رصدت دراسة حديثة صادرة عن مركز الزيتونة للدراسات الآثار الاقتصادية للحصار علي قطاع غزة التي تفاقمت منذ مطلع العام الجاري بعد انتهاء الحرب الاسرائيلية علي غزة. ملامح هذه الآثار تمثلت في انخفاض الدخل الحقيقي للفرد إلي أكثر من 50 ٪ عما كان عليه عام 1999 ليصل الي حوالي 850 دولارا فقط عام 2008، مما يعني انخفاض الناتج المحلي بما يزيد عن 40٪ قياساً بعام 1999، مما أدي إلي تغيير في الأنماط الاستهلاكية تزامن مع التراجع في الدخل وتفاقم ظاهرتي البطالة والفقر في الأراضي الفلسطينية، حيث وصلت نسبة البطالة في منتصف العام الحالي إلي 35.6 ٪ من مجموع القوي العاملة البالغة حوالي 348 ألف. ويقدر عدد العاطلين عن العمل بحوالي 124 ألف عاطل عن العمل يعيلون ما يقرب من 615 ألف نسمة أي ما يعادل 41 ٪ من مجموع سكان القطاع البالغ 1.5 مليون نسمة. وذكرت الدراسة أن انهيار البنية الاقتصادية لقطاع غزة ما زال مستمرا، سواء بالنسبة للموارد المادية الضعيفة تاريخيا ، أو بالنسبة للمنشآت الصناعية التي توقف أكثر من 90 ٪ منها عن العمل، وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع الزراعة الذي توقف عن التصدير بصورة شبه كلية ، إلي جانب التدهور الكبير في قطاع الإنشاءات والتجارة والخدمات في سياق التراجع الحاد للواردات والصادرات بصورة غير مسبوقة، إلي جانب إفلاس العديد من الشركات في قطاع غزة حيث هبط عدد المؤسسات من 17796 مؤسسة عام 2007 إلي 15483 مؤسسة بنسبة انخفاض 13 ٪. وأشارت الي أن الأسعار ارتفعت بشكل كبير دون تنفيذ أية برامج داعمة لقطاع الصناعة أو الزراعة أو الإنشاءات أو للفقراء بصورة ملموسة، مع ثبات الأجور وانخفاض الدخل لمعظم العاملين في قطاع غزة بالنسبة إلي العاملين في الضفة، فقد بلغ معدل الأجرة اليومية للمستخدمين في قطاع غزة 60.9 شيكل مقابل 85.5 شيكل في الضفة الغربية، مع العلم أن متوسط الأجر اليومي في القطاع الخاص نحو 40 شيكل. وأوضحت الدراسة أن الحصار الاقتصادي المشدد علي غزة شمل إغلاق المعابر والمنافذ وإلغاء الكود الجمركي الخاص بالقطاع ومنع رجال الأعمال الفلسطينيين من الخروج للعالم الخارجي ومنع دخول المواد الخام اللازمة للصناعة والتضييق علي البنوك في استجلاب الشيكل وفرض ضغوط علي البنوك في قطاع غزة بما يزيد من مشاعر اليأس والإحباط. وأشارت إلي أن استمرار عمليات إغلاق المعابر والتحكم بحركة الصادرات والواردات أدي إلي تراجع في الحركة اليومية للشاحنات التجارية بما أثر بشكل سلبي علي قدرات القطاعات الاقتصادية المحلية من ناحية وإحجام المستثمرين عن تنفيذ العديد من المشاريع الاقتصادية داخل غزة. واعتبرت الدراسة أن أكثر القطاعات الصناعية تضررا كان قطاع صناعة الأثاث والملابس والنسيج والصناعات الغذائية، إذ انخفضت عدد المنشات العاملة في قطاع صناعة الأثاث في غزة من 600 مصنع عام 2005 إلي نحو 120 مصنعا في يوليو2007 ثم تراجعت إلي أقل من 50 مصنعا في يوليو 2009 وانخفض عدد العاملين في صناعة الأثاث من 5,500 عامل إلي أقل من 200 عامل في يوليو 9002. وذكرت الدراسة أن الحصار منع الطلاب والمرضي والتجار من السفر إلي الخارج، مما أدي إلي حرمان هذه الفئات من التعليم والعمل والعلاج في الخارج ، حيث بلغ عدد الوفيات من المرضي بسبب الحصار 337 حالة وفاة حتي منتصف العام الجاري. كما واجه قطاع الإنشاءات علي وجه التحديد انخفاضا وتدهورا حادا ومتواصلا منذ منتصف 2007، حيث توقفت أكثر من 90٪ من شركات المقاولات عن العمل بسبب عدم توفر الاسمنت والحديد والحصمة التي ارتفعت أسعارها في السوق السوداء (ان وجدت) إلي أكثر من 800 ٪ إلي جانب توقف استيراد الأدوات الصحية والكهربائية وارتفاع أسعارها بنفس النسبة السابقة.