الثاني أمريكا فور انتهاء مراسم استلام الجائزة الكبري وهذا مرده إلي أنه يعرف تمام المعرفة أنه لن يلقي ما لقيه في مصر من استقبال عظيم وحفاوة لا نظير لها في أي بلد آخر بما في ذلك أمريكا. أما لماذا لم يلق ذات الحفاوة في بلاد العم سام فسوف تبينه المعلومات التي تتعلق بعدد مرات حصول علماء وأدباء وخبراء الدول علي جائزة نوبل. بداية يجب أن نلقي بعض الضوء علي جائزة نوبل التي يتطلع إليها الكثيرون. لقد كتب الفريد نوبل، العالم السويدي، وصيته في عام 1895م التي خصص فيها الجزء الأكبر من ثروته لإنشاء المؤسسة المنوط بها تنفيذ الوصية حيث بدأت في عام 1901 في منح جائزة نوبل في مجال الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام. وحدد نوبل المؤسسات التي تتولي اختيار مستحقي الجائزة: الأكاديمية الملكية السويدية لجوائز الفيزياء والكيمياء ومعهد كارولينسكا لجوائز الطب (الأكاديمية السويدية لجوائز الأدب) ولجنة من خمس شخصيات لاختيار الفائز بجائزة نوبل في السلام. الجدير بالذكر أن مؤسسة ريكسبانك (البنك المركزي) قد قامت في عام 1968 بإنشاء جائزة في الاقتصاد وأسندت أمر اختيار الفائزين للأكاديمية الملكية السويدية. لقد بلغ عدد الدول التي حصل مواطنوها علي جائزة نوبل حوالي 67 دولة موزعة علي قارات العالم. ويمكن ترتيب وتصنيف الدول حسب عدد المرات التي حصل مواطنوها علي هذه الجائزة. وكالعادة فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية تحتل المرتبة الأولي في قائمة هذه الدول بواقع 320 جائزة وتليها المملكة المتحدة (116 جائزة) وتأتي ألمانيا في المرتبة الثالثة (103 جوائز) وفرنسا في المرتبة الخامسة (57 جائزة) والسويد مسقط رأس ألفريد نوبل تأتي في المرتبة السادسة بواقع (28 جائزة) وتحتل سويسرا المرتبة السابعة بعد أن حصلت علي (25 جائزة) وتأتي روسيا في المرتبة الثامنة (22 جائزة) وتتشارك كل من النمسا وإيطاليا في المرتبة التاسعة بواقع (20 جائزة) لكل منهما وكندا وهولندا تتقاسمان المرتبة العاشرة (18 جائزة لكل منهما) واليابان تتربع علي المرتبة الحادية عشرة (16 جائزة) تليها الدنمارك في المرتبة الثانية عشرة (13 جائزة) ثم بلجيكا في المرتبة الثالثة عشرة (11جائزة). وتتشارك كل من استراليا والمجر وبولندا في المرتبة الرابعة عشرة (10 جوائز). المثير للدهشة أن الهند وإسرائيل وجنوب أفريقيا يتشاركون في المرتبة الخامسة عشرة (9 جوائز لكل منهم). أما أيرلندا فتحتل المرتبة السادسة عشرة (8 جوائز) تليها إسبانيا ذات المرتبة السابعة عشرة (7 جوائز) ثم الصين الثامنة عشرة (6 جوائز). كما تلاحظ أن المرتبة التاسعة عشرة تحتلها الأرجنتين وجمهورية التشيك (5 جوائز) وتليها مصر في المرتبة العشرين (4 جوائز) تليها المكسيك ونيوزيلندا ورومانيا (3 جوائز لكل منهم) ثم بنجلاديش والبوسنة والهرسك وتشيلي واليونان وجواتيمالا وإيران والبرتغال وسانت لوشيا وأوكرانيا (جائزتان لكل منهم) وأخيرًا الدول التي حصل منها مواطن واحد علي الجائزة ومنها أذربيجان وبلغاريا وكولومبيا. ومن الملاحظ أن الجائزة تحسب للدولتين في حالة ما إذا كان الفائز يتمتع بجنسيتين إحداهما طبيعية (جهة الميلاد) والأخري مكتسبة كما يتبين من ردود الأفعال في كلا البلدين فمثلا جائزة نوبل التي حصل عليها العالم المصري الأمريكي أحمد زويل تضاف إلي رصيد البلدين. لعل ما لم يثر دهشتنا أن البلد الذي ولد فيه زويل احتفي به أكثر من موطنه الثاني الذي يعمل به. السبب ببساطة أن أمريكا بها 320 شخصية حصلت علي جائزة نوبل في الطب والفسيولوجي (92 عالما) وفي الكيمياء (56 عالمًا) وفي الفيزياء (81 عالمًا) وفي الاقتصاد (39 عالمًا) وبقية الجوائز في مجالي الأدب والسلام. وبالإضافة إلي ذلك فإن المؤسسة التي يعمل بها زويل وهي كالتك (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا) تضم ثلاثين عالمًا حصلوا علي جائزة نوبل في العلوم (الفيزياء والكيمياء) والطب. وربما يفسر هذا سر تواجد زويل في مصر بعد استلام الجائزة مباشرة. لعله خشي ألا يشاركه أحد فرحة الفوز بالجائزة، تمامًا كما حدث في مجال الرياضة حيث لم تقم السرادقات في الشوارع الأمريكية احتفالاً واحتفاءً بالسباح الأمريكي مايكل فيلبس الذي حصل بمفرده علي 14 ميدالية ذهبية في أولمبياد أثينا 2004م وأولمبياد بكين 2008م. وفي ظني فإن هذا ليس تجاهلاً لهذا أو ذاك بل مرده إلي أن الشعب الأمريكي معتاد علي حصول علمائه علي جوائز نوبل منذ العقد الأول من القرن العشرين وعلي عودة أبطاله بالميداليات الذهبية منذ انطلاق الألعاب الأولمبية في عام 1896م.