منذ أيام سافرت إلي مدينة الإسكندرية في رحلة عمل قصيرة، وقابلت صديقا وزميلاً عزيزا دعاني لزيارة مركز سوزان مبارك لرعاية صحة المرأة بالإسكندرية استجبت لدعوته الكريمة وذهبت للمركز فوجدته يقف شامخا علي شاطئ الإسكندرية يطل علي البحر الأبيض المتوسط، وما كدت أعبر من بوابة القصر، الذي يعود لأيام الأمير محمد علي- ولي عهد مصر الأسبق- حتي أحسست أن الحياة قد دبت فيه من جديد ولكن بصورة أخري، ليست امتدادا للماضي بل إعلان عن حاضر مجيد ومستقبل عظيم. رأيت ولأول مرة صرحا متكاملا يقوم علي أسس علمية لرعاية صحة المرأة في جميع المجالات الطبية والتي تشمل رعاية الحوامل لتحقيق هدف الأمومة الآمنة، وتقديم خدمات تنظيم الأسرة، والتشخيص المبكر لأورام الثدي وباقي الأورام النسوية وبه معامل لإجراء التحاليل والفحوصات الطبية التي تغطي معظم المتطلبات بالإضافة إلي عيادة للأسنان. وما لفت انتباهي هو نظافة المكان وأن جميع العيادات مزودة بالأجهزة والتقنيات الحديثة اللازمة للتشخيص والعلاج، لكن أكثر ما أبهرني ليست نظافة المركز ولا تجهيزه فقط بل، وهذا هو الأهم من وجهة نظري، أن هذا الصرح يشتمل علي مركز نموذجي لتدريب الأطباء والقائمين علي الخدمات الطبية وفق معايير تكاد تقارب العالمية. ويقوم المركز بتسويق تلك الخدمات "التدريبية" علي المستوي المحلي والعربي والأفريقي وتمشيا مع التقدم التكنولوجي، فإن المركز مزود بوحدة مؤتمر فيديو "فيديو كونفرانس" يمكن من خلالها الاتصال بالصوت والصورة بجميع المواقع العالمية للتشاور وتبادل الخبرات في مجالات التشخيص والتدريب. ومما لا شك فيه أن إقامة هذا الصرح يعد إنجازًا يرجع الفضل فيه لسيدة مصر الأولي ويستحق منا الثناء علي القائيمن علي العمل به. وبعد أيام من زيارتي لمركز السيدة سوزان مبارك بالإسكندرية سافرت إلي كيب تاون، العاصمة القديمة لجنوب أفريقيا، لحضور المؤتمر التاسع عشر للاتحاد الدولي للتوليد والطب النسائي. وجاء في كلمة الرئيسة السابقة لهذا الاتحاد/الدكتورة دوروثي شو أن العمل علي تخفيض معدل وفيات الأمهات بات حقا من حقوق الإنسان ولابد من تركيز الانتباه علي حق النساء الإنساني في الحمل والولادة الآمنة. وهنا تذكرت القيمة الاستراتيجية لمركز السيدة سوزان مبارك لرعاية صحة المرأة بالإسكندرية وقلت لنفسي إن مصر مازلت سباقة في بعض الأمور منها حقوق المرأة. وبالمناسبة فإني أنتهز الفرصة لتهنئة الرئيس الجديد للاتحاد الدولي للتوليد والطب النسائي وهو أ.د.جمال أبوالسرور- أستاذ التوليد وأمراض النساء بكلية طب الأزهر وهو ثاني مرة يتولي فيه مصري رئاسة هذا الاتحاد. والمعروف أن معدل وفيات الأمهات في أي مجتمع يعد مؤشرًا علي مدي ومقدار الرعاية الصحية التي تقدمها الدولة للمرأة، لأن هناك أكثر من نصف مليون حالة موت للأمهات تحدث عند الولادة في جميع دول العالم سنويا. والمعروف أيضا أن نسبة كبيرة من تلك الوفيات يمكن منعها من خلال تقديم الخدمات الصحية المناسبة وفي الوقت المناسب لذلك فإن السكوت علي معدل وفيات الأمهات الحالي في أي مجتمع يعد ضربا من ضروب انتهاكات حقوق النساء في الحياة والأمومة الآمنة. من أجل هذا وغيره قررت أن أكتب تلك الكلمات مناشدا سيدة مصر الأولي أن تتفضل وترعي إقامة مركز مماثل لرعاية صحة المرأة بمحافظة الغربية، علي غرار مركز الإسكندرية، أو فرع له. وأقترح إقامة هذا المركز بمدينة المحلة الكبري لأن فيها أعلي كثافة سكانية في مصر كما أن نسبة عمل السيدات بها عالية للغاية وكلي ثقة في أن جميع رجال الأعمال والقيادات السياسية والتنفيذية وأساتذة كلية طب طنطا وقيادات جامعة طنطنا لن يضنوا بجهد للمساهمة في إقامة هذا الصرح تقديرا للمرأة ودورها في المجتمع ولأن هذا حق من حقوقها علينا وأعتقد أنه إنشاء الرحمن فإن إقامة هذا الصرح سوف يضاف إلي إنجازات سيدة مصر الأولي حفظها الله.